الاخبار

حصاد السياسة السورية 2023

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

فند موقع سناك سوري أبرز المواقف السياسية المؤثرة التي شهدتها السياسة السورية خلال العام 2023 ، والتي كان أبرزها حسب الموقع عودة “سوريا” إلى مقعدها في الجامعة العربية بعد غياب طال 12 عاماً. واستعادة العلاقات السورية السعودية والتي كانت بوابة للعودة السورية عربياً.

ومنذ بداية العام فبعد أن ظنّ السوريون أنهم أخذوا استراحة من دموية الحرب إثر تراجع وتيرة المعارك إلى حد كبير منذ العام 2020 ، إذ كان فجر 6 شباط 2023 ،موعداً لا ينسى في تاريخ البلاد حيث حمل معه كارثة الزلزال التي لم يحدث مثيل لها منذ عشرات السنين. وتصادف وقوعها هذه المرة مع مرور البلاد بأزمة لم تعرف مثلها من قبل أيضاً.

وأعلن وزير الصحة السوري “حسن الغباش” أن عدد ضحايا الزلزال وصل إلى 1414 ضحية و2357 مصاباً. لكن عدد الضحايا في عموم البلاد بما في ذلك المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية وتحديداً “إدلب” وريف “حلب”. تجاوز 3 آلاف ضحية وأكثر من 5 آلاف مصاب.

 

وتهافتت قوافل المساعدات الإغاثية لنجدة السوريين في المحافظات المنكوبة. وأظهرت فزعة السوريين تجاه بعضهم خلال الزلزال حين أزاحوا الانقسام السياسي جانباً أنهم لا يزالوا يملكون شعوراً بوحدتهم ووحدة مصيرهم.

 

لكن انقسام المواقف استمر دولياً ،حين فشل مجلس الأمن الدولي بالتوافق على قرار لتمديد إدخال المساعدات إلى الشمال السوري من معبر “باب الهوى” الحدودي مع “تركيا”. ليأتي الحل من “دمشق” حين أعلنت الحكومة السورية سماحها باستخدام معابر “باب الهوى” و”باب السلامة” و”الراعي” لإدخال المساعدات. ما شكّل مخرجاً قانونياً لـ”الأمم المتحدة” لمواصلة عملها الذي زادت الحاجة إليه إلحاحاً عقب الكارثة.

 

على الصعيد الخارجي. تقاطرت المساعدات إلى الداخل السوري من عدة دول كان في مقدمتها “العراق” و”الإمارات”. إلى جانب الدول الحليفة لـ”دمشق” مثل “روسيا” و”إيران” و”الصين”. بينما كان وصول طائرة سعودية تحمل المساعدات إشارة رمزية إلى تعاطف سعودي مع “سوريا” ولفتة إلى تغيرات في موقف “الرياض” ستتطور لاحقاً.

 

بالمقابل كان مسار عودة “سوريا” إلى الجامعة العربية قد بدأ يتوضّح أكثر منذ بداية عام 2023. حين اقتنعت عدة أطراف بحتمية هذه العودة. وأن التواصل مع “دمشق” والتعاطي مع حكومتها خير من قطع لا يفيد لخطوط اللقاء.

 

إلا أن ذلك الأمر لم يكن سهلاً. فبينما كانت “الأردن” و”السعودية” أبرز من قاد هذا المسار، كانت دول أخرى مثل “قطر” متمسكة بموقفها الرافض للعودة السورية بذريعة أن “دمشق” لم تمتثل للشروط العربية التي أفضت إلى تعليق عضويتها في الجامعة العربية.

 

وفي أيار  بدا أن الأمور نضجت إلى حد بعيد. حين عقد اجتماع في العاصمة الأردنية. ضمّ وزراء خارجية “سوريا” و”السعودية” و”مصر” و”الأردن” و”العراق”. بهدف الاتفاق على إعادة “سوريا” إلى الجامعة. وإطلاق دور عربي لحل الأزمة السورية.

 

البيان الختامي للاجتماع كان واضحاً في تركيزه على ملفين أساسيين يتعلقان بمكافحة تهريب المخدرات من “سوريا” إلى الدول العربية. والعمل على العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين.

 

كما اتفق المجتمعون على دعم بسط السيادة السورية على كامل أراضيها. وإنهاء تواجد الجماعات المسلحة والتدخلات الخارجية فيها.

 

وفي 7 أيار أعلن رسمياً عن اتفاق مجلس الجامعة العربية على عودة “سوريا” إلى الجامعة بعد غياب دام 12 عاماً.

 

ولم تمضِ أيام على القرار حتى تلقّى الرئيس السوري “بشار الأسد” دعوة من العاهل السعودي الملك “سلمان بن عبد العزيز”. لحضور القمة العربية في “جدة”. الدعوة التي سيلبّيها “الأسد” لتكون أول قمة يحضرها الرئيس السوري منذ عام 2010 وقد أظهر ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” حفاوةً في استقبال “الأسد”. ليتوّج مسار عودة العلاقات السورية السعودية. والاتفاق على إعادة فتح سفارتي البلدين، وعلى الرغم من استئناف “دمشق” عمل سفارتها في “الرياض” بعد تعيين “أيمن سوسان” سفيراً. إلا أن السفارة السعودية في العاصمة السورية لا تزال بانتظار تعيين سفير دون توضيحات عن موعد محدد وسبب التأخير.

كانت الأجواء في “تركيا” قبل الانتخابات الرئاسية في منتصف أيار. تظهر اتفاق “أردوغان” وبقية المرشحين من معارضيه. على ضرورة عودة العلاقات مع “سوريا” من أجل عدة قضايا في مقدمتها عودة اللاجئين السوريين.

 

على الجانب السوري كان الجواب واضحاً. فقد أكّد وزير الخارجية “فيصل المقداد” أن “سوريا” تشترط انسحاب “تركيا” من أراضيها للبدء بأي عملية حوار وإحياء العلاقات. الأمر الذي سيحدد الرئيس “الأسد” التأكيد عليه لاحقاً. فيما رفضت “أنقرة” هذا الشرط معتبرة أنها لن تسحب قواتها مازال هناك خطر يهدّد حدودها في إشارة إلى “قسد” ، ومع فوز “أردوغان” مجدداً في الانتخابات تراجع الحديث عن إعادة العلاقة مع “دمشق” مع تحميلها مسؤولية عرقلة الحوار بسبب الإصرار على شرط الانسحاب من الشمال السوري. فيما لا يظهر في الوقت الحالي أي أفق لتراجع سوري أو انسحاب تركي.

 

بينما لم يحمل عام 2023 أي جديد بشأن اللجنة الدستورية التي تجمّدت أعمالها منذ منتصف العام الماضي. على خلفية رفض الحكومة السورية عقد الاجتماعات في “جنيف” إثر انضمامها للعقوبات الأمريكية والغربية على “سوريا” و”روسيا” حيث تخلّت بذلك عن حيادها التاريخي ، وحاولت الدول المشاركة في “لجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا” إيجاد مخرج ينهي جمود المسار السياسي للحل في “سوريا”. حيث عقد اجتماع ضم وزراء خارجية “سوريا” و”مصر” و”السعودية” و”الأردن” و”العراق” و”لبنان” وأمين عام جامعة الدول العربية. واتفق المجتمعون على عقد جلسات اللجنة الدستورية في “مسقط” قبل نهاية العام.

 

في المقابل. نفى الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن المعارضة “هادي البحرة”. تلقّي وفد هيئة التفاوض أي مقترح بشأن تغيير مكان انعقاد الاجتماعات. وقال في حديثه لموقع “عربي 21”. أن الهيئة ستقوم بدراسة المقترح حين تلقّيه لاتخاذ القرار المناسب.

 

بينما نقلت صحيفة “الوطن” المحلية عن مصدر دبلوماسي عربي لم تسمّه أن المبعوث الدولي الخاص بسوريا “غير بيدرسون”. مصمم على عقد الاجتماعات في “جنيف”. وأن انعقادها في “مسقط” بات شبه مستحيل بسبب تمسّك “بيدرسون” بموقفه.

لم يشهد الميدان تغييراً واضحاً في مناطق السيطرة. ولا يزال اتفاق “خفض التصعيد” في شمال غرب البلاد قائماً رغم الانتهاكات التي يتعرّض لها. ولعلّ أبرزها كانت تفجير نفق في قرية “الملاجة” بريف “إدلب”. على يد فصيل “أنصار التوحيد” التكفيري، مستهدفاً نقطة للجيش السوري. حيث اندلعت بعدها اشتباكات مسلحة في القرية لكنها انتهت دون تمكن الفصيل من السيطرة على القرية.

 

أما في الشمال الشرقي فلا تزال خريطة السيطرة على حالها رغم المحاولات التركية بين الحين والآخر التلويح بتوسّع جديد في الأراضي السورية. وتشهد مناطق الجزيرة السورية بين الحين والآخر تصعيداً وتبادلاً بين مناطق سيطرة “قسد” ومناطق سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها.

 

كما شهدت الجزيرة السورية اشتباكات بين “قسد” وفصائل تتبع لـ”مجلس دير الزور العسكري”. على خلفية اعتقال “قسد” لقائد المجلس “أحمد الخبيل”. الملقب بـ”أبو خولة”، ما أشعل فتيل التوتر الذي سرعان ما أخذ طابعاً قومياً لا سيما مع خطاب وسائل الإعلام عموماً التي عملت على تصوير الصراع بأنه نزاع “كردي/ عربي”. في وقتٍ يكشف التعمّق في أسسه بأته صراع على النفوذ والمصالح بين أطراف مختلفة لا يهمّها البعد القومي بقدر ما تهمها مصالحها.

 

من جهة أخرى لم تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على مدى العام. لكن وتيرتها ارتفعت بعد عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول. وأخذت تركّز على مطاري “دمشق” و”حلب” بشكل رئيسي ما أدى لخروجهما عن الخدمة عدة مرات يتجدد فيها العدوان مع كل عودة لهما إلى العمل.

 

واختتم العام باعتداء إسرائيلي يوم 25 كانون الأول استهدف منطقة “السيدة زينب” بريف “دمشق” وقالت الخارجية السورية. أنه أودى بحياة المستشار العسكري للسفارة الإيرانية “رضي موسوي” محمّلة مجلس الأمن مسؤولية وضع حدّ للاعتداءات الإسرائيلية التي قالت إنها تهدّد بإشعال المنطقة.

 

ومنذ بداية العدوان على “غزة” بعد 7 تشرين الأول. تكررت الاعتداءات الإسرائيلية بمزاعم الرد على مصادر إطلاق قذائف من الداخل السوري باتجاه “الجولان” السوري المحتل. فيما كان من الواضح أن “دمشق” لن تدخل الحرب بشكل مباشر ولن تتورّط في فتح جبهة مع الاحتلال لا سيما وأنها لم تنتهِ من حربها الداخلية. وأن الأجواء الدولية تحذّر من أي توسّع للحرب قد يدخل المنطقة في المجهول.

في 16 آب اتخذت الحكومة السورية قراراً برفع الدعم عن البنزين بشكل كلي وعن المازوت بشكل جزئي. بعد سلسلة رفع الدعم عن العديد من فئات المجتمع وتقليص حجم الفئات التي يشملها الدعم.

 

القرار الذي كشف حجم التضخم والتدهور الاقتصادي في البلاد. شمل رفع سعر البنزين إلى 8 آلاف ليرة سواءً كان مدعوماً أو غير مدعوم. ورفع سعر المازوت إلى ألفي ليرة للمدعوم. بينما وصل سعر المازوت غير المدعوم مع نهاية العام إلى 10900 ليرة.

 

ورغم أن القرار تزامن مع مرسوم بزيادة الرواتب بنسبة 100%. إلا أنه أثار سخطاً شعبياً واسعاً واحتقاناً في الشارع الذي يئن تحت ضغط الظروف المعيشية المزرية حتى ما قبل القرار. لكن ذلك كله فجّر احتجاجات “السويداء” في اليوم التالي والتي اتخذت في البداية طابعاً مطلبياً معيشياً.

 

لكن لم يمضِ الكثير من الوقت حتى اتجه الحراك نحو رفع شعارات سياسية مشابهة لتلك التي ارتفعت في 2011. مثل إسقاط النظام وتنفيذ القرار 2254 وغيرها. بينما اقتصرت الحركة الاحتجاجية على “السويداء” ولم تمتد إلى مناطق أخرى كما عوّل كثيرون باستثناء بعض التحركات في “درعا” والتي سرعان ما انطفأت من تلقاء نفسها.

 

اختارت السلطة السورية تجاهل الحراك بشكل أو بآخر وعدم العمل على إيقاف التظاهرات اليومية سواءً بالوسائل العنفية أو السلمية. فمضت الاحتجاجات تتوسع داخل محافظة “السويداء” وتخرج بشكل يومي. دون اعتراضها من أحد لكن دون تحقيق نتائج فعلية في الوقت نفسه.

 

في المقابل. تم تقديم شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز “حكمت الهجري”. بشكل أو بآخر كقائد للحراك وتصويره على أنه الأب الروحي للاحتجاجات. وتهافتت عليه الاتصالات من مسؤولين غربيين كان أبرزهم نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي “إيثان غولدريتش”. الذي أكّد لـ”الهجري” دعم “واشنطن” لحراك “السويداء” في محاولة لتبني الاحتجاجات إلا أنها لم تثمر لاحقاً إذ لم يحقق الحراك المستمر أي نتائج على الأرض أو في السياسة.

شهد العام 2023 تغييراً واسعاً في ملامح حكومة “حسين عرنوس” الثانية شمل 7 وزراء. كانت بدايته في آذار حين تم تغيير 5 وزراء حيث تم تعيين “فراس قدور” وزيراً للنفط بدلاً من “بسام طعمة”. وتسمية “محسن عبد الكريم علي” وزيراً للتجارة الداخلية وحماية المستهلك بدلاً من “عمرو سالم”.

 

كما أزيح “زياد صباغ” عن وزارة الصناعة ليحل “عبد القادر جوخدار” عوضاً عنه. واختير “لؤي المنجد” وزيراً للشؤون الاجتماعية والعمل بدلاً من “محمد سيف الدين”. وتعيين “أحمد بوسته جي” بدلاً من “محمد فايز البرشة” وزيراً للدولة.

 

التعديل الثاني والذي كان مفاجئاً جاء في كانون الأول من العام. وشمل نقل وزير الإدارة المحلية والبيئة “حسين مخلوف” ليصبح وزيراً للموارد المائية بدلاً من “تمام رعد”. فيما تم تعيين “لمياء شكور” كأول وزيرة للإدارة المحلية في تاريخ “سوريا”.

ورغم أن كثيرين رأوا في الخطوة جانباً إيجابياً تجاه تغيير الصورة النمطية لدور النساء في الحكومات السورية المتعاقبة. عبر تسليمهن وزارات مثل الثقافة أو الشؤون الاجتماعية وحصر عملهن بها. إلا أن التعديل يأتي قبل 6 أو 7 أشهر على انتهاء ولاية الحكومة واعتبارها مستقيلة بحكم الدستور نظراً لحلول موعد انتخابات مجلس الشعب القادمة عام 2024. ما يقلّل من حظوظ الوزراء الجدد في إحداث تغيير ملموس.

 

من جانب آخر. كان حزب “البعث” يتخذ خطوة للمرة الأولى في تاريخه. بالإعلان عن نيته إجراء انتخابات عبر اللجنة المركزية الموسعة. لاختيار لجنة مركزية جديدة ومن ثمّ قيادة مركزية للحزب. إضافة إلى إنشاء لجنة عليا للانتخابات للمرة الأولى لتكون مستقلة في الإشراف على العملية الانتخابية.

 

وفتحت الخطوة باب التساؤلات عن مدى التغيير الذي سيحمله تغيير آلية الاختيار في الحزب للمواقع القيادية. ومدى انعكاس ذلك على مؤسسات الدولة التي يحكمها نفوذ “البعث”. فضلاً عن الانعكاسات التي من المفترض أن تشهدها الحياة السياسية في البلاد عموماً.

لا شك أن 2023 كان عاماً من التغييرات والتحولات النوعية في مسار الأزمة السورية. إلا أنه شهد اشتداد أزمة المعيشة على المواطن السوري وعحز الحكومة عن وقف التدهور الاقتصادي. ورغم أن جميع الأطراف لطالما كرّرت أن الحل في البلاد لن يكون إلا سياسياً. فإن المسار السياسي للحل متجمد على مدى أكثر من عام ونصف فهل يشهد العام القادم إنعاشاً للمسار يحيي آمال السوريين بالخلاص؟.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى