الاخبار

ما أسرار قوة اليمن؟

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

دخلت اليمن كناصرة مؤيدة لفلسطين في النزاع الإسرائيلي الذي يستهدف قطاع غزة منذ أكتوبر الماضي، وهذا يُعتبر عاملاً جديدًا في المعادلة العربية الإسرائيلية، صنعت هذه المشاركة واقعًا جديدًا إقليميًا في منطقة البحرين الأحمر والعربي، يحمل تداولات نوعية على صعيد موازين القوة الدولية، وأسفرت عن مواقف سياسية وعسكرية في الساحتين الإقليمية والدولية، هذه المواقف ستلقي بظلالها على نتائج النزاع والسلام في المنطقة، وستؤثر في مفاهيم وقواعد العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية.

رغم دمار البنية التحتية اليمنية وتفاقم الوضع الإنساني وتجزئة المجتمع والجغرافيا، وتأثير ذلك السلبي على الاقتصاد والقدرات المادية، إلا أن اليمن تحمل دورًا استثنائيًا في دعم غزة وأهلها، فشاركت بمسيرات مليونية استمرت طوال الحرب، وشاركت في تقاسم لقمة العيش رغم تحديات الحياة الصعبة في اليمن، كما شاركت في المعركة بإرسال صواريخ بالستية ومسيرات إلى بعض المواقع الإسرائيلية في فلسطين المحتلة، وعلى الرغم من ذلك، فإنها تعرضت لحصار بحري فرضته “إسرائيل”، ما أثار اهتمام واشنطن ولندن وتل أبيب.

تسعى الولايات المتحدة وبريطانيا، كحليفتين لـ “إسرائيل”، لحمايتها من تأثير المشاركة اليمنية في الحرب، فقد حاولتا تشكيل تحالف دولي لمواجهة اليمن، وأطلقتا عليه اسم “حارس الازدهار”، ولكن هذا التحالف فشل في بنائه وتفكك في الأيام الأولى، يظهر ذلك الفشل استمرار اليمن في موقفه المؤيد لفلسطين، حيث استمر في مواجهة العدوان الإسرائيلي في فلسطين واليمن وعلى البحرين العربي والأحمر.

أفادت صحيفة فايننشال تايمز بأن الولايات المتحدة طلبت من الصين أن تكون وسيطًا بينها وبين إيران للتأثير في الموقف اليمني، يظهر ذلك الطلب تجديدًا مستمرًا لعدة أشهر، ولكن لم يتضح بعد ما إذا كانت الصين ستقدم المساعدة في هذا الصدد.

اضطرت الولايات المتحدة إلى الدخول في عمليات عسكرية مباشرة في اليمن بالتعاون مع بريطانيا، بعد فشل جهودها لاستخدام الصين كوسيط، يُؤكد هذا الدخول على قلق ومخاوف الولايات المتحدة من تأثير اليمن على نتائج الحرب الإسرائيلية على غزة وعلى أمان “إسرائيل” ومستقبلها.

تطرح هذه المخاوف من الموقف اليمني، الذي تحول إلى تهديد استراتيجي إقليمي جديد، أسئلة حول قدرة دولة مثل اليمن التي تعاني من الحرب على التأثير في الأحداث، كيف صارت اليمن محط اهتمام للدول الكبيرة؟ وكيف تأثرت القضية الفلسطينية بمشاركة اليمن في النزاعات الإقليمية؟ وهل يمكن لدولة بحجم اليمن أن تتحكم في التفاعل معها من قبل الدول الكبرى، خاصةً في ظل الفوارق الكبيرة في موازين القوى بينها وبين الولايات المتحدة؟ يثير ذلك تساؤلات حول نظريات العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية، وهل تحتاج هذه النظريات إلى مراجعة في ضوء التحولات الجديدة والأحداث الراهنة وفقاً للميادين نت.

إحدى هذه الأسرار تكمن في تفوق القدرة المعنوية لليمن، حيث تُعتبر هذه القدرة العامل الرئيسي في جمع الطاقات واستخدام قدرات الدولة الشاملة بفعالية، يظهر الإيمان والروحانية دورًا مركزيًا في تنمية وتعزيز الإرادة على مستوى الأفراد والقادة والمجتمعات، وتنشأ التصورات من هذه القدرة المعنوية، مثل تصور وحدة الأمة، حيث تُعتبر الأمة عند اليمنيين كنفس واحدة.

أما السر الثالث، فيتجلى في الإرادة، حيث تستمد إرادة اليمنيين قوتها من الوعي والإيمان، وتُصقل هذه الإرادة بشكل دائم بفضل الطبيعة الصلبة للبيئة اليمنية والتعلق بالجبال.

السر الرابع هو الشراكة الوطنية في دعم غزة، حيث اجتمع اليمنيون على محبة فلسطين واستعدادهم الدائم لدعمها بكل الوسائل الممكنة، تجسدت هذه الشراكة في الإجماع الوطني الذي نسجوه حول قضية فلسطين، تاركين خلفهم انتماءاتهم الثانوية.

لا شك أن هذه الأسرار ساهمت في استغلال موقع اليمن الجغرافي بشكل جيد، وهو السر الخامس، ومع ذلك، يظهر أداء اليمن العسكري بفضل احترافيته العالية كسرها السادس، حيث أذهلت مهنيته العالية العدو والحلفاء.

هذه هي أسرار القوة اليمنية الستة، والتي جعلت من اليمن قوة إقليمية ذات تأثير إقليمي ودولي يسهم في تشكيل مستقبل جديد للأمة في المسرح الكوني، تفرض هذه المعطيات الجديدة إعادة النظر في عناصر قوة الدولة الشاملة، وتدعو إلى قراءة جديدة لنظريات العلاقات الدولية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى