الاخبار

أسرى النبوءة.. لماذا تضحي أميركا بمصالحها الإستراتيجية من أجل إسرائيل؟

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

خلال الأيام القليلة الماضية، لفتت عدة تصريحات انتباه المحللين السياسيين في الولايات المتحدة، حيث ربطت بعض النخب السياسية الأمريكية السياسة الخارجية تجاه إسرائيل بالعقيدة المسيحية.

على سبيل المثال، صرح رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، في مؤتمر صحفي بأن “إسرائيل حليف حيوي لنا”، مبررًا تمويلًا قيمته 26 مليار دولار لإسرائيل بأنه يتفق مع توجيهات الإنجيل التي تحث على دعم إسرائيل وفقاً لموقع الجزيرة نت.

لم يكن هذا الربط بين الدعم الأمريكي لإسرائيل والعقيدة المسيحية حدثًا معزولًا.

في نفس السياق، قام ريك دبليو. ألين، عضو مجلس النواب الجمهوري، باستجواب رئيسة جامعة كولومبيا، نعمت شفيق، حول موقف الجامعة تجاه إسرائيل.

في استجواب بدا جادًا، سأل ألين نعمت: “لماذا لا تدعم جامعة كولومبيا إسرائيل بشكل كاف؟” واستشهد بآيات من الإنجيل لتبرير هذا الدعم، قائلًا: “إذا باركتَ إسرائيل، سأباركُك، وإذا لعنتَ إسرائيل، سألعنك”.

 

هذه التصريحات التي تربط السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل بالمعتقدات المسيحية البروتستانتية قد تبدو غريبة قادمة من بلد يعتبر قلعة للعلمانية والرأسمالية.

تثير هذه التصريحات العديد من الأسئلة حول السبب وراء الدعم المطلق لإسرائيل من جانب النخب السياسية الأمريكية، والذي يتخطى المصالح الاستراتيجية المعتادة.

تعود جذور هذا الارتباط إلى حركة الإصلاح الديني في القرن الـ16، عندما وقف القس الألماني مارتن لوثر في مواجهة الكنيسة الكاثوليكية، داعيًا إلى إعادة النظر في النصوص الدينية.

في عام 1523، كتب لوثر كتابًا بعنوان “عيسى وُلد يهوديًا”، والذي أعاد فيه الاعتبار للتراث اليهودي في المسيحية.

على الرغم من تراجع لوثر عن بعض آرائه لاحقًا، فإن الحركة البروتستانتية استمرت في التشبع بهذه الأفكار، مما أدى إلى ترسيخ العلاقة بين البروتستانتية والصهيونية.

 

على مدى عقود، ظهرت كتابات وشخصيات مثل القس الأمريكي الإنجيلي سايروس سكوفيلد، الذي أضاف تفسيرات توراتية تعزز فكرة إعادة بناء دولة إسرائيل لتحقيق نبوءات نهاية العالم.

هذه التفسيرات أثرت بشكل مباشر على الكثير من النخب السياسية في الولايات المتحدة، الذين يرون في دعم إسرائيل واجبًا دينيًا.

إلى جانب هذا البعد الديني، هناك مصالح سياسية واستراتيجية وراء الدعم الأمريكي لإسرائيل.

منذ عام 1948، قدمت الولايات المتحدة مساعدات ضخمة لإسرائيل، كما أشار ريتشارد كورتيز، وهو موظف متقاعد من وزارة الخارجية الأمريكية.

وقد تساءلت الصحفية الأمريكية غريس هالسل عن السبب الذي يدفع الولايات المتحدة إلى التضحية بمصالحها لصالح إسرائيل، ووجدت الإجابة في علاقة وثيقة بين الصهيونية المسيحية والصهيونية اليهودية.

هذا الدعم ليس فقط ماديًا، بل أيضًا معنويًا وسياسيًا، حيث يُشَجَّع القادة الأمريكيون على دعم إسرائيل في مناسبات مختلفة، ويُربَط هذا الدعم بالنبوءات التوراتية.

 

هذا التقاطع بين العقيدة الدينية والمصالح السياسية يفسر إلى حد كبير سبب دعم النخب السياسية الأمريكية المطلق لإسرائيل، على الرغم من الأضرار التي قد تتعرض لها المصالح الحيوية للولايات المتحدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى