الاخبار

وساطة أميركية تُنهي قتال «الريف الشرقي»: وعود بتعزيز دور العشائر

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

تحدثت بعض المعلومات عن وساطة أميركية بتوفير الضمانات للعشائر العربية في الريف الشرقي بدير الزور عبر  إعطائها دوراً أكبر في إدارة مناطقها، مقابل السماح لقوات «قسد» بالعودة من دون قتال إلى القرى التي أُخرجت منها ، وتم تداول هذه المعلومات بعد انتهاء المعارك التي بدأت قبل 12 يوماً بين العشائر العربية و«قوات سوريا الديموقراطية» (قسد) في ريف دير الزور الشرقي، من جانبها حرصت العشائر على إظهار عدم الاستسلام، والتأكيد على الاستعداد لجولات جديدة من المعارك، في حال عدم الإيفاء بالتعهدات.

بدورها أصدرت «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد)، بيان رسمي، أعلنت انتهاء عملية «تعزيز الأمن» في ريف دير الزور الشرقي، بعد 12 يوماً على إطلاقها، إثر هبة عشائرية أدت إلى خروج كامل الريف الممتد على نحو 100 كيلومتر على الضفة الشرقية لنهر الفرات عن سيطرتها.

والإعلان جاء بعد تمكّن «قسد» من السيطرة على بلدة ذيبان، معقل مقاتلي العشائر، وقائدهم شيخ قبيلة العكيدات، إبراهيم الهفل، والوصول إلى بلدة الطيانة، وسط معلومات عن وجود وساطة أميركية غير معلنة أدت إلى انتهاء الاشتباكات، وفق شروط أهمها تفعيل دور المكوّن العربي في إدارة المنطقة.

وحسب صحيفة الأحبار اللبنانية فقد ظهر الدور الأميركي، في إنهاء المعارك، من خلال تجوّل دوريات أميركية بشكل مكثّف في الريف الذي سيطر عليه مقاتلو العشائر، وقيامهم بفتح الطرقات أمام آليات «قسد» التي عادت للانتشار في غالبية القرى التي خرجت عن سيطرتها من دون قتال، وبإشراف أميركي مباشر. وحصل التدخّل الأميركي بعد اتهامات عشائرية بانحياز واشنطن لصالح «قسد»، ودعمها عسكرياً من خلال إلقاء قنابل مضيئة خلال المعارك التي دارت بين الطرفين، والتأكيد الأميركي المتكرّر على استمرار دعم «قسد» كشريك موثوق في سوريا.

وأصدرت «قسد» بياناً رسمياً، يوم الجمعة، أعلنت فيه، «انتهاء العمليات العسكرية في ريف دير الزور، والانتقال إلى مرحلة العمليات الأمنية المحدودة لملاحقة خلايا داعش، والعناصر الإجرامية»، متعهّدة بـ«رفع مستوى العمل والكفاح ضدّ كل العناصر التي تحاول ضرب أمن واستقرار المنطقة، بما فيها خلايا داعش، وكل الأطراف التي رهنت إرادتها للقوى الخارجية».

ولوحظ، منذ ليل الأربعاء الماضي، تبدل في موقف «قسد» التي كانت تصوِّر ما يحصل على أنه «حرب ضد مجرمين وإرهابيين»، قبل أن يقرّ قائدها العام، مظلوم عبدي، «بوجود مظلومية للعشائر، مع الاستعداد للتفاوض حتى مع الخصوم في دير الزور»، في إشارة إلى الشيخ إبراهيم الهفل. وتعهّد عبدي، في تصريحات إعلامية، بـ«تلبية مطالب العشائر العربية»، مؤكداً أنه التقى شيوخ العشائر «وسنحترم مطالبهم بالإفراج عن عشرات المقاتلين المحليين الذين ثاروا ضد قوات قسد»، ومشيراً إلى «وجود قرار بإصدار عفو عام عن كل المتورّطين في أحداث دير الزور». وأقر عبدي بـ«وجود خلل في تمثيل العشائر في المجالس المحلية، مع وجود ثغرات وأخطاء على الأرض».

وجاء هذا التبدّل في موقف «قسد»، بعد يومين من دعوة كل من وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين، في بيانات منفصلة، إلى «ضرورة وقف الاشتباكات في دير الزور، وجنوح الطرفين إلى الحوار». والظاهر أن «التحالف الدولي» ضغط على «قسد» لوقف حملتها العسكرية، وطلب منها الإعلان رسمياً عن توقف تلك الحملة، على رغم استمرار خروج نحو 20 قرية وبلدة عن سيطرتها، لإثبات حسن النوايا للعشائر، مع تعهده بإعادة «قسد» إلى المنطقة من دون قتال. وأتى هذا الضغط، خوفاً من تمدّد الاشتباكات إلى أرياف دير الزور الشمالية والغربية، وتهديد القواعد الأميركية الموجودة في المنطقة، ولا سيما قاعدتي كونوكو وحقل العمر، فضلاً عن الخشية من تحوّل الاشتباكات إلى انتفاضة شعبية، في ظل الدعوات إلى الخروج في تظاهرات نصرة لأبناء العشائر.

وفي هذا الإطار، تقول مصادر عشائرية  إن «اللقاءات التي عقدها شيخ شمل العكيدات مصعب الهفل، مع مسؤولين أميركيين في قطر، أسهمت في توضيح الصورة لواشنطن، وشكّلت عامل ضغط على القوات الأميركية في سوريا لإنهاء المعارك في المنطقة»، مؤكدة أن «التحالف أبلغ قسد بضرورة وقف المعارك، واللجوء إلى المفاوضات والحوار، والنظر في مظالم سكان المنطقة، وهو ما أدى إلى تغيير في خطابها تجاه الأحداث في دير الزور». وبيّنت المصادر أن «واشنطن تعهّدت بالوقوف إلى جانب العشائر، والضغط لرفع المظالم عنها، والعمل على منحها دوراً أكبر في إدارة شؤون المنطقة»، لافتة إلى أنها «ضمنت أيضاً العفو عن كل الأشخاص الذين حملوا السلاح ضد قسد، وضمان عدم المساس بهم أو بممتلكاتهم، ومنع ارتكاب أي إجراءات أو تجاوزات بحقهم». وتوقّعت المصادر أن «تعمل الولايات المتحدة على التقرّب من العشائر في الفترة المقبلة، لضمان عدم حصول هبّات عشائرية جديدة، تهدّد الاستقرار في منطقة نفوذها»، نافية الأنباء عن «سعي الأميركيين لاستغلال ما حصل، والبدء بتشكيل جيش للعشائر موال لها في المنطقة».

وعلى المقلب الآخر، يبدو أن العشائر تحرص على إظهار عدم الاستسلام لـ«قسد»، والتأكيد على الاستعداد لجولات جديدة من المعارك، في حال عدم الإيفاء بالتعهدات، وخاصة لجهة منح العشائر حق إدارة مناطقها. وبرز ذلك، من خلال بيان صوتي للشيخ إبراهيم الهفل، أكد فيه «استمرار مسيرة القتال ضد مرتزقة قسد وأعوانهم حتى ترفرف راية النصر على أرضنا»، داعياً «أبناء دير الزور إلى الخروج في تظاهرات سلمية، لحين تحقيق المطالب، وعلى رأسها إدارة المكون العربي لمناطقنا». والمرجّح أن الهفل تقصّد إصدار بيان صوتي، للتأكيد على امتلاكه أوراقاً سيعمل على استخدامها، في حال لم تتحقّق الوعود بتفعيل دور أبناء العشائر في إدارة شؤون المنطقة عسكرياً ومدنياً، مع ربط التخلي عن السلاح والتظاهرات بتحقيق هذه المطالب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى