الكهرباء والسجائر والجنيه.. ماذا يدور في أذهان المصريين؟
انقطاع يومي للكهرباء وقفزات في أسعار السجائر واختفاء لبعض الأنواع، ومخاوف من خفض رابع للعملة المحلية.. هكذا يبدو المشهد حالياً في الشارع المصري، ويضاف إليه هشاشة القدرة الشرائية لأغلب الأسر المصرية، بسبب ارتفاعات التضخم التي وصلت إلى مستويات تاريخية.
يعصف التضخم منذ ما يزيد عن عام ونصف العام، بدخل الأسرة المصرية، ويؤدي إلى تآكل مدخراتها في ظل زيادات غير مسبوقة لأسعار كل السلع والخدمات، وهي الزيادة التي لم يقابلها ارتفاع مماثل لمستويات الرواتب والدخول حتى انعكس ذلك على عادات وأنماط الاستهلاك لدى كثير من المواطنين.
وفي خضم كل ذلك، وكما هي عادة المصريين في التعامل مع هذه الأزمات بالتنكيت تارة والتبكيت تارة أخرى؛ فيتساءل أحدهم : هل تم تعويم السجائر؟ في إشارة إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني بل وزيادة أسعار بعض أصناف إلى ما يفوق 100 جنيه بينما لا يزيد سعرها الرسمي عن 55 جنيه.
•أزمة مفتعلة
عصام – وهو رب أسرة لثلاثة أولاد، وصاحب راتب شهري لا يزيد عن 3200 جنيه أي 103 دولارات- قرر أن يقلع عن التدخين، بعد أن تخطي سعر السجائر الشعبية 50 جنيهاً، رغم محاولته للبحث عن أصناف بديلة مجهولة المصدر، ولكنها كانت مرتفعة أيضاً، على حد قوله.
على النقيض، يؤكد أحمد متولي، شاب ثلاثيني أعزب، بأنه سيستمر في التدخين، حتى لو وصل سعر العلبة إلى 100 جنيه، بحجة إنها تساعده على إتمام وإنجاز أعماله.
وُصفت أزمة السجائر بأنها “مفتعلة”، بسبب عدم وجود أي تغير في عمليات الإنتاج من قبل الشركة الشرقية للدخان، المنتج الوحيد للسجائر في مصر، والتي تنتج ما يصل إلى 88 مليار سيجارة سنوياً.
يعزو البعض، الزيادة في أسعار السجائر إلى جشع بعض التجار وتخزين ما لديهم من بضائع لحين الفصل في مشروع قانون الضرائب الجديدة على السجائر في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وتحديداً مع بداية دور الانعقاد الرابع لمجلس النواب المصري.
•انقطاع الكهرباء
تزامناً مع أزمة السجائر، التي تعكر مزاج المصريين، تعاني البلاد من انقطاع الكهرباء بشكل يومي ومتكرر منذ قرابة 20 يوماً، لمدة تصل لنحو الساعة أو ما يزيد عنها بسبب زيادة الضغط على إمدادات الغاز في شبكة الكهرباء، نظراً لارتفاع درجات الحرارة.
تسببت موجة الحر الشديدة في زيادة معدلات استهلاك الكهرباء في مصر، ما زاد من حجم استهلاك الغاز المستخدم في محطات الكهرباء، وإحداث ضغط شديد على الشبكات، الأمر الذي أدى إلى انخفاض ضغوط الغاز في الشبكات الموصلة لمحطات الكهرباء، وهو ما دفع الحكومة المصرية للإعلان عن قطع التيار الكهربائي، بشكل منتظم في معظم المحافظات من أجل تخفيف الأحمال.
حققت مصر رقماً قياسياً من صادرات الغاز العام الماضي، حيث بلغت 8 ملايين طن بقيمة 8.4 مليار دولار، مقارنة مع 3.5 مليار دولار خلال عام 2021.
تشير بعض التوقعات إلى أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي، قد تستمر حتى الأسبوع الأول أو الثاني من شهر سبتمبر / أيلول على أقصى تقدير.
•خفض جديد للجنيه
بخلاف ما سبق، تعاني مصر من شح في العملة الأجنبية، جراء تداعيات الأزمة الأوكرانية، دفعها لخفض الجنيه أكثر من 3 مرات منذ مارس/ آذار 2022، حتى وصل سعر الصرف الرسمي من 15.6 جنيه إلى 30.9 جنيه لكل دولار.
ساهمت هذه الانخفاضات في ارتفاعات قياسية لمعدلات التضخم، وفاقمت من غلاء المعيشة وارتفاع أسعار السلع الغذائية وغيرها، وفرضت الحكومة قيوداً على الاستيراد بداية العام الماضي، بسبب شح العملة نتج عنها خلل في عمليات الإنتاج للعديد من المصانع والشركات.
وطفت على السطح مؤخراً، العديد من التكهنات حول خفض رابع للعملة المحلية، تمهيداً لإتمام المراجعة الأولى لبرنامج صندوق النقد الدولي، والذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار. وعزز من هذه التكهنات، رفع البنك المركزي المصري معدلات الفائدة إلى 19.25 % و20.25 % على الإيداع والإقراض.
وكان من المقرر أن تتم المراجعة الأولى لصندوق النقد الدولي في مارس/ آذار الماضي، لكنها تأخرت مراراً، بسبب تأخر الحكومة المصرية في تنفيذ العديد من الاشتراطات، كان منها انتهاج سياسة مرنة لسعر الصرف وتحريك أسعار الوقود، وبيع بعض الأصول المصرية، كخطوة لتخارج الدولة من النشاط الاقتصادي.
كل ما سبق يدور يومياً في أذهان المصريين سواء أكان صاحب عمل، أو ورب أسرة، أو أم معيلة، أو شاب في مقتبل العمر، وتثير تساؤلات : متى ينتهي شبح التضخم وانخفاض الجنيه ومتى تختفي أزمتا السجائر والكهرباء؟
CNBC عربية