اقتصاد

قفزات سعرية مخيفة بالحقائب والأحذية والألبسة.. ما السبب؟!

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

تواصل ارتفاع الأسعار بشكل مستدام بعد الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود، ويبدو أن هذا الارتفاع يؤثر على منتجات الجلد بجميع أنواعها، مثل الحقائب المتنوعة والأحذية والملابس، وهذا يظهر جلياً في أسواق دمشق. حيث يمكن للمتابعين لأسعار هذه المواد أن يلاحظوا زيادات كبيرة في أسعار المنتجات الجلدية المحلية. على سبيل المثال، يتراوح سعر الأحذية الرجالية المصنوعة من الجلد الطبيعي بين 175 إلى 275 ألف ليرة. وفيما يتعلق بحقائب السفر، فإن الأسعار تتفاوت حسب الحجم؛ حيث تبلغ 225 ألف ليرة للصغيرة و 255 ألف ليرة للوسطى و 345 ألف ليرة للكبيرة، وهناك أنواع أخرى أغلى من ذلك بكثير. أما الحقائب المدرسية، فتتراوح أسعارها بين 50 ألف ليرة و200 ألف ليرة تبعاً لحجمها ونوعيتها. ولاحظنا أن سعر الحزام الجلدي الطبيعي وصل إلى 75 ألف ليرة.
وقبل زيادة أسعار المحروقات، كانت صناعة الجلود تعاني من شح المواد الأولية، وتحديداً نقص الجلد الطبيعي نتيجة لقلة الثروة الحيوانية ونقص الذبح. وفي الواقع، يبدو أن المشكلة الرئيسية التي تواجه دباغات الجلود ليست المحروقات بل هي نقص الجلد ونقص المياه بشكل كبير في مدينة عدرا الصناعية. ويجدر بالذكر أن دباغة الجلود تعد أكثر الصناعات استهلاكاً للمياه، حيث يحتاج كل قدم مربع من الجلد إلى 100 ليتر من الماء. ومع زيادة أسعار المحروقات، ارتفعت تكلفة تجفيف الجلود الخام التي تتم عبر آلات تعمل بالمازوت، مما أدى إلى زيادة تكلفة الإنتاج. بينما كان تجفيف الجلود بالشمس والهواء يوفر إنتاجية عالية وجودة جيدة للجلد المدبوغ، إلا أنه أصبحت هذه الطريقة قليلة الاستخدام بسبب تكاليف الوقود المتزايدة.
تعمل حوالي 80 منشأة حرفية رسمية في مجال دباغة الجلود في المنطقة. بعضها يتعاون مع بعضه الآخر، حيث يشترك كل منشأة في دباغة جلودها مع بعض الآخرين.
وفي الوقت الحالي، توقف حوالي 60٪ من هذه المنشآت عن العمل بسبب ضعف السوق بشكل عام وتفاقم مشكلتي نقص المياه والجلود الخام. في السابق، كان هناك فائض في الجلود الخام، ولكن الوضع تغير بعد الأزمة.
سابقاً، كان يتم استيراد الجلود المصنّعة والجلود الخام. حالياً، يُسمح باستيراد الجلود الخام فقط (المملحة).
الجمعية الحرفية لصناعة الجلديات طلبت من وزارة الصناعة استيراد الجلود الخام التي تكون نصفها مصنعة صناعياً، لأنها أقل تكلفة واستهلاكًا للمياه والوقود. هناك طلبات معلقة من بعض الجهات للمنتجات الجلدية مثل الأحذية، ولكن بعض المنشآت لا تستطيع تنفيذ هذه العقود بسبب نقص الجلود.
جلود الأغنام هي مصدر جيد للجلود، وعليها طلبية أكبر في الأسواق الخارجية، خاصةً لصناعة الألبسة مثل الجاكيتات الجلدية. ويمكن تصديرها وزيادة إيرادات الخزينة العامة. إيطاليا كانت تستورد الجلود السورية وتدخلها في السوق الأوروبية، وكانت تصدر المنتجات الجلدية للدول المجاورة مثل العراق، بسبب تكلفة منخفضة.
بالرغم من التحديات التي تواجه هذه الصناعة، إلا أن الجلود السورية المصنَّعة تحتل المرتبة الأولى عالمياً. المدابغ عندنا متطورة ومنتشرة على مساحات واسعة. هذه الصناعة بحاجة إلى الدعم بسبب أهميتها الاستثمارية وجدواها الاقتصادية، ويجب استغلال هذه الثروة الصناعية بشكل جيد.
يُطالب بحل مشكلة نقص المياه، حيث يجب على الصناعي شراء صهريج ماء كبير بتكلفة عالية لضمان استمرار الدباغات في العمل. ذلك يزيد من تكلفة المنتج ويقلل من الطلب عليه. هناك أيضًا قرار محلي قيد الدراسة يهدف إلى السماح باستيراد الجلد نصفه مصنّع.
هناك بديل حاليًا وهو المادة المشمعة التي تقترب سعرها من سعر الجلد. ومع ذلك، فإنها تفتقر إلى كفاءة عملية وتسبب حساسية وتتلف بسرعة بعد فترة قصيرة، بينما الجلد الطبيعي يدوم لسنوات. يُطالب أيضًا بتقديم تسهيلات لتخفيض أجور الشحن والنقل عند التصدير لأن الجلديات خفيفة الوزن ورخيصة الثمن في الخارج مقارنة بالأسواق المحلية.
رئيس لجنة صناعة ودباغة الجلود، عبد الملك دنو، يشير إلى وجود نهضة في صناعة الدباغات، رغم التحديات التي تواجهها. ويؤكد على أهمية دعم الحكومة لهذه الصناعة ورفع الأسعار بشكل متوازن بعد رفع أسعار المحروقات. ويجب إعادة تقييم هذه الصناعة ودراسة الأسباب والنتائج والتحديات التي تواجهها، باعتبارها من أهم روافد وعوائد الاقتصاد الوطني.
تشرين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى