شوقي العودي… أستاذ جامعي هرب من الموت في اليمن فاغتالته إسرائيل مع عائلته بدمشق
شعر طلاب الدكتور شوقي العودي ببرودة الموت تقترب وهم يتهيأون للمشاركة في تشييع أستاذهم الجامعي، الذي قضى مع زوجته وأطفاله الثلاثة بعد أن استهدفتهم الصواريخ الإسرائيلية الأخيرة في حي المزة بدمشق.
بعيدًا عن وطنه الأم، دفن الدكتور العودي مع عائلته في إحدى مقابر ريف دمشق، بعد أن أنهت الغارات الإسرائيلية حياتهم. اختطف الموت أستاذًا جامعيًا هرب من الحرب في اليمن ليجد نفسه ضحية صواريخ أخرى في سوريا، في لحظة مأساوية اجتمع فيها الحزن والوجع. خمسة قبور وجثامين، تسطرت بها سطور النهاية لعائلة كاملة، لم يتبقَ من أفرادها من يروي قصتها أو يبكيها، فقد غادروا جميعًا إلى الأبد.
على طريق المدفن في ريف دمشق، سار موكب العائلة الأخير، حيث حملت ثلاثة توابيت: أحدها للدكتور العودي، والثاني لزوجته، والثالث لبناته الثلاث الصغيرات، اللواتي كن متلاصقات في حياتهن، واستمر هذا التلاصق حتى النهاية في تابوت واحد، وكأنهن يحتضنّ بعضهن في لحظاتهن الأخيرة. التساؤلات التي تخطر في الأذهان لا نهاية لها: ماذا كن يفعلن حينما ضرب الصاروخ؟ وأي كلمة كانت آخر ما سمعته كل واحدة منهن؟!
الدكتور شوقي العودي، الذي هرب من الموت في اليمن، كان قد فرّ إلى سوريا في 2019 للتدريس في جامعاتها، حيث أحب هذا البلد كموطن ثانٍ له بعد أن رزق فيه بثلاث فتيات. حياة قصيرة انتهت بشكل مأساوي في ليلة حالكة تحت قصف غاشم.
ينحدر الدكتور العودي من محافظة إب اليمنية، وكان قد درس الصيدلة السريرية في جامعة عين شمس بمصر، وحصل على درجة الدكتوراه في علم الأدوية والسموم من جامعة القاهرة. عمل أستاذًا مساعدًا في جامعة ذمار في اليمن قبل أن ينتقل إلى سوريا ويصبح عضوًا في الهيئة التدريسية لجامعتي السورية الخاصة والجزيرة الخاصة.
الدكتور العودي لم يكن مرتبطًا بأي انتماءات سياسية أو حزبية، فقد كرس حياته للعلم والأبحاث الصيدلانية، وتفانى في نقل المعرفة لطلابه، كما أوضح رئيس الجالية اليمنية في سوريا، محمد ناجي العولقي.
وفي حديث لـ”سبوتنيك”، أكد الدكتور عبد اللطيف البوشي، عميد كلية الصيدلة بجامعة الجزيرة، أن العودي كان أكثر من مجرد زميل، فقد أصبح أخًا وصديقًا منذ أن وصل إلى سوريا عام 2019. وقد أحب سوريا، حيث أنعم عليه الله ببناته الثلاث بعد سنوات من الانتظار.
الدكتور سعد مخلص يعقوب، صديق العودي، تحدث بحزن عن آخر يوم جمعهما، حيث تناولوا وجبة “المندي اليمني” معًا في منزل العودي قبل ساعات من وقوع الكارثة. كانت تلك الوجبة الأخيرة التي ستظل ذكرى مؤلمة بالنسبة له.
خلال مسيرته الأكاديمية، قدم الدكتور العودي العديد من الأبحاث الهامة، كان آخرها حول علاج المتلازمة الأيضية لمرضى السكري من النوع الثاني، ونشره في مجلة علمية محكمة بسويسرا. ويعتقد الدكتور يعقوب أن العودي ربما كان مستهدفًا بسبب مكانته العلمية، إذ ارتبطت جميع أبحاثه باسم الجامعات السورية التي كان يدرس فيها.
سبوتنيك عربي