الاخبار

هل ترسم العشائر العربية خريطة جديدة لشمال شرقي سورية؟

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

تزداد تعقيدات الموقف في شمال شرقي سورية، مع استمرار الصراعات العنيفة بين “قوات سورية الديمقراطية” المعروفة باسم “قسد”، وبين مقاتلي العشائر العربية. هذا الصراع يندرج ضمن توسع المعارك في محافظة دير الزور وزيادة التصعيد العسكري من كلا الجانبين.
أثيرت شرارة الصراع بعد اعتقال “قسد” لقائد “مجلس دير الزور العسكري”، أحمد الخبيل، بتهم تتعلق بالفساد، ومع ذلك قامت أيضاً بالقبض على عدد من القادة العرب من العشائر، مما يشير إلى تصاعد التوترات وزيادة الدعوات من زعماء العشائر لحمل السلاح والمشاركة في الصراع.
في الوقت نفسه، تشهد مناطق ريف دير الزور الشرقي معارك عنيفة بين “قوات سورية الديمقراطية” ومقاتلي العشائر، وتحديداً في بلدات ذبيان والشحيل والحوايج، حيث تعزز “قسد” قواتها بهدف استعادة المناطق التي سيطر عليها مقاتلو العشائر.
وفي الأمس، انتشرت المعارك إلى مناطق أخرى في محافظة الحسكة، وأعلن مقاتلو العشائر سيطرتهم على القريتين الطركي وتل طويل بعد هجوم على مواقع “قسد” بالقرب من الطريق الدولي “إم 4”.
“قسد” تصف الحركة العشائرية بأنها “تمرد مسلح يتزعمه شيخ القبيلة السورية العكيدات، إبراهيم الهفل، بشكل شخصي، وتتحدث وسائل الإعلام المرتبطة بها عن حملة أمنية ضد تنظيم “داعش” ومجموعات تابعة للجيش السوري التي تم نشرها في المنطقة”.
من جهة أخرى، يعتبر أهالي المناطق التي تشهد احتجاجات ضد “قسد” أن هذا النشاط هو “رد فعل على استبعاد العنصر العربي وفرض التجنيد الإجباري”، ويرون فيه سبباً لتدهور الوضع المعيشي للسكان.
شيخ القبيلة العكيدات، إبراهيم الهفل، أعلن أن مقاتلي العشائر تمكنوا من تحرير منطقة تمتد من بلدة الباغوز إلى أطراف بلدة الشحيل في ريف دير الزور الشرقي، بعد معارك عنيفة مع عناصر “قسد”.
وأضاف أن القتال مستمر حتى يتم السيطرة على بلدة البصيرة وتحقيق النصر، ولم تجر أي مفاوضات حتى الآن لوقف القتال، سواء من التحالف الدولي أو أي أطراف دولية أخرى.
يدعو الهفل إلى إدارة المناطق في دير الزور بواسطة مجالس مدنية وعسكرية تحظى بدعم من التحالف الدولي بعد انسحاب “قوات سورية الديمقراطية” من المنطقة.
في الوقت الحالي، اتخذ “التحالف الدولي” بقيادة الولايات المتحدة موقفًا يُقترب من الحياد، حيث يدعم جهود التهدئة ويُعارض التصعيد العسكري. يركز التحالف في جهوده على محاربة تنظيم “داعش” ويُصدر تحذيرات بشأن إمكانية عودته إلى شمال شرقي سورية.
وصرح التحالف في بيان رسمي قائلًا : “نحن ما زلنا ملتزمين بالتعاون مع قوات سورية الديمقراطية من أجل تحقيق هزيمة دائمة لتنظيم داعش، ونسعى لدعم الأمن والاستقرار في المنطقة الإقليمية.”
وفي هذا السياق، يعتقد الباحث في مركز “جسور للدراسات”، رشيد حوراني، أن قوات سورية الديمقراطية نجحت في إقناع “التحالف الدولي” برؤيتها الخاصة، لكنه يعتقد أن التحالف ليس لديه القدرة على التدخل المباشر في الشؤون الداخلية.
ويعتبر الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي أن التحالف الدولي لا يزال يتخذ موقفًا حذرًا، حيث يقوم بجمع واستيعاب آراء مختلفة، في حين تنتقل قوات سورية الديمقراطية من مناطق انتشارها نحو ريف دير الزور المنتفض.
على الجانب الإنساني، يشير علاوي إلى أن الوضع في تلك المناطق يتدهور بشكل متزايد، حيث تفرض قوات سورية الديمقراطية حصارًا على المناطق التي سيطر عليها مقاتلو العشائر، وتفرض حظر التجوال في المناطق القريبة من خطوط القتال.
على الصعيدين السياسي والعسكري، يواصل مقاتلو العشائر السيطرة على البلدات التي استولوا عليها، فيما تسعى قوات سورية الديمقراطية إلى استعادة سيطرتها على تلك المناطق نظرًا لتفوقها في الجوانب العسكرية وعدد مقاتليها، وبسبب الدعم الذي حظيت به على مر السنوات من قبل التحالف.
أما أهالي من عشائر دير الزور، فلا تزال مطالبهم تشمل التخلص من سيطرة قوات سورية الديمقراطية وإقامة مجالس محلية مدنية تكون تحت إشراف سكان المنطقة. وفي هذا السياق، يؤكد الباحث حوراني أن مقاتلي العشائر لن يسمحوا لقوات سورية الديمقراطية بالعودة إلى السيطرة السابقة في مناطقهم، وسيعملون على تحقيق تلك المكتسبات من خلال إقامة إدارة ذاتية تدير شؤون دير الزور في شرق الفرات، إذا استطاعوا تقديم الكفاءات الإدارية والقيادية اللازمة.
الجزيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى