الاخبار

قضية أوروبية ضد سوريا في محكمة العدل… لماذا الآن؟

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

في خطوة وصفها المراقبون بـ “تسييس القضاء الدولي”، أقامت كندا وهولندا دعوى ضد سوريا أمام محكمة العدل الدولية، بشأن مزاعم التعـ. ـذيب واستخدام الأسلحة الكيماوية.
وقال بيان محكمة العدل الدولية إن “كندا ومملكة هولندا تقدمتا بطلب مشترك لإقامة دعوى ضد الجمهورية العربية السورية أمام محكمة العدل الدولية، بشأن الانتهاكات المزعومة للاتفاقية ضد التعـ. ـذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”، وفقا لـ “العربية نت”.
وأوضح الخبراء أن هذه الخطوة سياسية ولا تتعلق بالقضاء أو حقوق الإنسان، حيث تستخدم واشنطن هذه الدول للضغط على سوريا بعد الانفتاح العربي الأخير، وتنمية العلاقات الاقتصادية مع السعودية، والذي شكل مسمارا في نعش قانون قيصر.

تسييس القضاء الدولي
اعتبر أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي السوري، أن محاولة كل من كندا وهولندا رفع دعوى ضد سوريا أمام محكمة العدل الدولية تشير بصورة واضحة إلى مسعى غربي مستمر لتسييس القضاء الدولي، ومحاولة استخدامه كأداة للضغط السياسي على دمشق وشعبها من جهة، وعلى الدول التي تسعى لاستعادة علاقاتها الطبيعية مع سوريا من جهة أخرى.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، فإن ما يحدث هو توظيف للقضاء الدولي كأداة ضغط معنوي تكمل الدور السياسي والإعلامي لهذه الدول في شيطنة الحكومة السورية، والسعي لمزيد من اختلاق الذرائع والمبررات التي قد تستند عليها دول الغرب للاستمرار في فرض العقوبات، والإجراءات الاقتصادية الأحادية الجانب ضد الشعب السوري.
واعتبر دنورة أن هذه المحاولات الغربية ما هي إلا مساعٍ قديمة جديدة، تقوم بها بعض الدول الغربية لاستغلال نفوذها الضمني على المؤسسات والوكالات الدولية بهدف تنفيذ أجنداتها السياسية، الأمر الذي يؤدي تدريجيا إلى انهيار مصداقية تلك المنظمات والهيئات الدولية.

وأوضح المحلل السياسي السوري أن هذا السلوك الذي يفتقر إلى النزاهة قد تزايد أخيرا من قبل دول الغرب، كما حدث في حالة توظيف المحكمة الجنائية الدولية ضد روسيا كأداة ضغط سياسية.
وتابع: “وهذا ينطبق أيضا على ما ذهبت إليه منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية ضد سوريا خارج نطاق اختصاصها، والذي ظهر فيه بصورة واضحة تغييب الآراء المحايدة والنزيهة للمفتشين، وحذف تقاريرهم تعسفيا، وصولا إلى الاتهامات الباطلة التي أصدرتها المنظمة المذكورة ضد دمشق”.
ويضيف: “من جانب آخر، تطرح هذه الدعوى مجددا مسألة تسييس المنظمات الدولية ومحاولة التأثير عليها بصورة غير نزيهة من قبل دولة المقر، لا سيما أن محكمة العدل الدولية في لاهاي في هولندا، هي الجهاز الوحيد من بين الأجهزة الستة التابعة للأمم المتحدة، الذي لا يقع في نيويورك”.

وقال أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي السوري: “السؤال الذي يطرح نفسه بشأن هولندا هو هل تجرؤ الحكومة الهولندية على فتح تحقيق مستقل وموسع حول دور استخباراتها في دعم التنظيمات الإرهـ. ـابية في سوريا، وأن تطلق يد القضاء الهولندي في محاكمات عادلة للمتورطين ضمن الأجهزة الهولندية في دعم الإرهاب وتمنحهم غطاء سياسيا”.
ولفت إلى أن النيابة العامة الهولندية أصدرت عام 2019، قرارا بتوقيف أحد الإرهـ. ـابيين الذي يصنف بأنه الرجل الثاني لتنظيم ” النصرة” الإرهابي (المحظور في روسيا وعدة دول) في إدلب، ليتضح لاحقا أنه كان متعاملا مع الاستخبارات الهولندية خلال قيامه بجر. ائمه الإرهـ. ـابية، وتلقى من الاستخبارات الهولندية مبالغ مالية كبيرة.
وأوضح المحلل السياسي السوري أن حكومة هولندا لا تجرؤ أيضا على الإسهام في فتح تحقيق شفاف غير مسيس فيما يتعلق بتفجير خط “نورد ستريم 2″ الذي تضررت منه إحدى كبريات شركاتها (شل)… أم أن استخدام القضاء المحلي والدولي من قبل حكومة هولندا يتوقف عند حدود المصالح الأمريكية؟”.
وفيما يخص كندا، يقول المحلل السياسي السوري: “كنا نتمنى أن تهتم بالكارثة البيئية ذات الأبعاد العالمية القائمة على أرضها، والتي تسببت بتسميم أجواء العالم بأجزاء من هباب الفحم ونواتج الاحتراق والغازات الدفيئة، إلى حد تجاوزت تأثيراتها السلبية أجواء القارة الأمريكية الشمالية لتعبر الأطلسي وتصل إلى دول في شمال وغرب أوروبا، ومنها هولندا”.
ويقول دنورة: “أما على المستوى القانوني، وبغض النظر على الالتفاف والمداورة حول الاختصاص المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية، التي فشلت المحاولات الغربية المستمرة لتحويل الملف السوري إليها، فمن المتعارف عليه أن صلاحيات محكمة العدل الدولية وولايتها القانونية تتعلق فقط بالدولة التي تقبل التقاضي أمامها بشأن خلاف معين مع دولة أخرى، أما الدول التي لا تقبل حكوماتها مسبقا “بالمثول” أمامها في قضية، فلا تشملها الولاية القانونية للمحكمة المذكورة”.
ويرى المحلل السياسي السوري أن هذا الأمر يرجح وجود أجندة خفية لمحاولة التأثير على نزاهة قرارات المحكمة من قبل دولة المقر (هولندا)، بهدف الإساءة لسمعة سوريا لتبرير استمرار الحصار على شعبها، والحيلولة دون عودة العلاقات الطبيعية معها.
تحركات سياسية
في السياق نفسه، اعتبر المحلل السياسي السوري عمر رحمون، أن التحركات الغربية لن تجد نفعا، حيث لم توقع سوريا على هذه المحكمة ولا يوجد أي تعاون معها، مؤكدا أن ما تدّعيه هذه الدول الأوروبية ليس لدمشق علاقة به، لا من قريب أو من بعيد.

ولفت إلى أن الهدف من التحركات الغربية هو عرقلة أي تحسن أو تقدم سوري في واقعها الاقتصادي، وكذلك الانفتاح العربي على دمشق، طارحا تساؤلات بشأن سبب التوقيت، وعدم طرح مثل هذه القضايا في السابق عندما كانت الحرب مستعرة.
ويرى المحلل السياسي السوري أن الانفتاح العربي الاقتصادي والسياسي على سوريا، وعودتها لجامعة الدول العربية، والتعاون مع المملكة العربية السعودية بشكل خاص، أزعج الغرب باعتباره مسمارا في نعش قانون قيصر.
وتابع: “هذه التحركات هدفها خنق سوريا وزيادة الضغط عليها”، مشددا على ضرورة “ألا تجعل هذه الدول من نفسها أداة لتنفيذ المطالب الأمريكية، حيث تأتي هذه التحركات وفق رغبات أمريكية وهي سياسية في المقام الأول، ولا تتعلق بأي أمور قضائية أو حقوقية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى