الاخبار

المساكنة تهتز بين بوتين وأردوغان

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

يوسف مرتضى

كان جدول مواعيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للزيارات الخارجية تضمن زيارة مخططة إلى تركيا في 15 أغسطس الماضي.

ومع ذلك، حدثت تطورات مفاجئة في العلاقات بين البلدين بسبب تغيُّر مواقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

هذه التغييرات أثرت على خطط بوتين وأدت إلى إلغاء زيارته المقررة إلى أنقرة.

إحدى هذه التطورات المهمة كانت موافقة تركيا على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) مع توفير كل الدعم العسكري والاستراتيجي لأوكرانيا في مواجهة روسيا.

هذا القرار جاء كصدمة كبيرة للرئيس الروسي بوتين. وما زاد من استياءه هو تسليم الرئيس التركي أردوغان لقادة كتيبة “أزوف” الروسية الأسرى إلى الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، الأمر الذي تنافى مع التعهدات السابقة التي قدمها أردوغان للقيادة الروسية.

وعلى الرغم من هذه التوترات، يواجه الرئيس التركي أزمات داخلية سياسية واقتصادية كبيرة.

وهذا دفعه إلى طلب عقد قمة مع بوتين لمناقشة العديد من القضايا الحساسة.

في الرابع من سبتمبر 2023، قام الرئيس التركي بزيارة إلى منزل العطلات الصيفي للرئيس الروسي بوتين في منطقة سوتشي على ساحل البحر الأسود.

كان برفقته وزراء الخارجية والدفاع والتجارة، بالإضافة إلى رئيس البنك المركزي التركي.

بعد عقد قمة ثنائية بين الرئيسين ومفاوضات واسعة النطاق بين وفدي البلدين، أعقبتها مؤتمر صحفي مشترك.

أظهر هذا المؤتمر أن المحادثات كانت تركز على تبادل وجهات النظر حول مجموعة متنوعة من القضايا الراهنة في مختلف المجالات.

وعلى الرغم من عدم توصل البلدين إلى اتفاقيات جديدة، إلا أنهما أكدا رغبتهما المشتركة في الحفاظ على العلاقات القائمة وتطويرها، على الرغم من وجود اختلافات في بعض القضايا.

وأبدى الطرفان ارتياحهما لزيادة حجم التجارة بين البلدين، حيث بلغت قيمتها السنوية 69.8 مليار دولار، مع 60.5 مليار دولار منها تمثل صادرات روسية إلى تركيا (بزيادة 128%) و9.3 مليار دولار تمثل واردات تركية إلى روسيا (بزيادة 43%).

وعلى الرغم من انخفاض إمدادات الغاز الروسي إلى تركيا في هذا العام، تم تعويض الخسائر من خلال زيادة صادرات روسية أخرى مثل الفحم والحبوب.

هناك اهتمام مشترك أيضًا بمواصلة بناء محطة أكويو التركية للطاقة النووية، حيث يعمل فيها 25 ألف متخصص روسي، وهناك احتمال للبدء في بناء محطة طاقة نووية أخرى في سينوب بتركيا، ولكن هذا يتوقف على العروض التي قد تقدمها روسيا.

ومع ذلك، يعبر الجانب الروسي عن تحفظه في تنفيذ مشروع بحجم كبير مثل هذا في الوقت الحالي، نظرًا للتحديات الاقتصادية والمالية التي تواجهها تركيا، حيث ارتفع معدل التضخم السنوي إلى 60% وتدهور قيمة الليرة التركية مقابل العملات الأجنبية.

تصاعدت أسعار السلع غير الغذائية بنسبة 138% في تركيا مؤخرًا، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 93% مقارنة بالعام الماضي، وزادت أسعار النقل بنسبة 123.3%.

وبناءً على هذه الخلفية، يعتقد الجانب الروسي أن تنفيذ فكرة التبادل التجاري بالعملات الوطنية بين البلدين يواجه تحديات صعبة، حيث أن المصدِّرين الروس لا يقبلون التسويات بالليرة التركية كما يحدث في التعامل مع الهند على سبيل المثال.

لذلك، تبقى العلاقات بين روسيا وتركيا في حالة توتر، وما زال هناك تحفظات وتحديات تعيق التعاون الاقتصادي والسياسي بين البلدين.

صفقة الحبوب كانت أحد القضايا الرئيسية التي دفعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الاجتماع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

وقد جاء هذا الاجتماع في غضون أقل من شهرين من انسحاب روسيا من هذه الصفقة في 17 يوليو 2023، نتيجة لتجاهل الغرب لمصالح روسيا في هذا السياق، وفقًا لتصريحات القيادة الروسية.

وعلى الرغم من محاولات أردوغان، فشل في إقناع بوتين بالعودة إلى اتفاقية الحبوب الرباعية التي تضم الاتحاد الروسي وتركيا والأمم المتحدة وأوكرانيا.

وتبنت روسيا موقفها بشرط أن تتم إزالة العقوبات عن إمدادات الحبوب والأسمدة الروسية إلى الأسواق العالمية وإزالة جميع العقبات أمام البنوك والمؤسسات المالية الروسية المختصة بتصدير الأغذية إلى الأسواق العالمية، بما في ذلك اتصالها بنظام “سويفت” المالي العالمي.

وكذلك، شددت روسيا على ضرورة استئناف توريد قطع الغيار والمكونات اللازمة لصناعة الآلات الزراعية وإصلاح المشكلات المتعلقة بالشحن والتأمين واللوجستيات الخاصة بالإمدادات الغذائية.

كما أشارت أيضًا إلى ضرورة إعادة تشغيل خط الأمونيا بين تولياتي وأوديسا الذي تم تدميره من قبل السلطات الأوكرانية.

بالإضافة إلى صفقة الحبوب، كانت هناك اهتمامات أخرى لأردوغان في هذه المحادثات مع بوتين. واشتملت هذه الاهتمامات على دعم مطاحن الدقيق التركية التي تعتمد على الحبوب الأوكرانية بأسعار منخفضة والاستفادة من حركة المرور البحرية المكثفة في مضيق البوسفور.

من خلال هذه المحادثات، يسعى أردوغان إلى الاستمرار في دوره كوسيط في الأزمة الأوكرانية.

على الرغم من فشل صفقة الحبوب وعدم استجابة الجانب الروسي للضغوط التركية، إلا أن أردوغان يسعى إلى إعادة إحياء اتفاق الحبوب من خلال مبادرات جديدة، حسبما تشير المعلومات التي تم نشرها بعد محادثات سوتشي.

يعتزم أردوغان تناول هذه القضية خصوصًا في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الجاري ومن خلال لقاءات مع زعماء الدول الغربية على هامش اجتماعات الأمم المتحدة.

من ناحية أخرى، تبحث روسيا عن طرق أخرى لتصدير حبوبها إلى الأسواق العالمية، بما في ذلك من خلال تقديم أسعار تفضيلية لتركيا على الحبوب التي تقوم بإعادة تسويقها في الأسواق العالمية والتمويل لعمليات الشحن إلى أفريقيا. وستقوم روسيا بتزويد ست درلات أفريقية بمليون طن من القمح من منطقة الدونباس المتأثرة بالعقوبات الغربية.

أخيرًا، فيما يتعلق بمقترحات أردوغان للوساطة في الأزمة الأوكرانية، فقد أشار الجانب الروسي إلى أنه لا يرفض أي وساطة في أوكرانيا، بما في ذلك وساطة تركيا. وبالنسبة لموضوع إعادة قادة “آزوف” المعتقلين في تركيا إلى كييف، فقد أشارت المصادر الروسية إلى أن هذا الموضوع قد لا ي

تم مناقشته في الجزء العلني من المحادثات. بشكل عام، تظهر نتائج قمة سوتشي بين بوتين وأردوغان توترًا في العلاقات بين البلدين، لكن مصالحهما المشتركة تظل تدفعهما إلى مواصلة التعاون والبحث عن حلول للقضايا المشتركة، رغم الاختلافات والتحديات.

المصدر: بوست 180

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى