الاخبار

المراوغة الأميركية في اشتباكات شمال سوريا وشرقها

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

نشرت صحيفة راي اليوم مقالاً تحدثت فيه عن حملة إعلامية تضليلية تقودها قوات سورية الديموقراطية «قسد» ، التي ادعت السيطرة بشكل كامل على مدينة “ذيبان” معقل شيخ قبيلة العكيدات في دير الزور،  بينما نشر مقاتلي العشائر أكثر من مقطع فيديو يثبتون فيه زيف هذه الادعاءات، وبأنهم لا يزالون في المدينة ولم ينسحبوا منها وعلى العكس تماماً فقد قامت قوات العشائر بمهاجمة قوات قسد في أكثر من نقطة خارج ذيبان كما حدث عندما شنت قوات العشائر هجمات ليلية على مواقع قسد في محيط مدينة ذيبان.

ويتابع كاتب المقال على عكس ما أشيع، فلم تتخذ الحكومة السورية موقف الحياد بل دعمت موقف العشائر العربية في استعادة أرضهم وحقوقهم وجاء ذلك على لسان وزير خارجيتها فيصل المقداد في تصريحاته لوكالة سبوتنيك الروسية   حيث وصف المقداد الحراك الذي تقوده العشائر العربية بأنه نضال وطني باسم جميع السوريين في معركة مع الاحتلال والمسلحين الموالين له.

وعلى عكس موقف الحكومة السورية الواضح فلا تزال الولايات المتحدة تراوغ كعادتها ولم تتخذ موقفاً صريحاً من الأحداث في دير الزور،  ففي الوقت الذي صرحت فيه عن مبادرة لوقف إطلاق النار والدعوة للتفاوض (وهذه دعوات مراوغة وكاذبة)، يبدو بأنها تشن غارات ضد مواقع العشائر العربية لصالح قوات قسد،  ويبدو كذلك بأنّ تصريحات “مظلوم عبدي” قائد قوات سورية الديمقراطية هي الدليل الحقيقي على عملية الخداع الأمريكي، فعبدي قال دون مواربة بأن قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة لن تتحالف مع جهة أخرى غير قوات قسد كما أنها قدمت لهم عرضاً بدعم جوي لهم ضد قوات العشائر في دير الزور.

كما أن التاريخ الحديث والقديم مليء بالحقائق التي تشير إلى أن الولايات المتحدة هي شريك لا يمكن الوثوق به أبداً، ولطالما تخلّت عن حلفائها عندما اقتضت الظروف ذلك، كما أنها باعت حلفائها بثمن بخس في أكثر من مناسبة وموقف،  ولكن علينا البحث عن أهداف الولايات المتحدة في سوريا كي نفهم خريطة تحالفاتها،  في الواقع لم يكن هدف أمريكا مقاتلة داعش أو الجماعات المتشددة في سوريا إذ كيف يمكن لها أن تدعم وتؤسس مثل هذه الجماعات ومن ثم تتدخل لقتالها والقضاء عليها،  إن الهدف الرئيسي للولايات المتحدة كان ولا يزال وسيبقى تدمير سوريا بشكل كامل والمحافظة على الوضع الراهن من حيث عدم الاستقرار ومنع عملية إعادة الإعمار،  ولتوضيح هذه الأهداف الأدلة عديدة نذكر منها على سبيل المثال: أولاً تجاهل الأزمة الإنسانية نتيجة الزلزال المدمر في سوريا ومنع دول العالم من ارسال مساعدات إلى هذا البلد المنكوب تحت طائلة العقوبات الاقتصادية،  كما قام مؤخراً مجموعة من أعضاء الكونغرس الأمريكي بقيادة “جو ويلسون” بمنع تمديد حالة الإعفاء من العقوبات فيما يخص المساعدات الإنسانية في سوريا،  وعلى العكس تماماً فقد منحت الحكومة السورية الإذن باستخدام معبر باب الهوى لايصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري بجميع مكوناته دون النظر إلى مخالفته أو تأييده للحكومة السورية.

ثانياً: الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لمنع التطبيع مع الحكومة السورية،  ولا يقتصر هذا المنع على الدول بل يشمل المنظمات الإنسانية كذلك،  إن عملية التطبيع مع الحكومة السورية كان من الممكن أن تساعد في تنسيق وصول المساعدات إلى من يستحقها على الأراضي السورية وإمكانية إيجاد حلول مستدامة لمشاكل السوريين من تأمين للمياه والكهرباء في بعض المناطق،  إلا أن الحكومة الأمريكية تمنع أي تقارب من هذا النوع مع الحكومة السورية للحفاظ على الوضع الرهن كما هو عليه.

ثالثاً: لا تزال الولايات المتحدة تفرض عقوبات على الشعب السوري من خلال قانون قيصر، ويبدو كذلك بأنها توسع من نطاق شمول وتطبيق هذا القانون ليشمل جميع مؤسسات الدولة السورية المعنية بتأمين الخدمات للمواطن السوري.

بعد كل هذه التفاصيل يبدو من المنطقي أن نستنتج بأنّ تحالف قسد مع الولايات المتحدة هو تحالف ضد مصلحة الشعب السوري، وبأن على قسد أن تعلم جيداً بأن القادم أسوء لها خصوصاً بأن الولايات المتحدة ستتخلى عنها في الفرصة التي تراها مناسبة.

ودعونا نختم بالجواب عن السؤال الثاني، حيث نرى بأنّ الواقع الحالي يشير إلى أن معارك العشائر مع قوات قسد ما هي إلا مقدمة لنضال مستمر في هذه المناطق لطرد المحتل أولاً ومن ثم استعادة الحقوق،  قد تنجح قسد بالسيطرة على ذيبان مقر العكيدات ولكنها لا تستطيع أن تقمع النضال المسالم في بعض المناطق والمسلح في بعض المناطق الأخرى بشكل كامل،  وانتفاضة العشائر في الحسكة وريف حلب ضدهم خير دليل على أن الحرب مستمرة لتحصيل الحقوق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى