الاخبار

تكتيك يشبه عملية البيجر.. هكذا أدخل الموساد المسيرات إلى إيران

شهدت السنوات الأخيرة تحوّلًا جذريًا في طبيعة الحروب الحديثة، إذ أصبحت الطائرات المسيّرة (الدرونز) واحدة من أبرز أدوات القتال المتطورة، بفضل صغر حجمها وصعوبة اكتشافها، إلى جانب دقتها العالية في تنفيذ الهجمات.

لكن عندما تُطلق هذه المسيّرات من داخل أراضي الخصم نفسه، يتضاعف تأثيرها العسكري والنفسي، كما حصل مؤخرًا عندما تمكنت أوكرانيا من استهداف أربعة مطارات روسية انطلاقًا من داخل الأراضي الروسية نفسها. واليوم، تكرّر السيناريو في إيران، لكن منفّذه هذه المرة كان جهاز الموساد الإسرائيلي.
هجوم من الداخل الإيراني.. ضربة موجعة ومفاجئة

في عملية غير مسبوقة، كشف الجيش الإسرائيلي عن تنفيذ ضربة باستخدام طائرات مسيّرة انطلقت من داخل الأراضي الإيرانية نفسها، حيث استهدفت مواقع عسكرية حساسة يوم الجمعة الماضي. الهجوم شكل تحولاً تكتيكياً في أساليب الحرب الحديثة، بحسب ما أكده خبراء عسكريون وأمنيون.

وبحسب المعلومات، فقد نفذ عناصر تابعون للموساد العملية بعد تهريب المسيّرات إلى داخل إيران بواسطة شاحنات تجارية، لتبدأ بعدها سلسلة من الضربات التي أصابت أهدافًا حساسة في العاصمة طهران ومحيطها، من بينها مواقع دفاع جوي ومنصات إطلاق صواريخ.
سنوات من التحضير.. وعملاء على الأرض

أفاد مسؤولون إسرائيليون مطّلعون أن هذه العملية السرية كانت نتيجة سنوات من التخطيط والعمل الاستخباراتي، تخللها تنفيذ مهام كوماندوز داخل إيران، وتهريب مكونات الطائرات المسيّرة – بما في ذلك المحركات والذخائر – على مراحل وبطرق مبتكرة، مثل تفكيك الأجزاء وإخفائها في حقائب وشاحنات.

تمركزت فرق صغيرة مدرّبة بالقرب من مواقع حيوية داخل إيران، وانتظرت لحظة التنفيذ. مع انطلاق الهجوم، قامت بعض هذه الفرق بتعطيل الدفاعات الجوية، في حين استهدفت فرق أخرى منصات الصواريخ الإيرانية وهي في طريقها للانطلاق، وفقًا لما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال.
استخدام شركاء أعمال دون علمهم

كما أوضحت مصادر أن الموساد نجح في تمرير هذه المسيّرات عبر قنوات تجارية مستخدمًا شركاء أعمال لا علم لهم بالمخطط، في سيناريو يذكّر بعمليات مماثلة ضد حزب الله في لبنان خلال السنوات الماضية.

وتم تدريب القادة الميدانيين لهذه العملية في دول ثالثة، وتم توزيع الذخائر وتجهيز الطائرات الصغيرة من نوع “كوادكوبتر”، القادرة على حمل متفجرات أو معدات تشويش، لتقوم بمهمتها بدقة داخل العمق الإيراني.
تحذيرات وردود فعل وتحليل استراتيجي

وسائل إعلام إسرائيلية نقلت تحذيرات من احتمال استخدام شاحنات لنقل الطائرات المسيّرة في المستقبل، فيما أشار محللون إلى أن ما حدث قد يكون مقدّمة لحقبة جديدة من الحروب غير التقليدية.

وفي هذا السياق، علّق فرزان ثابت، الباحث في شؤون الأمن الإيراني والأسلحة في معهد الدراسات العليا بجنيف، بأن المسيّرات أصبحت أداة مثالية للعمليات السرية، خصوصًا إذا تم تهريبها على مراحل كقطع مفككة، مما يصعّب عملية اكتشافها.

وأضاف ثابت أن إيران تعمل حاليًا على تطوير نظام دفاع جوي متعدد الطبقات بزاوية تغطية 360 درجة، لكن الهجوم الأخير يطرح تساؤلات جدية حول فعالية هذه الأنظمة في رصد التهديدات القريبة.
المستقبل: نحو تكتيكات أكثر تعقيداً؟

يتفق عدد من المراقبين على أن ما قامت به إسرائيل، وما سبق أن فعلته أوكرانيا، قد يشكّل نموذجاً مستقبلياً في إدارة الصراعات المسلحة، لا سيما أن هذه الأساليب تمنح منفّذيها ميزة “عنصر المفاجأة” – وهو ما أشار إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطابه، مؤكداً أن الهجوم على إيران اعتمد بشكل كبير على السرية والاختراق العميق.

كما قارن نتنياهو هذه العملية بما نفذته قواته في لبنان في سبتمبر الماضي، عندما تم استخدام أجهزة مشفّرة تحتوي على متفجرات لاستهداف عناصر من حزب الله، في مثال حي على كيفية اندماج التكنولوجيا الحديثة بأساليب التجسس والاستخبارات.

العربية نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى