بين التقسيم والفيدرالية.. هل تمهّد تحركات الشرع لمرحلة جديدة في سوريا؟

وسط التحولات السياسية المتسارعة في سوريا، يتزايد الحديث عن سيناريوهات “الفيدرالية” أو “التقسيم”، في ظل مؤشرات على إعادة تشكيل الخريطة السياسية للبلاد. ويعتبر محللون أن زيارة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع إلى فرنسا مؤخراً تحمل دلالات عميقة على مرحلة جديدة قيد التبلور، قد تتضمن أبعاداً إقليمية متصلة بالعلاقات المستقبلية مع إسرائيل.
فرنسا تعود إلى الملف السوري وتنافس روسيا
تحاول باريس إعادة ترسيخ دورها في الملف السوري، في وقت تسعى فيه إلى الحد من النفوذ الروسي المتزايد في المنطقة، بما يتماشى مع مصالحها الجيوسياسية، خاصة على سواحل البحر المتوسط. ويرى مراقبون أن دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للشرع ليست مجرد مجاملة دبلوماسية، بل تأتي في سياق استراتيجي أوسع.
وبحسب آصف ملحم، مدير مركز “جي إس إم” للأبحاث، فإن زيارة الشرع لفرنسا جاءت ضمن تفاهم قديم–جديد يقضي بوقف أي عمليات تستهدف المصالح الغربية مقابل دعم سياسي، ومن ضمن ذلك فك الارتباط بتنظيم “القاعدة”. وأضاف أن اللقاء مع ماكرون يعكس مساعي الشرع للحصول على اعتراف دولي وتقديم نفسه كوجه معتدل قادر على قيادة سوريا في المرحلة المقبلة.
علاقة مع إسرائيل.. في الخلفية
وأشار ملحم إلى أن البُعد الإسرائيلي لا يمكن فصله عن هذه التحركات، إذ تُعد فرنسا وسيطًا تقليديًا لنقل الرسائل بين تل أبيب ودمشق. وتُرجّح التحليلات أن اللقاء بين الشرع وماكرون تضمن نقاشات غير مباشرة بشأن مستقبل العلاقة مع إسرائيل، وضمان ألا تتحول سوريا الجديدة إلى تهديد إقليمي.
أقاليم ذاتية وإعادة رسم الخارطة السورية
في موازاة ذلك، يتصاعد الحديث عن إنشاء أقاليم ذاتية الإدارة في سوريا تشمل الدروز والأكراد ومكونات أخرى. ويرى ملحم أن هناك مساراً فعلياً نحو تطبيق الفيدرالية، خاصة في ظل دعم فرنسا غير المعلن للمشروع الكردي، رغم أن تأثيرها في هذا الملف لا يزال محدوداً.
توازنات إقليمية معقدة
من جانبه، أوضح نجيب أبو فخر، رئيس المكتب السياسي للمجلس العسكري في الجنوب السوري، أن زيارة الشرع توافقت مع مصالح إسرائيل، التي تُفضّل تقسيم سوريا إلى كيانات منفصلة، في مقابل الموقف التركي الرافض لهذا السيناريو. فأنقرة تخشى من قيام كيان كردي موحد يهدد أمنها القومي ويمتد إلى داخل العراق وتركيا.
وأكد أبو فخر أن الواقع على الأرض يشير إلى وجود توجه فعلي لتقسيم سوريا عبر الأقاليم، لكن ما يمنع تحقق هذا المشروع حتى الآن هو غياب “عدالة تشاركية” تعكس مصالح جميع الأطراف وتمنع التفكك النهائي.
سوريا الجديدة.. ملامح تتشكل
التحليلات تجمع على أن سوريا تمر بمرحلة انتقالية مفصلية، لم تعد تشبه ما كانت عليه قبل سنوات. ويبدو أن التحول نحو نمط حكم فيدرالي أو شبه فيدرالي أصبح أكثر واقعية، مع استمرار الضغوط السياسية الإقليمية والدولية لإعادة ترتيب السلطة وضمان استقرار طويل الأمد.
إرم نيوز