هل تذهب تركيا إلى الحرب مع إسرائيل من أجل سوريا؟

شهدت العلاقات بين تركيا وإسرائيل توترات طويلة لأكثر من عقد، ورغم ذلك حافظ البلدان على الروابط الدبلوماسية والتجارية خلال الفترات العصيبة. لكن الأوضاع اليوم تغيرت؛ تركيا، القوة الإقليمية الكبيرة، تقف الآن بالقرب من إسرائيل التي استنزفتها الحروب.
في ديسمبر 2024، أدى سقوط نظام بشار الأسد في سوريا إلى تقارب تركيا وإسرائيل نحو مواجهة غير مباشرة، حيث يسعى الطرفان للسيطرة الإقليمية. وفقاً لمقال للكاتب “جوليان ماكبرايد” في مجلة “فورين بوليسي إن فوكس”، فإن الهجمات الإسرائيلية ضد ما يسمى “ممتلكات الحكومة السورية الجديدة” قد تصب في مصلحة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ومن المتوقع أن تطلب الحكومة السورية الجديدة دعمًا عسكريًا كاملاً من تركيا، مما يجعل أنقرة تهديدًا جديدًا لإسرائيل يحل محل حزب الله وإيران.
على مدى السنوات الماضية، تبادل أردوغان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تصريحات حادة، رغم أنهما كانا يحتفظان بعلاقات ودية قبل ذلك. وكان أردوغان دائماً ناقدًا لإسرائيل ومدافعًا عن الفلسطينيين. واحدة من أسوأ اللحظات في العلاقات الثنائية كانت في عام 2010 عندما انتهت محاولة تركية لكسر الحصار الإسرائيلي على غزة بمقتل 10 أتراك على أيدي القوات الإسرائيلية. ومنذ ذلك الحين، مرت العلاقات بفترات من التحسن والتوتر، وكان آخرها في عام 2022 عندما زار الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ أنقرة في محاولة لإصلاح العلاقات.
لكن العلاقات تدهورت مجددًا بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، مما دفع أردوغان إلى قطع العلاقات مع إسرائيل وفرض حواجز تجارية متبادلة. كما دعمت تركيا شكوى رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، وقدمت مساعدات إنسانية لغزة.
وفي ظل التوترات المتزايدة، توقف التعاون السياحي بين البلدين، ولم تعد هناك رحلات جوية مباشرة. وعندما اغتيل الزعيم الفلسطيني إسماعيل هنية في طهران، أعلن أردوغان يوم حداد وطني في تركيا، وقرر حجب تطبيق إنستغرام بعد حذفه منشورات تتعلق بالحادثة.
التطورات الأخيرة في سوريا أدت إلى نشر قوات تركية وإسرائيلية في سوريا، ولكن في مناطق متباينة. وقبل سقوط نظام الأسد، كتب الباحث التركي مراد يشيلتاش في صحيفة “الصباح” عن ضرورة إعادة تركيا تقييم استراتيجيتها الأمنية والدفاعية في ظل التوترات الإقليمية، وخاصة بين إسرائيل وإيران.
وأشار تقرير إسرائيلي صدر مؤخرًا إلى أن طموحات تركيا في استعادة نفوذها الإقليمي قد تشكل تهديدًا جديدًا لإسرائيل، وأن مواجهة عسكرية بين الطرفين قد تكون غير مسبوقة. لكن رغم هذه التوترات، هناك حاجة ملحة لتبني آلية للحوار لتجنب الصراع. ويرى البعض أن الوساطة الدولية، خاصة من الولايات المتحدة، قد تكون المفتاح لتخفيف حدة التوترات بين تركيا وإسرائيل.
أعلنت إدارة ترامب مؤخرًا عن نيتها تعزيز علاقاتها مع أردوغان كوسيط إقليمي أساسي، ومن المتوقع أن يجمع ترامب بين وزيري الخارجية التركي والإسرائيلي في واشنطن في محاولة لإعادة إحياء العلاقات بين البلدين.
الجزيرة نت