تضم أعظم كنوز العالم وكل من يدخلها يموت.. أسطورة “مدينة النحاس” التي بناها الجن لسيدنا سليمان بالمغرب
منذ العصور القديمة، تتردد العديد من الأساطير والقصص حول مدن مفقودة، منها مدينة أتلانتس الشهيرة، ومدينة طروادة التي عاشت على خلفية الحروب التاريخية في تركيا، وصولًا إلى ممفيس الفرعونية في مصر. لكن، وسط هذه الأساطير، تبرز “مدينة النحاس” في المغرب كواحدة من أندر القصص المثيرة للدهشة، حيث يُقال إنها بنيت بواسطة الجن بأمر من النبي سليمان.
قصة مدينة النحاس المفقودة
تدور الأسطورة حول مدينة النحاس التي يُقال إنها شُيدت بالكامل من النحاس، وهو ما يثير دهشة الباحثين والمستكشفين. وفقًا لما تروي بعض الكتب القديمة، فإن هذه المدينة أُقيمت في مكانٍ قريب من “بحر الظلمات”، وأن الجن الذين خدموا النبي سليمان هم من قاموا ببنائها. يُعتقد أن تلك المدينة تحتوي على أسرار غامضة وسحر لا يمكن تفسيره، ما يضيف إليها بعدًا أسطوريًا مذهلاً.
العلاقة بين مدينة النحاس وسيدنا سليمان
سيدنا سليمان، كما تُروي القصص الدينية، كان النبي الوحيد الذي سُخِّر له الجن والطير والرياح، بل حتى النمل والهوام. كان الجن يعملون تحت إمرته لأداء مهام مختلفة، من بناء القصور واستخراج الكنوز، إلى حماية المملكة وتنفيذ الأوامر. ويقال أن من بين تلك المهام كان بناء مدينة النحاس، وهو أمرٌ يظل حتى اليوم محاطًا بالغموض.
رحلة موسى بن نصير للبحث عن مدينة النحاس
في العهد الأموي، وعندما وصلت الأخبار إلى الخليفة عبد الملك بن مروان عن مدينة النحاس المفقودة، أرسل موسى بن نصير لاستكشاف حقيقة هذه القصة. كانت الرحلة مليئة بالغموض، حيث سلك موسى بن نصير وفريقه طرقًا وعرة ومرتفعات قاسية. ولكنهم، بعد بحث طويل، وصلوا إلى مكانٍ تخللته الأشجار والنخيل، ليكتشفوا سورًا ضخمًا يُعتقد أنه سور مدينة النحاس.
اكتشافات غير متوقعة داخل المدينة
حاول موسى بن نصير وفريقه دخول المدينة عبر السور، لكنهم فشلوا في إيجاد أي مدخل. بعد محاولات عدة، قرروا الحفر أسفل السور، لكنهم اكتشفوا أن الأساسات كانت أقوى مما توقعت. وفي خطوة جريئة، قاموا ببناء سور مماثل وصعدوا عليه لدخول المدينة. ومع دخول أحد رجال موسى إلى المدينة، حدث أمر غير متوقع: بدأ الرجل بالضحك الهستيري ثم ألقي بنفسه داخل المدينة. بعدها، انطلقت أصوات مرعبة سادت المكان لمدة ثلاثة أيام، وعندما انتهت الأصوات، اختفى الرجل ولم يجد له أثر.
المخاطر والأسرار داخل مدينة النحاس
خلال محاولات أخرى لاستكشاف المدينة، تعرض موسى بن نصير ورجاله لمخاطر جديدة. حيث حاول رجل آخر الصعود إلى السور، وعندما اكتشف المدينة، سقط هو الآخر في المدينة، لكن هذه المرة كان المنظر أكثر رعبًا؛ حيث انقسم جسده إلى نصفين بعد تعرضه لشيء غريب داخل المدينة. لم يكن هذا سوى بداية سلسلة من الأحداث العجيبة التي أكتشفها موسى بن نصير، حيث وجدوا نقوشًا غريبة على لوحات من الرخام الأبيض تُذكر أسماء الأنبياء والملوك.
البحيرة الغامضة والمفاجآت
بينما كانوا يبتعدون عن المدينة، اكتشفوا بحيرة ضخمة مليئة بالأشجار المثمرة والأزهار الجميلة. قرر موسى وفريقه استكشاف قاع البحيرة، ليجدوا أواني نحاسية مغلقة بأغطية من الرصاص، تحمل ختمًا غريبًا. وعندما فتحوا أحد الأواني، خرج منهم جني ضخم يحمل رمحًا ناريًا، ليطير في الهواء وهو يصرخ: “يا نبي الله لا أعود”. هذا المشهد الصادم دفع موسى بن نصير إلى التراجع سريعًا، بعدما أدرك أن الجن هم من كانوا سجناء في تلك الأواني.
الأساطير والتاريخ: هل كانت مدينة النحاس موجودة؟
تختلف الروايات حول تاريخ بناء مدينة النحاس. في بعض القصص، يُقال إن الجن هم من بنوا المدينة بناءً على أوامر النبي سليمان، بينما تقول رواية أخرى إن ذي القرنين هو من أنشأها لتخزين ثرواته ووضع سحر عليها لمنع دخول أي شخص إليها. وبينما يعتقد البعض بوجود المدينة فعلاً، يراها آخرون مجرد أسطورة، ويتساءل العديد من المؤرخين والمفكرين، مثل ابن خلدون والياقوت الحموي، حول حقيقة هذه القصة، حيث يعتبرون أنها تتناقض مع قوانين الطبيعة والمنطق.
خاتمة: مدينة النحاس بين الحقيقة والأسطورة
إلى يومنا هذا، تظل مدينة النحاس موضوعًا مثيرًا للجدل، مع تنوع الروايات حولها وتعدد الأساطير التي تحيط بها. هل كانت بالفعل مدينة حقيقية؟ أم أن الأساطير قد أضافت إليها المزيد من الغموض مع مرور الزمن؟ يظل البحث مستمرًا عن أي دليل مادي يؤكد وجود هذه المدينة الأسطورية، ولكن كما هو الحال مع العديد من الأساطير التاريخية، قد تظل مدينة النحاس واحدة من أعظم الألغاز التي لم تُحل بعد.
عربي بوست