سيناريوهات تصاعد الصراع من جنوبي لبنان إلى الجولان
قبل يوم من وفاة السيد حسن نصر الله، نشر مركز أبحاث “إسرائيلي” متخصص في الشؤون اللبنانية والسورية، “مركز ألما للأبحاث والتعليم”، تقريراً بعنوان “مفترق الطرق الاستراتيجي في الشرق الأوسط: 4 سيناريوهات محتملة”. يأتي التقرير في ظل التصعيد الإسرائيلي المستمر الذي يستهدف قادة الجناح العسكري لحزب الله، وصواريخه، ومخازنه منذ 22 سبتمبر.
تتعلق هذه التطورات بحملة القصف المكثفة التي طالت مناطق واسعة من لبنان، من الجنوب اللبناني إلى الضاحية الجنوبية في بيروت والبقاع. الحملة الإسرائيلية، التي سميت “أسهم الشمال”، استخدمت ذريعة استهداف المقاومة لتبرير استهداف المدنيين والبنية التحتية، مشابهة لما يحدث في غزة، إلا أن الأهداف السياسية تتجاوز العقاب الجماعي، التهجير، وتأسيس مناطق عازلة، وصولاً إلى التمهيد للاستيطان وفق نظرية “إسرائيل الكبرى”.
الوضع الراهن يظهر جلياً في شمالي غزة، حيث يحاول الاحتلال تهجير السكان بالكامل بعد تدمير المنطقة. وفي لبنان، أصدر جيش الاحتلال تحذيرات للمدنيين بالنزوح شمالي نهر الليطاني، ثم إلى شمالي نهر الأولي، مما يعني تهجيراً محتملاً لأكثر من 40 كيلومتراً شمالي الليطاني، كما ورد في خرائط نشرتها “نيويورك تايمز” بتاريخ 16 أكتوبر 2024.
يستهدف الاحتلال بشكل رئيسي المنطقة الواقعة جنوبي ما يُعرف بالخط الأزرق، والذي يمتد من مصب نهر الليطاني في البحر المتوسط شمالي صور، وصولاً إلى الحدود اللبنانية السورية. ويهدف الاحتلال إلى تعزيز مواقعه حول الجولان السوري المحتل، والتوغل في مناطق قريبة من مواقع حزب الله.
من ناحية عسكرية، فإن أي تقدم إسرائيلي من جهة جنوب لبنان، عبر محور المطلة – كفركلا، يسهم في تأمين الجولان من صواريخ حزب الله، كما يضمن الالتفاف إلى سوريا. واندلعت أولى شرارات الحرب البرية في بلدة العديسة جنوبي كفركلا مباشرة، في 1 أكتوبر 2024.
إذا سعى الاحتلال لتطبيق القرار 1701 بهدف منع تسليح حزب الله عبر سوريا، فإنه قد يحاول تطويق مواقع الحزب في حاصبيا ومرجعيون، مما يفسر التحركات الإسرائيلية الأخيرة لتأمين الجولان، وتكثيف القصف على مواقع قريبة من الحدود السورية.
وفي ظل هذه التطورات، يعرض “مركز ألما للأبحاث والتعليم” أربعة سيناريوهات محتملة لمستقبل الصراع:
هدنة مع حزب الله: هذا السيناريو يفتح الباب أمام عدة خيارات مستقبلية، مثل تنفيذ القرار 1701 بواسطة “إسرائيل” أو قوى غربية، أو استمرار الوضع كما كان عليه خلال السنوات الـ 18 الماضية، حيث فشلت قوات “اليونيفيل” في تطبيق القرار.
استمرار التصعيد: قد يؤدي إصرار حزب الله وإيران على مواصلة القتال إلى توسيع نطاق الحرب وإرسال قوات برية لاجتثاث مواقع الحزب في الجنوب اللبناني.
دخول إيران بشكل مباشر في الحرب: هذا السيناريو قد يشمل ضربات إسرائيلية ضد مواقع نووية إيرانية، لكنه يبقى أقل احتمالاً بسبب التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة.
تهدئة في غزة تؤدي إلى خفض التصعيد في الجبهة الشمالية: في حال التوصل إلى هدنة في غزة، قد يعود الوضع إلى ما كان عليه، مع استمرار احتمال القضاء على حزب الله عسكرياً أو منعه من إعادة بناء قوته.
يخلص التقرير إلى أن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو استمرار استهداف حزب الله بهدف تفكيك قوته العسكرية، سواء قبل وقف إطلاق النار أم لم يقبل به. يرى حزب الله أن السبيل الوحيد لإيقاف العدوان الإسرائيلي هو مقاومته وإفشاله، سواء في غزة أو لبنان.
على الجانب الآخر، يستمر الاحتلال الإسرائيلي في تدمير صواريخ حزب الله ومنصات إطلاقها، رغم التقارير التي تشير إلى أن الحزب ما زال يمتلك قدرة كبيرة على الرد.
الميادين