الاخبار

كيف ستردّ إيران وأين؟

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

شكّل اغتيال الكيان الاسرائيلي للمستشار العسكري الإيراني الأقدم في سورية، العميد رضي موسوي، تصعيداً خطراً في المنطقة المقيمة أصلاً فوق صفيح ساخن، تؤجّجه نار الحرب على قطاع غزة.
صحيح أنّ تل أبيب تستخدم منذ سنوات الميدان السوري لتوجيه الرسائل النارية الى طهران وحزب الله، لكنّ قرارها هذه المرة باستهداف القائد العسكري في الحرس الثوري الإيراني رضي موسوي، بكل ما يمثّله من رمزية ودور، انطوى على تطور دراماتيكي في المواجهة مع محور المقاومة فوق الأرض السورية، وهذا ما عكسه بوضوح بيان حزب الله الذي اعتبر أنّ ما جرى هو تجاوز للحدود.
وإذا كان هذا الاستهداف يأتي في سياق مسار من الاعتداءات على أهداف لإيران وحزب الله في سورية منذ أن أصبحا يملكان فيها حضوراً استراتيجياً وازِناً ومزعجاً لكيان الاحتلال بعد عام 2011، إلا أنّ اغتيال موسوي لا يمكن فصله، كهدف وتوقيت، عن العدوان الإسرائيلي على غزة ومفاعيله الممتدة إلى الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة.
وبهذا المعنى، فإنّ “إسرائيل” التي عجزت حتى الآن عن تحقيق إنجاز نوعي وحقيقي في حربها على حماس، وفقدت هيبتها بعد عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول، بدت وكأنها تسعى عبر اغتيال شخصية مؤثرة من وزن موسوي إلى التعويض عن إخفاقها في غزة وعدم قدرتها على شن حرب واسعة ضد الحزب في الجنوب رغم الضربات الموجعة التي تتلقاها في الجليل، وصولاً إلى محاولتها استعادة شيء من قوة الردع المتآكلة والمتداعية عبر تنفيذ عمليات موضعية من النوع الذي تعرّض له المستشار الإيراني.
ولعل بنيامين نتنياهو والمسؤولون عن هزيمة 7 تشرين الأول يفترضون أنهم يستطيعون من خلال اغتيال موسوي رفعَ أسهمهم مجدداً في المجتمع الإسرائيلي الذي يتهيّأ لمحاسبتهم بعد انتهاء الحرب.
وهناك مَن ذهبَ في استنتاجاته إلى التقدير بأنّ نتنياهو يريد أيضا أن يستفيد من الاستنفار العسكري الأميركي في الإقليم لجَرِّ طهران إلى مواجهة كبرى على توقيته، مفترضاً أنّ اتساع المواجهة سيُفضي إلى انخراط الولايات المتحدة فيها بقواها العسكرية، وهو الأمر الذي لا تزال واشنطن تتفاداه لمعرفتها بكلفته الباهظة ربطاً بما سيتركه من تداعيات وخيمة على مصالحها الحيوية في الشرق الأوسط.
ولكن كيف ستتعامل القيادة الإيرانية مع اغتيال أحد أهم قادة حرسها الثوري في سورية؟
لم تتأخر طهران، على مختلف المستويات، في التأكيد بأنها سترد على الاعتداء العابر للخط الأحمر، فيما توقعت أوساط إسرائيلية أن يأتي الجواب من الحدود الشمالية لدولة الكيان مع لبنان.
الّا انّ العارفين يجزمون بأنّ الرد سيكون مذيّلاً بتوقيع إيراني بالدرجة الأولى، لأنّ ثقل الشخصية المستهدفة ورمزيتها (موسوي كان قريباً من اللواء قاسم سليماني وعُرف بدور حيوي في محور المقاومة) يُحتّمان على طهران أن تتولى بنفسها الانتقام وردِّ الاعتبار، بمعزل عما يفعله الحلفاء، تماماً كما حصل حين ردت سابقاً على اغتيال واشنطن للواء سليماني بقصف قاعدة عين الأسد الأميركية في العراق.
ومن المعروف أن حروباً أمنية واستخباراتية تدور منذ عقود بين طهران – تل أبيب، بعضها صامت وبعضها الآخر صاخب، وبالتالي فإنّ شكل الرد ومكانه هما مُشرّعان على احتمالات عدة تبعاً لتقديرات القيادة الإيرانية وحجم الرسالة المضادة التي تريد إيصالها.
وبهذا المعنى، يعتبر المطلعون أن الردّ ليس سوى مسألة وقت، علماً أن جزءاً منه هو غير مباشر أيضاً ويتمثّل في الاصرار على مواصلة المهمة الاستراتيجية التي تؤديها طهران في سورية، بكل ما تشكّله من “أرق” لدولة الكيان وحليفها الأميركي، وفق هؤلاء.
التيار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى