اقتصاد

هل يتحمل الاقتصاد الإسرائيلي “حرب غزة”؟

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

يظهر الوضع الاقتصادي في إسرائيل بشكل متزايد عرضة لأزمة واسعة النطاق، نتيجة لتكاليف الحرب المتوقعة في قطاع غزة، وهذا سيزيد من تعقيدات الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعانيه البلد بالفعل بسبب الميزانية التي تم تمريرها بصعوبة قبل بضعة أشهر.
وفقًا للخبير الاقتصادي الإسرائيلي جوزيف زعيرا، يتجه الاقتصاد نحو فترة ركود حتمية نظرًا للتراجع المتوقع في الإنتاجية والتكاليف الهائلة المرتبطة بالحرب على الاقتصاد الوطني.
قبل بضعة أشهر، كان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يعلن على حسابه على موقع فيسبوك أن الحكومة قد نجحت في تمرير الميزانية وستواصل العمل على مدى الأربع سنوات المقبلة.
وقد بلغت الميزانية العامة لعام 2023 حوالي 484 مليار شيكل (أي ما يعادل 119 مليار دولار)، ومن المتوقع أن تزيد إلى أكثر من نصف تريليون شيكل للمرة الأولى في عام 2024.
وتشير بيانات وزارة المالية الإسرائيلية إلى أن الخطة الاقتصادية تهدف إلى حل العديد من المشكلات في السوق الاقتصادية من خلال تعزيز المنافسة وتخفيف الانحيازات وتعزيز المشاريع الوطنية للبنية التحتية ومعالجة الإسكان ودعم القطاع العام وتبسيط الإجراءات ومكافحة الأموال غير الشرعية.
مشروع قانون الميزانية أسهم في تخصيص حوالي 14 مليار شيكل لأحزاب الائتلاف الحكومي، وزادت ميزانية وزارة التربية والتعليم إلى حوالي 77 مليار شيكل هذا العام ومن المتوقع أن تصل إلى 82 مليار شيكل في العام المقبل.
وتم تخصيص نحو 63 مليار شيكل لوزارة الأمن وحوالي 64 مليار شيكل في العام المقبل، بينما بلغت ميزانية وزارة الصحة حوالي 44 مليار شيكل في عام 2023 وتزيد إلى 50 مليار شيكل في عام 2024.
تمت الموافقة على الميزانية بأغلبية ضئيلة، حيث صوت 64 عضوًا من أصل 120 في الكنيست الإسرائيلي لصالحها، وهؤلاء كانوا أعضاءً في الكتلة اليمينية المؤيدة لنتنياهو.
ومع ذلك، انتقد زعيم المعارضة يائير لبيد الميزانية الجديدة ووصفها بأنها “الأسوأ والأكثر تدميرًا في تاريخ الدولة”، واعتبر أنها لا تتضمن تدابير لمواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة.
وأشار الاقتصادي آشر بلاس إلى ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض قيمة الشيكل في الأشهر الأخيرة.
وأكد أنه كان من الأفضل تبني ميزانية تتضمن إجراءات لتعزيز النمو بدلاً من تحويل أموال للمؤسسات الدينية المتشددة.
وختم بالقول إن الوضع المالي للبلاد كان سيئًا بالأساس، ولكن المسار الحالي الذي تتبعه الحكومة ليس جيدًا.
يجب أن نلاحظ أن بيانات وزارة المالية أشارت في أكتوبر إلى أن عجز الميزانية قد بلغ 1.5% على أساس سنوي في سبتمبر، مما يزيد من التحديات الاقتصادية قبل تصاعد الأوضاع في قطاع غزة.
تتعرض إسرائيل حالياً لتوترات كبيرة وتكاليف عالية نتيجة الاستعداد لاجتياح قطاع غزة.
تم استدعاء حوالي 360 ألف جندي من الاحتياط، مما يشكل نسبة كبيرة من إجمالي قوات الاحتياط التي تبلغ 465 ألف جندي.
تُقدر تكلفة هذه العملية العسكرية بحوالي 200 مليون شيكل، بما في ذلك تكاليف استدعاء الاحتياطيين وتوريد الذخيرة والإمدادات.
ويُشير التقرير إلى أن تكلفة كل جندي تجاوزت في السابق 129 دولارًا يوميًا خلال عملية سابقة في عام 2014.
هذا يعني أن توجيه حوالي 360 ألف جندي يتسبب في تكلفة يومية تبلغ 46 مليون دولار فقط لرواتبهم ونفقاتهم.
وإذا أخذنا في اعتبارنا تغير أسعار الصرف منذ تلك الفترة، فإن هذا الرقم يعتبر تقديرًا محدودًا.
بالإضافة إلى التكاليف العسكرية الكبيرة، هناك تأثير آخر يأتي من توقف جنود الاحتياط عن أعمالهم الروتينية في مختلف القطاعات، مما يمكن أن يلحق ضررًا بالاقتصاد إذا استمر هذا الاستدعاء لفترة طويلة.
وبشكل متوقع، ستكلف الحرب مع حماس إسرائيل مبالغ ضخمة.
بنك “هبوعليم” يتوقع أن تبلغ هذه التكلفة ما لا يقل عن 27 مليار شيكل، وهو ما يمثل تحدٍ كبير للاقتصاد.
إلى ذلك، حذر صندوق النقد الدولي من أن الحرب تزيد من حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي.
المؤشرات الاقتصادية توضح تراجعًا كبيرًا في الأسواق المالية والعملة. مؤشر “TA-35” في بورصة تل أبيب انخفض بشكل حاد بسبب التوترات الجارية ويعاني تراجع الشيكل بنسبة كبيرة مقابل الدولار الأمريكي، مما يجعله يواجه تحديات كبيرة.
تمثل السياحة أيضًا جزءًا مهمًا من الدخل الوطني لإسرائيل، ولكنها توقفت تمامًا بسبب التوترات الحالية.
إلى ذلك، هناك هروب للمستثمرين والشركات الأجنبية بسبب عدم اليقين حيال المستقبل في الأوضاع الراهنة في إسرائيل وقطاع غزة.
يعتمد الاقتصاد الإسرائيلي بشكل كبير على القطاع التكنولوجي، ولكن التوترات السائدة تهدد هذا القطاع أيضًا.
بشكل عام، يمكن القول إن الحرب الحالية تمثل عبئاً كبيراً على الاقتصاد الإسرائيلي وتجلب تحديات اقتصادية جسيمة.
أعلنت وكالتا موديز وفيتش أنهما قامتا بوضع تصنيف الديون السيادية الإسرائيلية الطويلة الأجل، التي تمتلك تصنيفًا حاليًا بمستوى “A1″، تحت المراجعة، مما يفتح الباب أمام احتمالية خفض التصنيف.
يجدر بالذكر أنه لم يتم خفض تصنيف إسرائيل من قبل أي من الوكالات الرئيسية الثلاث لتصنيف الديون السيادية، وهم ستاندرد اند بورز غلوبال وموديز وفيتش.
وأعلنت وكالة “موديز” هذا القرار في بيان صدر الخميس، بعد أن أعلنت وكالة فيتش خطوة مماثلة قبل يومين، حيث وضعت تصنيف الديون السيادية الإسرائيلية الطويلة والقصيرة الأجل، بالعملات الأجنبية والمحلية، تحت المراقبة السلبية.
وقد جاءت تلك الإجراءات استنادًا إلى تزايد الخطر المتعلق باتساع النزاع الجاري في إسرائيل وتصاعده ليشمل اشتباكات عسكرية واسعة النطاق مع جهات متعددة لفترة زمنية طويلة.
بينما أشارت وكالة “موديز” إلى أن هذا الإعلان جاء نتيجة للنزاع العنيف والمفاجئ بين إسرائيل وحماس، محذرة من أن الأثر الأكثر خطورة لهذا النزاع هو الكلفة البشرية.
كما أكدت أن هذا الإعلان مرتبط بتداعيات الأحداث الأخيرة على الائتمان.
وأشارت وكالة “موديز” إلى أن توقعاتها السابقة للديون السيادية الإسرائيلية كانت مستقرة.
وأعلنت أنها ستقوم خلال فترة المراجعة بتقييم مستقبل الحرب الحالية وتأثيرها على المؤسسات الإسرائيلية، بما في ذلك فعالية سياستها ووضعها المالي واقتصادها.
وتنوي التركيز خلال هذه المراجعة على مدى النزاع ونطاقه، وتقييم تأثيره على الاقتصاد والمؤسسات الإسرائيلية.
وأخيرًا، يجدر بالإشارة إلى أن تكلفة التأمين على ديون الحكومة الإسرائيلية باستخدام مبادلات مخاطر الائتمان السيادي شهدت ارتفاعًا كبيرًا في الأسابيع الأخيرة، مما يعكس تزايد القلق بشأن الوضع الاقتصادي والمالي في إسرائيل.
عربية CNBC

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى