الاخبار

شراكة إستراتيجية صينية – سورية : هل حان موعد إعادة الإعمار؟

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

لأسباب متعددة، منها الجوانب السياسية المرتبطة بالعلاقات بين دمشق وبكين، والجوانب الاقتصادية المرتبطة بقوة وإمكانيات الصين، يعتقد العديد في سورية أن فرصة إعادة إعمار ما دمرته الحرب تتوقف على تعزيز التعاون الاقتصادي مع الصين.
لكن هذا ليس الأمر الوحيد الذي يلعب دورًا في توقيت ونجاح عملية الإعمار، بل يجب أن تتوفر عدة شروط أساسية مثل استقرار الأوضاع الأمنية، وإعادة هيكلة البنية التشريعية الاقتصادية، وتأمين استثمارات ضخمة.
في هذا المقال، سنتطرق إلى محاولة فهم دور الصين المحتمل في عملية إعادة الإعمار، بالإضافة إلى تحديد الأولويات في هذه العملية.
يعتقد الكثيرون أن إعادة بناء الوحدات السكنية والبنية التحتية المحلية هي من أهم الأولويات، حيث تضررت أكثر من 215 ألف وحدة سكنية في المناطق التي تخضع لسيطرة الحكومة، بالإضافة إلى تضرر البنية التحتية بنسب متفاوتة في مختلف المحافظات.
إعادة الإعمار في سورية ليست مجرد تحدي اقتصادي، بل تتطلب أيضًا جهدًا سياسيًا وأمنيًا كبيرًا لتحقيق الاستقرار وضمان العائدات السياسية والاقتصادية الملموسة.
محافظة دير الزور تعرضت لأضرار تصل نسبتها إلى حوالي 67%، فيما بلغت نسبة الأضرار في محافظة الحسكة حوالي 60%.
من المعروف أن هناك تقديرات غير رسمية تشير إلى تضرر أكثر من مليون ونصف المليون منزل خلال فترة الحرب.
لكن في جميع الأحوال، إعادة بناء البنية التحتية السكنية والمرافق المتضررة يتطلب استخدام تقنيات متقدمة في مجال التشييد والبناء، مما يساعد على تحقيق الأهداف بسرعة وبأقل تكلفة ممكنة نظرًا للدمار الهائل الذي حدث.
شركات البناء الصينية تعتبر حاليًا الخيار الأمثل لهذه المهمة، ولكن التحدي الأكبر يتمثل في تأمين التمويل اللازم.
سابقًا، تم تقدير هذا التمويل بأكثر من 100 مليار دولار من قبل عبد الله الدردري خلال توليه مشروع الأجندة السورية في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا).
إعادة بناء المنشآت الصناعية والخدمية والبنية التحتية الرئيسية هي أيضًا من أولويات إعادة الإعمار، سواء كانت هذه المنشآت تضررت مباشرةً أو لم تتأثر بالأضرار، إعادة بناؤها وتحديثها يتطلب التكيف مع الاحتياجات والإمكانيات والسياسات الاقتصادية الجديدة في البلاد.
ويجب أيضًا تحسين تقنيات وآليات العمل في هذه المنشآت للمساهمة في تعزيز الصناعة السورية.
وفقًا لوزارة الصناعة، بلغت الخسائر التراكمية في قطاع الصناعات التحويلية أكثر من 23.5 مليار دولار في نهاية عام 2019، وهذا بدون احتساب خسائر البنية التحتية الأساسية في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والمياه والاتصالات والنقل.
يمكن أن تسهم التجربة الصينية الناجحة في تحديث وإعادة بناء هذه المنشآت في تنشيط القطاع الصناعي في وقت قصير.
سابقًا، كان هناك مشروع لإقامة مدن صناعية صينية في سورية، ولكن لم يتم تنفيذه.
قبل بدء الحرب، دخلت بكين عالم الاستثمار في قطاع الطاقة السوري من خلال عمليات استكشاف وتنقيب عن النفط التي قامت بها شركتي “سي أن بي سي” و”ساينوبك” الصينيتين، واللتين أنتجتا يوميًا حوالي 30 ألف برميل من النفط.
تم أيضًا تنفيذ بعض مشاريع التعاون لدعم محطات توليد الكهرباء.
بالنظر إلى الأضرار الكبيرة التي لحقت بقطاع الطاقة بسبب الحرب، يصبح وجود بكين أكثر أهمية، إذ تحتاج البنية التحتية الكهربائية إلى إعادة بناء بسبب تقادم محطات التوليد وشبكات التوزيع القديمة ونقص قطاع التبديل والصيانة.
في الوقت الحاضر، تظهر الفرصة مشجعةً أكثر للشركات الصينية للمشاركة في استكشاف وتنقيب عن النفط والغاز، خاصة مع التفاؤل الحكومي بالعثور على حقول جديدة في بعض المناطق.
يجب أيضًا النظر في وجود شركات روسية وإيرانية تعمل في هذا المجال. بمجرد استعادة الحكومة للسيطرة على حقول النفط والغاز، ستتاح فرصة أكبر للاستثمار.
من الجدير بالإشارة إلى حجم الاستثمارات اللازمة لاستعادة نشاط قطاع الطاقة.
وفقًا لتقديرات وزارة النفط السورية، تقدر الخسائر المباشرة وغير المباشرة لهذا القطاع بأكثر من 112 مليار دولار.
فيما يتعلق بالمجال الرابع، يمكن لبكين تقديم المساعدة الفنية لدمشق لتطوير أنشطتها الاقتصادية والخدمية في مجموعة متنوعة من القطاعات مثل الزراعة والنقل والاتصالات.
بعض المقترحين يرون أنه يمكن إقامة شراكات ثنائية بإدارة صينية كاملة.
مع ذلك، هناك ثلاث تطورات أساسية يجب أن تنظر لها بكين قبل دخولها في مشروع إعادة الإعمار في سورية :
أولًا، العقوبات الأمريكية المفروضة على سورية والتي يمكن أن تشدد أكثر مع مشروعات جديدة.
ثانيًا، المناخ السياسي والاقتصادي الصعب في سورية الذي يجعل الاستثمارات صعبة.
ثالثًا، متطلبات مبادرة “الحزام والطريق” والتي تشمل مشروعات كبيرة مثل شبكات السكك الحديدية والموانئ والطرق الدولية.
على الرغم من هذه التحديات، يمكن لبكين تقديم الدعم الاقتصادي والفني لمشروعات صغيرة ومتوسطة في الوقت الحالي، ومع مرور الوقت، قد تتاح الفرص للاشتراك في مشروعات إعادة الإعمار الكبرى في سورية عندما تتحسن الظروف السياسية والاقتصادية.
الميادين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى