اخبار ساخنة

لماذا كتبت جميع الكتب السماوية من اليمين إلى اليسار؟

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

عندما نلقي نظرة على اللغات الحديثة والمنتشرة على نطاق واسع، نجد تبايناً في اتجاه الكتابة بينها. فاللغات مثل العربية والعبرية والفارسية تكتب من اليمين إلى اليسار، بينما تكتب اللغات الإنجليزية واللاتينية وبعض لغات جنوب آسيا من اليسار إلى اليمين. وهناك لغات أخرى في المنطقة تستخدم تنسيقًا عموديًا.

لكن لماذا هذا التباين في اتجاهات الكتابة بين اللغات؟ النظرية الشائعة تشير إلى أن الاتجاهية الكتابية تم تحديدها بناءً على الميكانيكا الخاصة بكتابة تلك اللغات. على سبيل المثال، لغات شرق آسيا، التي تكتب عادة من الأعلى إلى الأسفل، كانت تكتب على أسطح لفائف، مما جعل من السهل كتابتها بيد واحدة مع مسك اللفة باليد الأخرى.

اللغات التي تكتب من اليمين إلى اليسار انتشرت بشكل كبير في مناطق مثل الشرق الأوسط، حيث كان الناس يستخدمون الألواح الحجرية منذ العصور القديمة. لذا كان اختيار هذا الاتجاه في الكتابة هو الأكثر منطقية وسهولة، حيث يمكن لمعظم الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليمنى مسك اللوح باليد اليسرى والكتابة باليد اليمنى، مما يجعل الكتابة من اليمين إلى اليسار أكثر ملاءمة.

بالنسبة للكتابة من اليسار إلى اليمين، مع تطور أساليب الكتابة الحديثة واستخدام الحبر، أصبح من السهل الكتابة بهذا الاتجاه. يمكن أن يساعد ذلك على تجنب تلطخ الحبر وعدم تداخل الحروف في النص، وخصوصاً لأولئك الذين يكتبون باليد اليسرى.

من بين اللغات التي تتبع هذا الاتجاه، تتميز اللغة العربية والعبرية بشهرتها في الأصول اللغوية المشتركة مع الآرامية واللغة الفارسية، وتعود هذه اللغات المكتوبة بهذا الشكل إلى فترة قبل اختراع الورق.

إلى جانب اللغات المذكورة، هناك العديد من اللغات الأخرى التي تستخدم هذا الاتجاه، مثل الكردية والسريانية والآرامية والأذرية والأوردو والباشتو واليديشية والمندائية والسامرية والكشميرية والديفيهي/المالديف والروهينغا، بالإضافة إلى العديد من لغات الكتب السماوية.

اللغة اليونانية، على سبيل المثال، كانت في البداية تُكتب من اليمين إلى اليسار، ثم تطورت بمرور الوقت لتُكتب من اليسار إلى اليمين، وهذا الاتجاه تبنته العديد من اللغات الأخرى مع تطور وسائل الكتابة واكتشاف الحبر والورق.

إذاً، يمكن تتبع تطورات الكتابة في اللغات إلى الظروف والاحتياجات الثقافية والميكانيكية التي تشكلت على مر العصور.

 

عندما ظهرت اللغة اليونانية قبل نحو 900 سنة قبل الميلاد، كانت وسائل الكتابة قد تطورت، واكتشف الإنسان حينها كيفية استخدام الجلود للكتابة عليها. مع تطور وسائل الكتابة واكتشاف الحبر والورق، بدأ الناس في الكتابة من اليسار إلى اليمين. هذا الاتجاه أصبح شائعًا عندما انتشرت اللغة اللاتينية.

واستنادًا إلى المخطوطات التاريخية، عندما اعتمد اليونانيون الأبجدية من الفينيقيين، بدأوا في الكتابة من اليمين إلى اليسار في البداية. ولكن بمرور الوقت، بدأوا في كتابة كل سطر من اليسار إلى اليمين حتى يبدأ السطر الجديد أسفل المكان الذي انتهى فيه السطر السابق.

تاريخياً، كان المشرق هو المنطقة الرائدة في استكشاف الثقافة والقراءة والكتابة. فالعرب، على سبيل المثال، سبقوا الغرب في تطوير الحروف واللغة، وكان اتجاه كتابة اللغة العربية من اليمين إلى اليسار يعود إلى السياق الطبيعي والثقافي لنشأة الكتابات الأولى في المشرق.

بالإضافة إلى ذلك، تطوّرت الخطوط العربية واختلفت أشكالها، وهذا ساعد في تثبيت اتجاه الكتابة من اليمين إلى اليسار. بالإضافة إلى ذلك، يتيح الكتابة بهذا الاتجاه للكاتب مراجعة ما كتبه سابقًا بسهولة، بناءً على افتراض أن الأغلبية تستخدم اليد اليمنى في الكتابة. بهذه الطريقة، يمكن رؤية الحروف على يسار يد الكاتب بوضوح وتعديلها بسهولة في نفس الوقت.

أما بالنسبة لللغات التي تكتب من الأعلى إلى الأسفل، فإن معظمها موجود في مناطق آسيا، وتشمل الصينية والمنغولية وبعض اللهجات اليابانية والكورية. على الرغم من وجود بعض اللهجات التي تكتب عمودياً من اليمين إلى اليسار أو من اليمين إلى اليسار، إلا أن الاتجاه الأكثر شيوعاً هو الكتابة الأفقية من اليسار إلى اليمين.

 

تجد هذا الاتجاه الأفقي من اليسار إلى اليمين شائعًا في لغات آسيوية مثل الصينية والكورية واليابانية. السبب وراء كتابة هذه اللغات بهذا الاتجاه يعود إلى التقليد القائم في الاستخدام التقليدي للفرش والحبر، حيث كان من السهل تطبيق الكتابة بشكل أفقي باستخدام اليد الواحدة والفرشة أو القلم باليد الأخرى.

إذاً، يمكننا القول إن اتجاه الكتابة في اللغات قد تطوّر مع مرور الزمن وتقدم وسائل الكتابة والأدوات المستخدمة. وبناءً على احتياجات الكتابة والظروف التقنية والثقافية، تشكلت هذه الاتجاهات المختلفة للكتابة وأصبحت معروفة وشائعة في مجتمعات مختلفة حول العالم.

في الختام، يمكننا القول إن اختلافات اتجاه الكتابة في اللغات هي نتيجة لتاريخ طويل من التطور والتأثيرات الثقافية والتقنية، وهذا ما يمنح اللغات تنوعًا وتفردًا في طريقة تمثيلها وتسجيلها على وسائل الكتابة المختلفة.

 

عربي بوست

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى