الاخبار

بعد زلزال 6 شباط المدمر.. آن الأوان لمحاسبة البلديات المتواطئة مع متعهدي البناء بمفعول رجعي!!

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

بعد زلزال 6 شباط المدمر.. آن الأوان لمحاسبة البلديات المتواطئة مع متعهدي البناء بمفعول رجعي!!

فتح زلزال 6 /2/2023 ملف العشوائيات في سورية ليطرح تساؤلات ليست بجديدة، لكنها تطالب هذه المرة بمحاسبة المسؤولين عن إنجاز عشرات آلاف الأبنية الهشّة، سبق وان انهار بعضها في السنوات الأخيرة دون زلازل أو هزّات أرضية!
وبدأنا نسمع جهات حكومية تتحدث للمرة الأولى عن المخالفات المرتكبة في الأبنية، وخاصة في مناطق العشوائيات التي كانت الأكثر تعرضا للدمار، وكان ملفتا ما كشفه وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور عمرو سالم (الحكومة تعمل على ملاحقة المتعهدين الذين يثبت أنهم خالفوا في إنشاء الأبنية التي انهارت بالمحافظات المتضررة من الزلزال)!

وبما إن الحكومة قررت ، ولو نظرياً، فتح ملف المخالفات المرتكبة في إنشاء الأبنية المخالفة للشروط الهندسية للعمارة فإننا أمام نوعين من الأبنية المخالفة، الأولى أبنية أشيدت وفق رخص نظامية لم يتقيد منفذوها بكود نقابة المهندسين الذي وضعته منذ ثلاثة عقود تقريباً ، وأبنية مخالفة أشيدت في مناطق العشوائيات دون تراخيص!
وغالبا ما توجه الاتهامات في النوعين من المخالفات إلى المتعهدين الذين كانوا محور جلسة مجلس الشعب يوم 16/2/2023 حيث طالب عدد من أعضاء المجلس بملاحقة المتعهدين المتورطين، والتحقق من أسباب الانهيارات في المباني نتيجة الزلزال .. ولكن ماذا عن البلديات أي المسؤول الفعلي عن نشر المخالفات في طول البلاد وعرضها، في المدن والضواحي والأرياف!

من تواطأ مع المتعهدين؟

حسنا، متعهدو البناء متورطون حتى العظم، مثل نظرائهم في تركيا، وقد حاول الكبار منهم هناك الفرار خارج البلاد فالقي القبض عليهم في مطار إسطنبول، ويجب محاسبتهم ومعاقبتهم بقسوة، لكن لتجب وزارة الإدارة المحلية أولا عن السؤال: من تواطأ مع المتعهدين لإشادة عشرات الآلاف من الأبنية التي لا يتوفر فيها الحد الأدنى من سلامة سكانها، وتهاون بتلاعب المتعهدين بالتقيد بشروط كود نقابة المهندسين في آلاف المباني ضمن المناطق النظامية؟

جميع السوريين وخاصة المنكوبين بفعل كارثة الزلزال سيجيبون بكلمة واحدة: إنها البلديات!!
منذ الهزة التي شعرت بها عدة محافظات سورية في عام 1996 ونحن نتهم البلديات بنشر المخالفات في طول البلاد وعرضها، وكأنّ شغلها الشاغل، بل الوحيد، نشر الأبنية دون أي شروط تؤمن الحد الأدنى من الأمان والسلامة للسوريين!
وعلى الرغم من انهيار أبنية في عدة محافظات ومنها المزة في دمشق وقدسيا في ريف دمشق ، وفي اللاذقية وحلب..الخ خلال العقود الثلاثة الماضية، لم تتحرك أي جهة حكومية لمحاسبة المتعهد المسؤول عن انهياراتها، أو رئيس البلدية المستهتر أو المتواطئ مع المتعهدين!

الأبنية الهشة تهدد أرواح الناس

يردد الكثيرون بأن الأبنية المقاومة للزلازل غير موجودة في سورية، وهذا صحيح، فهي أيضا غير موجودة في بلد معرض أكثر منا للزلازل كتركيا، لكن المقارنة هنا ليس مع أبنية في بلد معرض لزلازل يومية تقريبا كاليابان، بل بين أبنية هشة تهدد أرواح الناس دون وقوع زلازل، تتحمل البلديات قبل المتعهدين نشرها على مساحات واسعة جدا تتجاوز بكثير مساحات البناء النظامية، وبين أبنية تلتزم بكود نقابة المهندسين لا أكثر ولا أقل، قادرة على تحمل الهزات العنيفة والمدمرة!

أليس ملفتاً، بل ويُشكّل مضبطة اتهام للبلديات أن المباني الحكومية والأبنية السكنية التي نفذتها شركات القطاع الإنشائي العام لم تتعرض للأضرار الخطيرة والمدمرة في الزلزال الأخير، في حين تحولت مباني العشوائيات والمنفذة بهشاشة في المناطق النظامية إلى ركام؟

ولأن هول الكارثة كبير جداً، يجب أن لا تمر دون محاسبة البلديات التي تسببت بها، والمحاسبة يجب أن تكون حتماً بمفعول رجعي تشمل جميع رؤساء البلديات السابقين مع أطقمهم الهندسية والفنية على مدى الثلاثين عاما الماضية، ودون هذه المحاسبة لن تتمكن الحكومة من إلزام البلديات من الآن فصاعدا بالتشدد على المتعهدين وأصحاب الرخص للتقيد بكود نقابة المهندسين الخاص بالعمارة.

علي عبود ـ البعث الأسبوعية

اقرأ أيضاً: الفرات العظيم يتحول إلى ساقية منذرا بتحولات عميقة في تاريخ المنطقة…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى