منوعات

علماء يحولون أكبر بحيرة في العالم إلى مرصد روسي عظيم… صور وفيديو

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

علماء يحولون أكبر بحيرة في العالم إلى مرصد روسي عظيم… صور وفيديو

كشف العلماء عن نتائج أول عامين من عمليات التشغيل والرصد التي نفذها أحد أكبر التلسكوبات (مرصد) في العالم، حيث حول علماء روس أكبر بحيرة في العالم إلى ما يشبه التلسكوب العظيم الذي يرصد أحد أهم العناصر المكونة للكون.

رصد العلماء أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي، ظاهرة غريبة جدا خلال التجارب التي أجروها في مجال الفيزياء النووية، وسجلوا ملاحظة هامة مفادها أن الطاقة الإجمالية لنواتج اضمحلال الإلكترون عادة ما تكون أقل من الطاقة الأولية للنواة المتحللة.

جسم غريب حير العلماء منتشر في الكون

وافترض العلماء أن هناك جسيما غير مشحون صغير جدا وغير معروف، والذي يتسبب بضياع هذه الطاقة المفقودة، وأطلق عليها الفيزيائي الإيطالي إنريكو فيرمي “نيوترينو” وهو جسيم أولي بكتلة أصغر كثيرا من كتلة الإلكترون، وليست له شحنة كهربائية.

وتم تأكيد وجود “النيوترينو” تجريبيا في عام 1956، عندما حلل الفيزيائيون الأمريكيون تفاعل الجسيمات دون الذرية مع المادة المنبعثة من مفاعل نووي.

النيوترينوات… “مفاتح العلم” تأتي من الفضاء وتمر عبر أجسامنا

تشتهر النيوترينوات بمراوغتها وانتشارها الكبير، وتقسم بحسب مصادرها إلى ثلاث مجموعات: الأولى تأتي من الفضاء الواسع، والثانية، التي تنتج من عمليات اضمحلال النويدات المشعة في باطن الأرض. والثالثة والأخيرة هي النيوترينوات التي يتم إنتاجها صناعيا.

وتنقسم النيوترينوات الكونية بدورها إلى 4 أنواع بحسب مصادرها أيضا، الأولى تنتج عن البقايا الكونية من مخلفات الانفجار العظيم، والنجوم بما في ذلك الطاقة الشمسية. أما النوع الثاني فينتج عن التفاعلات النووية في الأجزاء الداخلية للنجوم. والنوع الثالث ينشأ من الأشعة الكونية أثناء التفاعلات في نوى المجرات أو انفجارات السوبرنوفا والأحداث الكونية الأخرى التي تطلق كميات طاقة هائل، أما النوع الرابع ينشأ في الغلاف الجوي للأرض أثناء اصطدام بروتونات الأشعة الكونية بذرات النيتروجين.

ويساعد رصد وتحليل حركة النيوترينوات العلماء في تحديد مصدر الجسيم وطاقته الأولية ونوع المصدر، حيث استطاع الباحثون منذ أكثر من نصف قرن تعلم كيفية “التقاط” هذه الجسيمات الكونية منخفضة الطاقة، واتضح أن حوالي 6 × 1010 من النيوترينوات التي تولدها الشمس تمر عبر كل سنتيمتر مربع من سطح الأرض، بما في ذلك أجسامنا، في كل ثانية.

الأهم من ذلك كله، يهتم الفيزيائيون بالنيوترينوات عالية الطاقة القادمة من أعماق الفضاء البعيد. ويطلق العلماء على هذا المنهج العلمي اسم “الفيزياء الفلكية”، حيث تأتي النيوترينوات بسرعة الضوء ويمكنها أن تحمل معلومات حول العمليات التي حدثت في أبعد زوايا الكون منذ بلايين السنين، ويفترض العلماء أن دراسة هذه الجسيمات ستسمح بفهم أفضل لخصائص تطور المجرات وتكوين الثقوب السوداء الهائلة، وربما تقدم مفتاحا لكشف ألغاز المادة المظلمة والطاقة المظلمة.

كيف “يصطاد” العلماء النيوترينوات الكونية؟

في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأ العالم في بناء مراصد قادرة على اكتشاف النيوترينوات الكونية. وهي مراصد مجهزة في أعماق الأرض بين الأسماك والجيد والماء، بهدف عزل أجهزة الكشف عن الإشعاعات الخلفية.

ولا يمكن الكشف عن النيوترينوات بشكل مباشر لأنها لا تحتوي على شحنة كهربائية وكتلتها ضئيلة جدا. لكن في بعض الأحيان تتفاعل النيوترينوات مع جزيئات الوسط الذي تمر من خلاله. هكذا تولد الميونات المشحونة، وبمرورها السريع عبر الماء أو الجليد، ينشأ وهج أزرق، يطلق عليه “تأثير فافيلوف-شيرينكوف”، حيث يتم رصد هذه التأثيرات بواسطة وحدات بصرية موجودة في مراصد النيوترينو، ومن هنا كانت فكرة تحول أكبر بحيرة في العالم (بحيرة بايكال الروسية العذبة) إلى أحد أكبر المراصد على كوكب الأرض.

ويوجد حاليًا ثلاث منشآت من هذا النوع في العالم، أحدها مرصد “IceCube” (2011) في محطة القطب الجنوبي الأمريكية “Amundsen-Scott”، الذي يتضمن حوالي خمسة آلاف وحدة بصرية مع مضاعفات ضوئية حساسة بداخلها على عمق أكثر من ألفي متر، حيث الباحثون أن المرصد تمكن من التقاط إجمالي تدفق النيوترينو الفيزيائي المنتشر.

وكان لا بد من تأكيد هذه النتائج من خلال تجارب أخرى، وأصبح هذا الهدف الأساسي لاثنين من تلسكوبات النيوترينو، هما التلسكوب الفرنسي أنتاريس، الذي يعمل على عمق 2400 متر في البحر الأبيض المتوسط ​​(جزء من المشروع الأوروبي الكبير KM3NeT)، والتلسكوب الروسي “بايكال للنيوترينو” أو”Baikal-GVD”.

ويعتبر مشروع “بايكال للنيوترينو” أو”Baikal-GVD”، تجسيدا لأفكار عالم الفيزياء السوفييتي الأكاديمي مويسي ماركوف، الذي اقترح في عام 1960، تسجيل الجسيمات المراوغة في الأوساط الطبيعية الشفافة، حيث توجد أجهزة الكشف عن الضوء على مسافة معينة من بعضها البعض.

وفي عام 1980، تم تأسيس مختبر الفيزياء الفلكية للنيوترينو عالية الطاقة في معهد الأبحاث النووية التابع لأكاديمية العلوم الروسية (INR RAS)، برئاسة غريغوري دوموجاتسكي. وكانت مهمته إنشاء تلسكوب نيوترينو في مياه بحيرة بايكال وإجراء البحوث الفيزيائية عليه.

وانضمت إلى المشروع سبعة معاهد روسية أخرى ومركز الأبحاث الألماني لفيزياء الجسيمات “DESY”. وفي عام 1998، ظهر كاشف للنيوترينو عالي الطاقة من الجيل الأول في بحيرة بايكال، وهو “تلسكوب NT-200 لنيوترينو” أعماق البحار.

شبكة أكاليل منتشرة في قاع البحيرة

أصبح المرصد الروسي أحد رواد العالم في دراسة التدفق الطبيعي للنيوترينوات الفائقة الارتفاع (أكثر من عشرة تيرا إلكترون فولت) وفي البحث عن مرشحين لدور جسيمات المادة المظلمة. لكن الشيء الأهم هو أن التلسكوب نجح في تطوير تقنية الكشف عن الجسيمات الكونية في البيئات الطبيعية، مما مكن العلماء من الانتقال إلى إنشاء تلسكوبات بمقياس كيلومتر مكعب.

ويعد تلسكوب بايكال نيوترينو، الذي تم إطلاقه في عام 2021، منشأة علمية فريدة تقع على بعد 3.6 كيلومترات من الشاطئ وعلى عمق حوالي 1300 متر. ويتكون التلسكوب من 10 مجموعات وكل مجموعة من 8 أكاليل عمودية (خيوط) متصلة بالجزء السفلي. ويحتوي كل أكليل على 36 وحدة بصرية ومضاعفات ضوئية.

ويسجل النظام البصري للتلسكوب إشعاع “Cherenkov” للميونات وسلسلة من الجسيمات المشحونة عالية الطاقة الناتجة عن تفاعلات النيوترينوات.

ويعد التلسكوب الروسي أكبر كاشف للنيوترينو في نصف الكرة الشمالي وثاني أكبر كاشف في العالم. وكان إطلاق التلسكوب في بايكال خطوة مهمة نحو إنشاء شبكة عالمية من أجهزة الكشف عن النيوترينو. لذلك، في 14 ديسمبر 2021، تم الإبلاغ عن ظاهرة فريدة من المرصد الأمريكي، حيث لاحظ العلماء مسارًا للنيوترينو يتزامن في الوقت المناسب مع أقوى توهج بلازار في تاريخ الملاحظات. بعد أربع ساعات، تم تسجيل التفاعل بواسطة التلسكوب الروسي لأول مرة، اكتشف اثنان من أكبر تلسكوبات النيوترينو في العالم إشارة من نفس الحدث الكوني.

ولخص العلماء نتائج أول عامين من تشغيل تلسكوب “بايكال للنيوترينو” في أعماق البحيرة، وكانت النتيجة الرئيسية أنه كان من الممكن تأكيد وجود تدفق نيوترينو ذو طبيعة فيزيائية فلكية وتحديد معاييره، بحسب المقال العلمي المنشور في مجلة “Physical Review D” العلمية.

توسيع التلسكوب إلى مساحة 1 كيلومتر تحت الماء

وتكمن الأهمية العلمية للنتائج التي تم الحصول عليها خلال عامين من تشغيل تلسكوب بايكال في المقام الأول في حقيقة أنها أكدت وجود نيوترينوات فيزيائية فلكية تم اكتشافها مسبقًا بواسطة التلسكوب ” IceCube “.

“إن اكتشاف التدفق الطبيعي للنيوترينوات عالية الطاقة ذات الأصل الفيزيائي الفلكي بواسطة كاشف القطب الجنوبي IceCube قد تم تأكيده الآن من خلال النتائج التي تم الحصول عليها في نصف الكرة الشمالي بواسطة تلسكوب Baikal-GVDنيوترينو”.
غريغوري دوموجاتسكي
عضو الأكاديمية الروسية للعلوم ومدير مرصد “بايكال نيوترينو”

وتتطابق النتائج أيضًا مع المعلمات الفيزيائية للتدفقات التي تم الحصول عليها في تجربتين مستقلتين. وحدد الفيزيائيون الروس 25 حدثا للتدفقات المنشرة.

“إن التشغيل المشترك لهذين الكاشفين يجعل من الممكن إجراء البحث عن مصادر النيوترينوات عالية الطاقة في جميع أنحاء الكرة السماوية ويعمل بمثابة بداية لعملية رسم خرائط النيوترينو سماء”.
غريغوري دوموجاتسكي

ويستمر العمل على نشر تلسكوب “بايكال نيوترينو” كل عام من منتصف فبراير/شباط إلى منتصف أبريل/نيسان، حيث يتم تركيب مجموعات جديدة من الكاشفات في أعماق بحيرة بايكال.

ويخطط العلماء الروس لإضافة كاشفين اثنين (مجموعة) آخرين إلى العشرة العاملة بالفعل في عام 2023، ومن المتوقع أن تصل مساحة ” Baikal-GVD” إلى كيلومتر مكعب واحد بحلول عام 2027، أي ما يعادل حجم الكاشف الأمريكي “IceCube”.

 

اقرأ ايضاً:فيديو غريب.. تصرف جنوني لعشرات أسماك القرش الهائجة!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى