اخبار ساخنة

أقدم من أهرامات الجيزة ..لغز بناء نُصب «ستونهنج» الذي لم توثقه كتب التاريخ

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

يشبه تأثيرُ الآثار عملَ المغناطيس في عملية جذبِ السياح من كل مكان في العالم.

حيث تجاوز المليون، عدد السياح الذين يقوم الموقع الحجري الغامض “ستونهنج” بجذبهم، سنوياً، بهدف الاستمتاع بمشاهدة الصرح العظيم.

يضم الأثر المثير للجدل مجموعة من الصخور الزرقاء الكبيرة يصل وزنها إلى 4 أطنان، تصطف متجاورةً لتشكل دائرة حجرية جميلة.

إضافة إلى صخور رمادية عملاقة قد يصل طولها إلى أكثر من 10 أمتار ووزن 80 طنًّا.

يمثل “ستونهنج” رمزًا لكل ما هو غامض ومذهل بشأن ماضي البشرية في عصور ما قبل التاريخ، وما حدث فيها!

وما زالت طريقة بنائه، وهوية من شيده، لغزًا يحير العلماء حتى الآن دون الاتفاق حول نظرية بعينها، هل كان موقعًا دينيًّا مقدسًا؟ أو مكانًا للسحر والكهنة؟ أم أنه مقبرة للموتى؟ أو ربما كان موقعًا فريدًا من نوعه وله قدرات فلكية خاصة مرتبط بالنجوم والكواكب؟ أم موقعًا خاصًّا بالزوار من خارج كوكب الأرض؟ نظريات وأساطير كثيرة سنعرفها في السطور القادمة، عن تاريخ هذا النُصب التاريخي.

موقع ستونهنج: نُصب أثري قديم لم توثقه كتب التاريخ

يقع موقع ستونهنج الغامض في مدينة سالزبوري بلين بمنطقة ويلتشير في بريطانيا، وأدرج على قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو عام 1986، ويعتقد العلماء أن تاريخ بنائه يعود لما يزيد على 5 آلاف عام قبل الميلاد.

ويمثل النصب الأثري واحدًا من أسرار التاريخ البشري القديم والذي لم تفك طلاسمه بعد، ولم توثق صفحات التاريخ القديم طريقة بنائه أو وقته أو سببه بالتحديد.

يتكون نصب ستونهنج من 100 حجر عملاق تقريبًا، يصل حجم بعضها إلى 80 طنًّا بطول 24 قدمًا، وضعت على شكل دائرة أو في شكل حدوة حصان، ما زال 50 حجرًا منها قائمًا حتى اليوم.

وتظهر الأبحاث أن الموقع قد تطور البناء فيه بشكل مستمر على مدى نحو 10 آلاف سنة، وقد كان جزءًا من منظر طبيعي مقدس أكبر يتضمن نصبًا حجريًّا ضخمًا، كان حجمه 15 ضعف حجم النُصب الحالي، وكانت آخر فترة شهد فيها الموقع حركة بناء في العصر البرونزي.

تشير نتائج التقارير أيضًا إلى أن من شيد نصب ستونهنج العملاق هم البريطانيون الأوائل دون تحديد عرق بعينه.

لكن يبقى السؤال الأكثر إثارة وحيرة، لماذا يعد النُصب موقعًا فريدًا من نوعه ومكانًا غامضًا يحتوي على العديد من الأسرار؟

يعود ذلك لعدم تمكن العلماء من تحديد طريقة بناء هذا الأثر، أو السبب من بنائه! وكيف أن حضارة بدون تكنولوجيا حديثة أو حتى العجلة أو أدوات مناسبة أنتجت هذا النصب العظيم!

100 حجر عملاق على شكل حدوة حصان: لغز ما زال يحير العلماء!

حاولت الكثير من بعثات التنقيب والاستكشاف حل لغز طريقة بناء نصب ستونهنج الأثري وسبب بنائه، لكن زاد الأمر تعقيدًا وخرجت العديد من الفرضيات والنظريات، والتي لم يتفق جميع العلماء على أي واحد منها بشكل قاطع.

لكن الأكيد أن بناء نصب ستونهنج استغرق مئات وربما آلاف السنين، ويعتقد علماء الآثار أن الموقع الأكثر شهرة في إنجلترا بُنِي على عدة مراحل، جرى تشييد أقدم جزء منها قبل 5 آلاف عام أو أكثر، وآخرها عام 1600 قبل الميلاد.

اكتشف العلماء أن مصدر الصخور الرمادية الكبيرة المستخدمة في بناء ستونهنج مناجم محلية، تقع في منطقة مارلبورو داونز على بعد 32 كيلومترًا إلى الشمال، وأن مصدر الأحجار الصغيرة الزرقاء، والتي قد يصل وزنها إلى أربعة أطنان تأتي من عدة مواقع مختلفة في غرب ويلز على بعد 225 كيلومترًا، وهنا يأتي السؤال الأهم كيف نُقلت صخور تزن مئات الأطنان لتلك المسافة الطويلة في ذلك الوقت!

تظهر إحدى النظريات احتمالية أن عملية النقل قد تمت بطريقة طبيعية دون تدخل بشري، من خلال ذوبان الأنهار الجليدية في العصر الجليدي الأخير، مما ساعد على حمل هذه الأحجار الزرقاء بالقرب من منطقة ستونهنج، ولم يضطر صانعو النصب إلى نقلها على طول الطريق من ويلز.

وتقترح نظرية أخرى أن المهمة الأولى لمهندسي ستونهنج كانت قطع الصخور إلى قطع أصغر، ويعتقد علماء الآثار أن البريطانيين القدماء دقوا أوتادًا خشبية في شقوق الحجر، وعندما جرى نقع الخشب في الماء، تمدد وشق الحجر، ثم استخدموا الأزاميل والمطارق لتشكيل الصخور.

أما عن عملية النقل فيقترح العلماء أن البريطانيين القدماء صمموا الزلاجات والبكرات من جذوع الأشجار لسحب الأحجار الزرقاء، ثم نقلوا الصخور على طوافات إلى موقع ستونهنج الحالي.

ويرجح بعض العلماء أن عملية النقل ربما سلكت طرقًا أخرى مثلًا، فربما قاموا بقطر كل حجر من خلال أساطيل من السفن، أو ربما باستخدام سلال خوص كبيرة الحجم، أو مجموعة من الكرات وألواح خشبية محزومة طويلة وفرق من الثيران والبشر.

وعقب وصول الأحجار إلى موقع البناء يعتقد العلماء أن البريطانيين استخدموا أدوات بدائية، مصنوعة من قرون الغزلان والحجارة، لحفر خندق دائري ضخم، ثم رفعوا وثبتوا الأحجار بها.

ولماذا بُني هذا النُصب العملاق الغامض؟

تبدو طريقة نقل أحجار ستونهنج غامضة ومثيرة، لكن يبقى السبب وراء بناء هذا النصب التذكاري لغزًا أكبر وأكثر تعقيدًا.

يرى بعض العلماء أن نصب ستونهنج هو مكان ديني مقدس أشبه بأراضي الحج المقدسة، ودعمت بعض الاكتشافات أن ستونهنج كانت مركزًا لعبادة الأسلاف والقوى الخفية أو الآلهة، أو موقعًا احتفاليًّا ووجهة حج ديني، أو مكان راحة أخير للملوك، أو نصبًا تذكاريًّا أقيم لتكريم الأجداد وربما التواصل روحيًّا معهم.

وتدعم بعض النظريات أن سبب بناء النصب هو تكريم الموتى، وأنه موقع للدفن تغيرت معالمه مع مرور الوقت، فهناك أدلة أثرية قوية على أن ستونهنج كانت تُستخدم موقعَ دفن، جرى اكتشاف العشرات من تلال الدفن بالقرب من ستونهنج مما يشير إلى أن الآلاف من البشر قد دفنوا هناك في العصور القديمة، وقد اكتُشف ما لا يقل عن 17 مزارًا بعضها على شكل دائرة أيضًا، بالقرب من ستونهنج إلى جانب ما سمي بيت الموتى الذي يعود تاريخه إلى 3700 قبل الميلاد.

وظهرت مؤخرًا نظرية جديدة مفادها أن ستونهنج كانت تعد مقصدًا سياحيًّا علاجيًّا ما قبل التاريخ، جاء إليه الناس للشفاء من الأمراض، وأكدت النتائج علامات المرض والإصابة في البقايا البشرية المكتشفة في المكان، مما يؤدي إلى التكهن بأنه كان يعد مكانًا للشفاء والراحة، ربما لأنه كان يعتقد أن الأحجار الزرقاء تتمتع بصلاحيات علاجية.

ويعتقد بعض العلماء أن البشر استخدموا ستونهنج لدراسة حركات الشمس والقمر، وأنه موقع فلكي، وفي الستينيات اقترح عالم الفلك جيرالد هوكينز أن مجموعة الأحجار الصخرية هذه، تعمل تقويمًا فلكيًّا، ومن خلالها يمكن التنبؤ بالظواهر الفلكية ودراستها، مثل الانقلابات والكسوف وغيرها، ويرى أصحاب تلك النظرية أن هناك تأثيرًا سماويًّا للموقع، وأن اصطفاف الشمس والقمر لها أثر كبير في الطقوس المرتبطة بالفصول والظواهر.

وإحدى أكثر النظريات إثارة حول النصب ظهرت عام 2012، وتفترض أن سبب بناء الموقع هو توحيد سكان بريطانيا، ويعتقد أصحاب هذا الرأى أن ستونهنج هي النقطة التي عمل فيها جميع السكان في أنحاء بريطانيا رغم الصراع، فقد كانت المهمة ضخمة وتتطلب آلاف العمال لنقل الأحجار من أماكن بعيدة وتشكيلها ونصبها، وأن مجرد العمل نفسه يتطلب من الجميع أن يتحدوا، ولذلك يرجح أنه كان عملًا من أعمال توحيد الشعوب.

نصب ستونهنج العملاق: بين الأساطير والقصص الشعبية والتفسيرات العلمية

أنتج الماضي الغامض للنصب الأثري حكايات وأساطير ونظريات لا حصر لها، فعلى سبيل المثال ووفقًا للقصص الشعبية جرى إنشاء نصب ستونهنج بواسطة الساحر ميرلين، ساحر أسطورة الملك آرثر، الذي نقل الأحجار الضخمة من أيرلندا بطريقة سحرية، حيث جمعها العمالقة.

وتقول أسطورة أخرى إن الغزاة الدنماركيين وضعوا الحجارة، وتقول نظرية أخرى إنها كانت أنقاض معبد روماني، بينمت لا تقل تفسيرات العصر الحديث إثارة؛ إذ يجادل البعض بأن ستونهنج هي منطقة هبوط المركبات الفضائية والتى لا نراها عادة، وذهب البعض إلى أبعد من ذلك؛ فيعدون ستونهنج رمزًا للخصوبة على شكل الأعضاء التناسلية الأنثوية.

جدير بالذكر أن الموقع يزوره أكثر من مليون شخص سنويًّا، وفي وقتنا الحالي، يجتمع الناس في احتفالات بالانقلاب الصيفي عند النصب الأثري، وعلى الرغم من حظرها في عام 1985 نتيجة اشتباكات عنيفة مع الشرطة في ذلك الوقت، فإن تلك الاحتفالات استؤنفت عام 2000، ويستقطب حاليًا الاحتفال السنوي أكثر من 30 ألف شخص، وتزعم بعض الجماعات غير المتدينة أن ستونهنج هي معبدها الخاص، ورغم محاولات اكتشاف ستونهنج الطويلة والمستمرة، يبقى موقع نصب ستونهنج أحد أسرار التاريخ التي لم نستطع حلها.

مما لا خلاف فيه، أن للآثار دوراً كبيراً في عملية تقدم السياحة، وبالتالي تسهم في النمو الاقتصادي.

اقرأ أيضا: هل تريدون الهروب من الكوارث الطبيعية؟… يمكنكم اللجوء الى هذه الدول

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى