تكنولوجيا

السيارات الكهربائية.. هل تستطيع الشركات الصينية المنافسة في أوروبا؟

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

قد تمثل السيارة الكهربائيةمن طراز et7 التي صنعتها شركة “نيو” الصينية، سيارة الأحلام لكثيرين. إذ أن قوة محركها تبلغ 653 حصانا وتصل سرعتها من الصفر إلى 100 كيلومتر/ ساعة خلال 3,9 ثانية، وهي ذات دفع رباعي ويتراوح مدى بطاريتها من 500 إلى 700 كيلومتر حسب سعة البطارية.
ويبدأ سعر هذه السيارة “سيدان” التي تعد باكورة شركة “نيو”، من نحو 70 ألف يورو، فيما يتوقع أن تصل أوروبا خلال أكتوبر/ تشرين الأول فيما سيبدأ تسليم موديلات أخرى مثل eL7 من طراز السيارات الرياضية متعددة الأغراض في يناير/ كانون الثاني.

ولا يتوقف الأمر عند ذلك، إذ تتلقى الشركة طلبات لشراء سيارات صغيرة من طراز eT5 التي من المفترض أن تنافس سيارات كهربائية من طراز “تسلا موديل 3” متوسط المدى.

بيد أن الأمر الجديد الذي سيطرأ على الأسواق الأوروبية يتمثل في فكرة وجود محطات تغيير بطاريات السيارات. ففي حالة عدم رغبة سائق السيارة في شحن بطارية سيارته عن طريق الكابل، يمكنه أن يستعيض عن ذلك ببطارية منخفضة يستبدلها في عملية لا تستغرق سوى دقائق محدودة.

وتوجد في ألمانيا محطة واحدة لتغيير بطاريات السيارات الكهربائية، لكن يتوقع أن يصل العدد إلى 19 محطة بنهاية العام الجاري ومئة محطة بنهاية العام المقبل.
الصين.. من الفشل إلى النجاح

وهذه ليست أولى تجارب السيارات الصينية في أوروبا، إذ يعود الأمر إلى أكثر من عشر سنوات، لكن التجربة لم تكن ناجحة إلى حد كبير في ذاك الوقت. فقبل 17 عاما، حاول مصنعو السيارات الصينية دخول السوق الأوروبية عبر سيارة “لاندويند” التي فشلت في اختبار رسمي على الطرق الوعرة مما أثر على سمعة السيارة.

بيد أن هذا الأمر كان منذ وقت بعيد وقد تغيرت قواعد اللعبة بمرور الوقت، إذ أعلنت شركة “سكست Sixt” الألمانية لتأجير السيارات ومقرها مدينة ميونيخ، مؤخرا أنها تعتزم طلب مئة سيارة كهربائية من شركة “بي. واي. دي.” الصينية بحلول عام 2028 فيما يتوقع أن تصل الدفعة الأولى خلال العام الجاري.

ويعد هذا الأمر انتصارا هاما للشركة الصينية في الأسواق الأوروبية، إذ يمكن أن يمهد ذلك الطريق أمام “بي. واي. دي BYD” التي تعد واحدة من أكبر شركات صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في العالم، لتكون أكبر منتج للسيارات الكهربائية على المدى المتوسط وتنافس تسلا ربما تتفوق عليها لتتربع على عرش السيارات الكهربائية.

لكن الأمر لا يتوقف على شركتي “نيو” و “بي. واي. دي” إذ انضمت شركات صينية أخرى مثل “سايك SAIC” و “جيلي Geely” و “غريت وول موتورز” وحتى شركات ناشئة مثل “إكس بنغ Xpeng” إلى السباق. ويتوقع الخبراء أن يزداد عدد الشركات الصينية في الأسواق الأوروبية قريبا نظرا لأن هذه الشركات تمتلك ميزة قد تمنحها التفوق على الشركات الأوروبية المنافسة، وهي حسب ما يقول الخبراء أن الشركات الصينية تنتج سيارات كهربائية من فئات وبأسعار مختلفة، فيما تقدم الشركات الأوروبية الأكبر مثل عملاق صناعة السيارات الألمانية “بي. أم .دبليو”، سيارات كهربائية في الغالب بأسعار مرتفعة. كذلك يعاني مصنعو السيارات الكهربائية في أوروبامن نقص في الرقائق الإلكترونية بسبب أزمة سلاسل التوريد، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج.
التنين الصيني يدخل المنافسة

لكن، هل لدى الشركات الصينية حظوظ وفرصة حقيقة لمنافسة عمالقة صناعة السيارات الأوروبية مثل “مرسيدس” أو “بي. إم. دبليو. أو “فولكسفاغن”؟

يقول يوشين سيبرت، مؤسس شركة JSC Automotive الاستشارية المتخصصة في سوق السيارات الصينية، إنه لا يعتقد “حتى الآن أن الشركات الصينية لديها فرصة حقيقية للمنافسة على قدم المساواة مع الشركات الأوروبية واليابانية والكورية داخل الأسواق الأوروبية”. ويشدد على أن ميزة شركات السيارات الصينية تكمن فيما يُطلق عليه “مجموعة مختلفة من الحيل الإلكترونية”، مشيرا في ذلك إلى تقنيات الواقع المعزز التي تجذب الزبائن الصينيين.

ويوضح بأن الزبائن في ألمانيا ممن يشترون سيارات مرتفعة الأسعار يكونون في الغالب أكثر تحفظا حيال هذه التقنيات، إذ يميلون إلى الابتعاد عن الكثير من التكنولوجيا بالغة التقدم.

بيد أن الأمر لا ينحصر في هذه الإشكالية، بل يمتد إلى مشاكل أخرى في إطار أن أي شركة مصنعة في الصين لا يمكنها تحقيق أي تقدم دون دعم سخي من الحكومة على مستوى السوق المحلية. ويقول سيبرت إن “موارد الحكومة الصينية ربما بدأت في النضوب وإن كان بشكل بطيء، ما قد يعرقل حصول هذه الشركات على المزيد من الدعم. لذا تتجه الشركات الصينية إلى الخارج”.

ورغم ذلك، يبدو غريغور سيباستيان، المتخصص في صناعة السيارات في معهد مركاتور للدراسات الصينية ومقره برلين، أكثر تحفظا، حيث يعتقد أن قيود دخول الشركات الأجنبية ودعم الحكومة كانت جزءا من نجاح شركات السيارات الصينية.

لكن الخبراء يقولون إن هذا الدعم قد يضعف الشركات الصينيين في أوروبا خاصة وأن التكتل الأوروبي يراقب الإجراءات الحمائية التي تقدم عليها الحكومة الصينية.
وفي ذلك، يقول سيباستيان إن القواعد الجديدة بشأن “الدعم الذي يضعف المنافسة في دول خارج التكتل يمكن أن يتحول إلى مشكلة خطيرة لمصنعي السيارات الكهربائية في الصين فضلا عن عدم إمكانية دخول الأسواق على قدم المساواة وتزايد التوترات الجيوسياسية”.

لكن ماتياس شميدت، الخبير الألماني في سوق السيارات الكهربائية، يرى إن الشركات الصينية “تمتلك فرصة للمنافسة في أوروبا”.

ويقول “بعد ما حققته تسلا من نجاح، سيكون من السذاجة عدم إيلاء أي اهمية للشركات الصينية. فقد تمكنت تسلا من دخول السوق عندما تركت الشركات الأخرى الباب مفتوحا على مصراعيه ولم تكن على استعداد لتصنيع سيارات منخفضة السعر وتحقيق أرباح أقل”.

الأسعار المغرية قوة الصين

ويرى الخبراء أن الشركات الصينية الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية قد تحقق ميزة تنافسية فيما يتعلق بتكنولوجيا البطاريات باهظة الثمن. وهو ما يصب في صالح شركات مثل “بي. واي. دي” و”سايك” عند طرق أبواب الأسواق الخارجية.

وفي هذا السياق، يقول شتفان براتسل، المتخصص في سوق وصناعة السيارات بمدينة بيرغيش غلادباخ الألمانية، إن الشركات الصينية مثل “بي. واي.دي” و “نيو” باتت منافسة قوية في الأسواق الأوروبية. ويضيف بأن الشركات الصينية “أصبحت أكثر إبداعا بشكل عام مع تحسن الجودة بسبب التعاون مع الموردين الغربيين”.

بدوره، يقول فرديناند دودينهوفر، رئيس مركز لأبحاث السيارات في مدينة دويسبورغ الألمانية، إن ما يُطلق عليه صناعة المورّد وصناعات التكنولوجيا المتقدمة “بدأت في الظهور في الصين مما سيصب في صالح الشركات الصينية المصنعة”.

لكن الأمر لا يتعلق بشركة واحدة مثل تسلا وإنما بالصناعة عامة، إذ يعد التطور والابتكار الآخذ في الازدياد في الصين ميزة للشركات الصينية، وفقا لما يراه دودينهوفر، ويوضح بأنه “يمكن القول إن تسلا تعد فريدة من نوعها، لكن الصين تدشن لتحرك واسع سيولد العديد من السيارات على غرار تسلا”.

ويحذر من تداعيات تبني “سياسات مناهضة للصين” لأن من شأنها أن تضر بالشركات الألمانية أكثر من نظيراتها الصينية، ويقول “سوف نتكبد خسائر أكبر، فخروجنا من السوق الصينية سيضر بالقوة الإبداعية لصناعة السيارات الألمانية وهي نقطة أكثر حساسية خاصة أن الابتكارات مصدرها في هذه الأيام الصين؛ ومن يعزلون أنفسهم عنها سيخسرون الزبائن”.

كلاوس أولريش/ م.ع

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى