بعد حملة أمنية واسعة.. هل باتت المواجهة بين الشرع والمقاتلين الأجانب وشيكة؟

ضمن ثمانية شروط وضعتها الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب لرفع العقوبات عن سوريا وإعادة إدماجها في المجتمع الدولي، كان من أبرزها طرد المقاتلين الأجانب، خاصة المتورطين في ارتكاب انتهاكات جسيمة وجرائم حرب. وقد تم تسليم هذه الشروط مباشرة إلى الرئيس السوري أحمد الشرع.
وبعد ساعات فقط من اللقاء الذي جمع ترامب والشرع، والإعلان الأمريكي عن قرار رفع العقوبات، أفادت مصادر سورية بإطلاق حملة أمنية مكثفة في محافظتي إدلب وحماة. وشهدت هذه الحملة مداهمات واعتقالات طالت عناصر تنتمي إلى فصائل أجنبية، يحمل أفرادها جنسيات عربية وأجنبية مختلفة.
هذه التحركات السريعة أثارت قلقاً واسعاً من احتمال نشوب صدامات مسلحة داخل الأراضي السورية، خصوصاً أن هذه الفصائل تمتلك تسليحاً جيداً وخبرة قتالية عالية، كما تشكل حوالي 20% من القوة العسكرية التي ساهمت في إسقاط النظام السابق، بحسب تقديرات غربية تشير إلى أن عددهم يبلغ نحو 12 ألف مقاتل.
وفي تعليقه على هذه التطورات، قال المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات لموقع “إرم نيوز” إن بعض تلك الفصائل قد لا تتقبل قرار الشرع بسهولة، مرجحاً أن يؤدي ذلك إلى مواجهات مسلحة، رغم أن الشرع يبدو عازماً على تنفيذ كافة المطالب الأمريكية، وهو ما يدل عليه القرار السريع برفع العقوبات، الذي قد يكون ناتجاً عن تفاهمات مسبقة مع واشنطن.
وفي حال اندلاع مواجهات بين الحكومة السورية الجديدة وتلك الفصائل، يتوقع الحوارات أن تلعب القوات الأمريكية الموجودة على الأراضي السورية دوراً مباشراً في ملاحقة هذه الجماعات، التي قد يتم تصنيفها كـ”تنظيمات إرهابية”، ما يمنح واشنطن مبرراً قانونياً للتدخل دون الاصطدام المباشر مع حكومة دمشق.
خيارات محتملة للتسوية
رغم هذه السيناريوهات المتوترة، يرى الحوارات أن هناك خيارات أخرى لا تزال مطروحة، من بينها منح المقاتلين الأجانب فرصة للتخلي عن السلاح والاندماج في المجتمع المدني، مع احتمال حصول بعضهم على الجنسية السورية، وهي فكرة طُرحت في وقت سابق.
وكان الرئيس الشرع قد لمح في تصريحات أدلى بها في يناير الماضي إلى إمكانية مكافأة المقاتلين الأجانب الذين شاركوا في الإطاحة بنظام الأسد، وربما منحهم الجنسية. غير أن المعطيات الجديدة التي ظهرت بعد لقائه مع ترامب في الرياض توحي بتغير في الموقف، حيث أصبح من المرجح أن يتم ترحيلهم بدلاً من دمجهم.
هذه التطورات ترسم ملامح مرحلة جديدة في السياسة السورية، عنوانها إعادة التموضع الداخلي والخارجي، ضمن شروط أمريكية واضحة، وسط تحديات أمنية داخلية قد تعرقل هذا المسار.