تقرير لـ”The Guardian”: الثورة السورية على المحك وعلى الغرب رفع العقوبات الآن

أفادت صحيفة “The Guardian” البريطانية بأن “خطة البنتاغون غير المعلنة لسحب 2000 جندي أميركي من شرق سوريا لم تلقَ سوى اهتمام قليل. تساعد هذه القوات الأميركية القوات الكردية السورية المحلية في التصدي للتهديد المتبقي الذي يشكله تنظيم داعش الإرهابي، ومع انسحاب الولايات المتحدة، هناك خشية من عودة هذا التهديد ليشكل خطراً على أوروبا وبريطانيا والغرب”.
وتابعت الصحيفة، “على عكس الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ترغب تركيا والمملكة العربية السعودية ودول الخليج في زيادة مشاركتها في سوريا. بينما تسعى أوروبا إلى إقامة دولة مستقرة وديمقراطية يمكن للاجئين العودة إليها بأمان. أما إسرائيل، التي تعاني من هواجس أمنية، فتركز على التهديدات المحتملة، في حين تحاول روسيا وإيران، اللتان تعرضتا لخسائر، استعادة نفوذهما في المنطقة. في قلب هذا المشهد، يظهر أحمد الشرع، الرئيس المؤقت لسوريا، والذي يعتمد عليه مستقبل هذا البلد المنقسم والمُدمر. وفي خضم هذه التحولات، تُعاد صياغة الجغرافيا السياسية وتوازن القوى في الشرق الأوسط بشكل جذري. وهناك سؤال جوهري: هل الثورة الشعبية التي أطاحت بالأسد في خطر؟”.
وأضافت الصحيفة، “في اجتماعات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أكد الشرع أن أولوياته تشمل حماية وحدة أراضي سوريا، وتوحيد الفصائل المتنازعة تحت جيش وطني واحد، وإقامة حكومة منتخبة شاملة، إضافة إلى إعادة بناء البلاد بعد 13 عاماً من الحرب. لكن التحديات هائلة، وهناك تساؤلات حول خبرة الشرع وقدرته على التخلي عن جذوره المتشددة. مع ذلك، في ظل غياب بدائل مناسبة، قد يُعتبر دعمه خياراً يجب على القادة الإقليميين أن يواجهوه. أردوغان، الذي دعم جماعات متمردة في إدلب، لديه مصالح خاصة، فهو يسعى إلى بسط نفوذ طويل الأمد على سوريا ويرغب في إعادة ثلاثة ملايين لاجئ سوري من تركيا إلى وطنهم. كما يريد إنهاء ما يعتبره تهديداً إرهابياً من الأكراد”.
وأضاف التقرير، “اقتراح الشرع بدمج المقاتلين الأكراد في الجيش السوري الجديد ينسجم مع مصالح تركيا. أردوغان لا يميز بين قوات سوريا الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني المحظور، الذي خاض تمرداً ضد تركيا منذ الثمانينيات. تركيا تسيطر حالياً على مناطق في شمال سوريا وتدعم الجيش الوطني السوري. وتقول أنقرة إنها قادرة على قيادة الحرب ضد داعش، وهو اقتراح تراه الولايات المتحدة مشكوكاً فيه. لكن هذا الطموح يتوافق مع رغبة ترامب في تقليص التدخل الأميركي في سوريا. ومع انسحاب الولايات المتحدة، قد يشكل ذلك انفراجاً في التوترات الأميركية التركية”.
وتابعت الصحيفة، “الأكراد في سوريا يرغبون في الحفاظ على الحكم الذاتي الذي ناضلوا من أجله، ولا يريدون الانضمام إلى جيش تديره فصائل قاتلوها سابقاً. كما أنهم لا يرغبون في مساعدة تركيا على إنهاء حلمهم الطويل بتحقيق الحكم الذاتي في مناطقهم. مرة أخرى، القضية الكردية تصل إلى نقطة حرجة وقد تؤدي إلى صدام مع دمشق وأنقرة. كما أن هناك أطرافاً إقليمية قد تسعد برؤية الشرع يفشل. استغلت إسرائيل الفوضى في سوريا لتدمير قواتها المسلحة وترسيخ احتلالها لمرتفعات الجولان. ومع أن الشرع يدعو إلى التعايش السلمي، إلا أن إسرائيل لا تزال تشعر بالشك تجاهه وتجاه أردوغان”.
وأردفت الصحيفة، “روسيا وإيران، اللتان كانتا داعمتين للأسد، لا تزالان تراقبان الوضع عن كثب. إيران، التي انسحبت بشكل مهين مؤخراً، تسعى لاستعادة نفوذها عبر استخدام “خلايا المقاومة” والشبكات السرية. وفي الوقت نفسه، تتفاوض روسيا للحفاظ على وجودها العسكري في سوريا. في محادثات مع الشرع، طلب الأخير من روسيا معالجة أخطاء الماضي، ودعا أيضاً إلى إعادة الأسد من موسكو لمواجهة العدالة، لكنه كان حذراً في عدم قطع علاقاته مع روسيا”.
واختتمت الصحيفة، “الشرع يواجه تحديات متعددة، من بينها كيفية التقدم في الحوار الوطني، وإجراء الانتخابات، وضمان حماية حقوق الأقليات، وإعادة بناء المؤسسات الوطنية. إن الفشل في هذه المهام قد يؤدي إلى تجدد الفوضى وتحالفات غير مستقرة. العقوبات الغربية المفروضة على سوريا في عهد الأسد تشكل عقبة كبيرة، ويتوجب على الغرب أن يوقف المماطلة ويفتح الأبواب أمام المساعدات والتعاون الدولي لإعادة الإعمار. إنها فرصة نادرة قد لا تتكرر”.
لبنان 24