انحباس الأمطار والتغيّر في التهطال والعواصف المطرية والغبارية.. أبرز آثار التغيّرات المناخية
على الرغم من أن سوريا ليست من الدول الرئيسية المساهمة في انبعاث غازات الاحتباس الحراري عالمياً، إلا أنها تعتبر من البلدان الأكثر عرضة لتأثيرات التغيرات المناخية بسبب موقعها الجغرافي في منطقة جافة وشبه جافة. تواجه سوريا تحديات كبيرة نتيجة لظاهرة الاحتباس الحراري، حيث تزداد بشكل ملحوظ الآثار السلبية للتغيرات المناخية التي تشمل تغييرات في أنماط الطقس، كالعواصف المطرية المفاجئة، والجفاف، وارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى تصحر الأراضي وظهور العواصف الرملية والغبارية.
وفقاً للدكتور منهل الزعبي، مدير إدارة بحوث الموارد الطبيعية في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، فإن التغيرات المناخية تؤثر بشكل كبير على استخدامات الأراضي والموارد الطبيعية في سوريا. ويشير إلى أن هذا العام شهد بعض الظواهر المناخية غير المعتادة، مثل الأمطار الغزيرة في بعض المناطق، في حين تعرضت مناطق أخرى، مثل ريف دمشق، لانحباس الأمطار في شهر آذار. كما لوحظ ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة في نيسان، حيث تخطت 35 درجة مئوية في بعض المناطق، إلى جانب تساقط أمطار غزيرة في أيار.
تأثيرات التغير المناخي على الموارد المائية والزراعية في سوريا
تتسبب التغيرات المناخية في تأثيرات سلبية على الموارد المائية والزراعية في سوريا، منها زيادة استهلاك المياه بسبب ارتفاع درجات الحرارة وقلة الهطول المطري، مما يؤدي إلى نقص في المياه المتاحة للمحاصيل الزراعية. كما أن التغيرات في شكل الأمطار وتوزيعها الزماني والمكاني تؤدي إلى تغيرات كبيرة في فترات نمو المحاصيل وزيادة استهلاك المياه. ويؤكد الزعبي أن زيادة الطلب على المياه للري قد يؤدي إلى انخفاض منسوب المياه الجوفية في معظم المناطق، مما يعمق مشكلات المراعي وتزايد التصحر.
كما يلفت الزعبي إلى أن الأمطار الغزيرة والشدة المطرية العالية تساهم في انجراف التربة، وهو ما يمثل تهديداً كبيراً للموارد الطبيعية حيث أن التربة تجدد ببطء شديد. وعلى سبيل المثال، يحتاج سم واحد من التربة إلى حوالي 1000 عام لتجديده.
ظواهر مناخية أخرى
من بين الظواهر المناخية التي تزداد حدتها بفعل التغيرات المناخية في سوريا، يذكر الزعبي ظاهرة “التنين البحري” التي هي اضطرابات جوية عنيفة ناتجة عن عدم استقرار في الغلاف الجوي، حيث تسبب هذه الظاهرة أضراراً كبيرة للأراضي الزراعية والمنازل البلاستيكية في المناطق الساحلية. كذلك، تزداد حرائق الغابات بشكل ملحوظ نتيجة للتغيرات المناخية، وقد كانت حرائق صيف 2020 مثالاً على ذلك.
أما العواصف الغبارية، فتزداد بشكل خاص في المناطق الشرقية من سوريا، حيث أن تدهور التربة وزيادة الجفاف تساهم في حدوثها، خاصة في المناطق الهشة التي لا تتلقى كميات كافية من الأمطار.
تأثير التغير المناخي على الصحة والأمراض الزراعية
كما أن التغيرات المناخية تؤثر على الصحة العامة والأمراض الزراعية، حيث تزيد حوادث تفشي الحشرات والأمراض الزراعية نتيجة للظروف المناخية التي تساهم في انتشار العوامل الممرضة. ومن بين هذه الأمراض، يعتبر “صدأ أوراق القمح” من أبرز الأمراض الفطرية التي تؤثر على المحاصيل الزراعية مثل القمح، حيث تزداد هذه الأمراض بسبب ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة العالية.
التملح وتهديدات أخرى للأراضي الزراعية
أحد التأثيرات الأخرى الهامة للتغير المناخي في سوريا هو ظاهرة تملح الأراضي الزراعية، خاصة في المناطق الشرقية من البلاد. ويعزى انتشار التملح إلى ارتفاع قيم السطوع الشمسي وزيادة معدلات التبخر. ويعد وادي الفرات من أبرز المناطق الزراعية المتأثرة بتلك الظاهرة، حيث تعتبر من أكبر مناطق الزراعة المروية في سوريا.
البعث