اخبار سريعة

السعودية.. اكتشاف قرية من العصر البرونزي في “واحة خيبر”

أعلنت الهيئة الملكية لمحافظة العلا في المملكة العربية السعودية، يوم السبت، عن اكتشاف قرية أثرية تعود إلى العصر البرونزي في واحة خيبر شمال غرب المملكة، وذلك ضمن مشروع بحثي جديد نُشر في مجلة بلوس ون العلمية.

وفي تعليق له، أكد الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا، أن هذا الاكتشاف يعكس الأهمية الكبيرة التي تحتلها المملكة في مجال الآثار على المستوى العالمي، ويبرز ما تتمتع به أرض المملكة من تاريخ حضاري عميق. وأضاف أن هذا الإنجاز يدعم جهود المملكة في حماية التراث الثقافي والتاريخي، كما يعزز أهمية تبادل المعرفة والخبرات مع العالم لتوسيع الوعي حول التراث الإنساني المشترك.

وأشار الأمير بدر إلى أن هذا الاكتشاف الأثري يتماشى مع أهداف رؤية السعودية 2030، التي تؤكد على أهمية الحفاظ على التراث الثقافي وتطوير الشراكات الدولية لضمان نقل هذا الإرث الحضاري للأجيال القادمة وللعالم.

وبحسب بيان الهيئة، جاء الاكتشاف في إطار مشروع “خيبر عبر العصور” بقيادة الدكتور غيوم شارلو والدكتورة منيرة المشوح، وقد ألقى الضوء على التحول الذي شهدته المنطقة من حياة الرعي المتنقلة إلى الحياة الحضرية المستقرة في النصف الثاني من الألفية الثالثة قبل الميلاد.

أهمية الاكتشاف في تغيير المفاهيم التاريخية

يُعد هذا الاكتشاف نقطة تحول في الفهم التاريخي للمجتمعات القديمة في شمال غرب الجزيرة العربية، حيث كان يُعتقد أن المجتمعات الرعوية والبدوية هي السائدة في العصر البرونزي. لكن النتائج تشير إلى أن خيبر كانت في ذلك الوقت مركزًا حضريًا مزدهرًا، مع ظهور الزراعة وكونها نقطة وصل تجاري بين المجتمعات المستقرة والمجتمعات المتنقلة. كما أن هناك دلائل على أن المنطقة كانت تضم عددًا من الواحات المسوّرة التي تتصل ببعضها البعض، ما يعكس تطورًا حضريًا متقدمًا.

اكتشاف “قرية النطاة”

أبرز الاكتشاف هو “قرية النطاة” التي يعود تاريخها إلى حوالي 2400-2000 قبل الميلاد، واستمر استيطانها حتى 1500-1300 قبل الميلاد. كانت القرية، التي تضم حوالي 500 شخص، تقع على مساحة 2.6 هكتار وتحيط بها أسوار حجرية بطول 15 كم لحماية واحة خيبر.

الدراسة كشفت عن تقسيم واضح في القرية، حيث كانت هناك مناطق سكنية وأخرى جنائزية داخل الحصون والمدن. وتظهر الاكتشافات أن سكان القرية كانوا يعيشون في مساكن متعددة الطوابق، حيث كان الطابق الأرضي مخصصًا للتخزين، بينما كانت المعيشة تتم في الطوابق العليا. كما أظهرت الحفريات أن سكان القرية كانوا يدفنون موتاهم في مدافن خاصة تضم قطعًا ثمينة مثل الفخار أو الأسلحة المعدنية، ما يشير إلى أهمية مكانة المدفون.

ملامح الحياة اليومية في قرية النطاة

توضح الدراسة أيضًا العديد من جوانب الحياة اليومية في قرية النطاة. كان سكان القرية يعملون في الزراعة وتربية الحيوانات، حيث كان النظام الغذائي يعتمد بشكل رئيسي على الأغنام والماعز. كما كانوا يصنعون الفخار ويستخدمون المعادن، بالإضافة إلى التجارة في الخرز والفخار. وتجسد القرية نمطًا اجتماعيًا واقتصاديًا يعكس تعاون سكانها في بناء وتحصين مساكنهم وأسوارهم باستخدام الحجارة والطين.

التعاون الدولي والجهود البحثية

تمت الدراسة بالتعاون بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا، الوكالة الفرنسية لتطوير محافظة العلا، والمركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية. كما تشرف الهيئة الملكية لمحافظة العلا على أحد أكبر برامج البحث الأثري في العالم، الذي يهدف إلى تعزيز مكانة العلا كوجهة عالمية للتراث الثقافي.

وتقع واحة خيبر على أطراف حقل حرة خيبر البركاني، حيث تكونت عند التقاء ثلاثة أودية في منطقة قاحلة. وقد تم العثور على قرية النطاة في الأطراف الشمالية للواحة، حيث كانت مدفونة تحت طبقات من صخور البازلت لآلاف السنين.

هذا الاكتشاف يعزز من مكانة المملكة كمركز عالمي للبحث العلمي والآثاري ويعكس التزامها المستمر في الحفاظ على تراثها الثقافي.

سكاي نيوز اقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى