سوريا تخسر إنتاج السكر لأن تكاليف إصلاح المعامل مرتفعة!
أحد أصعب الحقائق التي يمكن أن يواجهها المواطن هو إدراك أن بلاده، التي أنفقت حكوماتها المتعاقبة مليارات الليرات على مشاريع سياحية، عاجزة عن تأمين تمويل لبناء أو إصلاح معامل السكر. رغم أن هذه الصناعة يمكن أن تحقق الاكتفاء الذاتي، تخفض فاتورة الاستيراد، وتدرّ على الخزينة أموالاً من تصدير السكر.
في تصريح لصحيفة “تشرين”، أوضح رئيس دائرة بحوث المحاصيل في هيئة البحوث العلمية الزراعية، الدكتور فادي عباس، أن زراعة وصناعة السكر في سوريا تواجه صعوبات كبيرة، حيث إن المعامل المتاحة حالياً غير قادرة على استيعاب الإنتاج. فمعمل شركة سكر حمص متوقف، وإصلاحه يتطلب تكاليف باهظة، في حين أن معمل شركة سكر تل سلحب يعاني من أعطال لم تُصلح منذ عام 2014.
الأمر الذي يثير الاستغراب هو أن تكاليف إصلاح هذه المعامل تبدو مرتفعة، في حين تُخصص مليارات الليرات لمشاريع سياحية لم تحقق أي تحسن في الوضع الاقتصادي، الذي ما يزال يشهد تدهوراً في معيشة السوريين.
إلى جانب مشكلة المعامل، تواجه زراعة الشوندر السكري في سوريا تحديات كبيرة مثل ارتفاع أسعار الأسمدة والمحروقات، فضلاً عن نقص توفر هذه المواد، وفقاً لعباس.
وأشار عباس إلى أن زراعة الشوندر السكري كانت مكلفة حتى قبل الأزمة، لكن بفضل اهتمام الدولة به آنذاك، كان إنتاجه يغطي حوالي 35% من احتياجات استيراد السكر. وأضاف: “لو تم تطبيق الأبحاث المنشورة محلياً وعالمياً، لتمكنا من تقليل الاستيراد وتوفير العملة الأجنبية”. ومع ذلك، فإن توقف معظم معامل السكر حالياً يقتصر على إنتاج الكحول وخميرة الخبز المستخلصة من المولاس.
من جانب آخر، شهدت أسعار الغذاء العالمية ارتفاعاً وفقاً لمنظمة الفاو، نتيجة تراجع إنتاج السكر في الدول الكبرى المصدرة كالبرازيل والهند، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السكر محلياً من 11 إلى 14 ألف ليرة للكيلو الواحد.
الجدير بالذكر أن وزير الصناعة السابق، محمد معن جذبة، كان قد أشار في عام 2020 إلى وجود جهود لإعادة تشغيل شركة سكر سلحب، التي توقفت عن الإنتاج بسبب نقص الشوندر السكري وصعوبة زراعته في منطقة الغاب نتيجة الحرب.
وتبقى المشكلة الرئيسية التي تواجه الفلاحين اليوم هي تقلص عدد المعامل وتوقفها عن العمل، ما يعيد إلى الأذهان التساؤل الشهير: “من أتى أولاً، البيضة أم الدجاجة؟”
سناك سوري