زيادة ظهور الأسماك الغريبة في سورية.. ما القصة؟
بدأت المؤشرات الأولية لدراسة التغيرات المناخية في البحر المتوسط، والتي انطلقت قبل نحو شهرين بواسطة فريق علمي مختص، تظهر نتائجها.
الفريق يتألف من ممثلين عن الهيئة العامة للثروة السمكية، المديرية العامة للموانئ، جامعتي تشرين والمنارة، والمعهد العالي للبحوث البحرية، حيث يركز عمله على رصد التبدلات البيئية نتيجة ارتفاع درجات حرارة مياه البحر.
الدكتور علي عثمان، مدير الهيئة العامة للثروة السمكية والأحياء المائية، أوضح لـ”أثر” أنه خلال الطلعات البحرية على القارب البحثي، تم رصد ارتفاع في درجات حرارة المياه بمقدار يتراوح بين 1 و1.5 درجة مئوية عن المتوسط المعتاد، حيث بلغت الحرارة بين 30.2 و30.7 درجة مئوية في شهر أغسطس، وهذا الارتفاع يُعزى إلى التغيرات المناخية والاحتباس الحراري.
كما أشار عثمان إلى أن الدراسة كشفت عن تراجع نسبة صيد الأنواع المحلية وزيادة الأنواع المهاجرة غير المعتادة، وهو ما أكده الصيادون الذين لاحظوا أيضاً انخفاضاً كبيراً في كميات الصيد وزيادة في الأنواع الغريبة.
وأضاف عثمان أن البحر الأبيض المتوسط، رغم أنه يشكل أقل من 1% من مساحة المحيطات العالمية، يُعدّ خزاناً رئيسياً للتنوع البيولوجي البحري، حيث يحتوي على حوالي 6.3% من الأنواع البحرية العالمية.
كما أشار إلى أن البحر المتوسط، كونه بحر شبه مغلق، يتأثر بشكل كبير بالتغيرات المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري، ما يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة وزيادة الحموضة في المياه، وانخفاض مستويات الأوكسجين المنحل، مما يشكل تهديداً للتنوع البيولوجي.
وأوضح عثمان أن ارتفاع حرارة المياه يدفع الكائنات البحرية إلى الهجرة، ما يؤدي إلى تغيّر في توزع أنواع الأسماك.
الأنواع السمكية تنتقل من المياه الأكثر دفئاً إلى المناطق الباردة، كما تبدأ أنواع جديدة متكيفة مع الحرارة العالية، مثل سمك البالون السام، في الظهور.
وأثر هذا التغير المناخي ينعكس أيضاً على مواسم الهجرة والتكاثر والأسماك السطحية مثل البلميدا والسكمبري التي تظهر الآن في مواعيد غير متوقعة.
بدورهم، أكد صيادو ميناء اللاذقية لـ”أثر” أن هناك تغيراً واضحاً في أنواع الصيديات.
الأنواع المحلية، مثل البلاميدا المبرومة، لم تعد تتواجد بشكل ملحوظ، بينما تظهر الأنواع الغريبة بكثرة، ولكنها غير ذات قيمة اقتصادية، مثل سمك لارا.
في الوقت نفسه، ارتفعت أعداد أسماك معروفة مثل الغساني والقريدس.
وأشار بعض الصيادين إلى أن هذا الوقت من السنة كان يعتمد فيه الصيادون على وفرة سمكة البلاميدا المبرومة التي تختفي الآن بسبب ارتفاع حرارة المياه وصيدها في أماكن أخرى مثل إسبانيا لتغذية مزارع سمك التونا.
ورغم هذه التغيرات، أكد الصيادون أن الصيد لا يزال وفيراً في هذه الفترة، معتبرين أن هذا الانتعاش في السوق هو “هبّة” مؤقتة قبل حلول فصل الشتاء وتراجع الصيد.
تعمل الهيئة العامة للثروة السمكية، منذ أغسطس الماضي، على دراسة التبدلات البيئية ومواجهة تأثيرات التغيرات المناخية، بهدف حماية المخزون السمكي في المياه الإقليمية.
وأوضح الدكتور علي عثمان أن ارتفاع درجة حرارة المياه كل 25-50 عاماً يؤثر على الأنواع البحرية في البحر المتوسط، حيث تضطر الأنواع التي لا تتحمل الحرارة المرتفعة إلى الهجرة نحو المحيطات الأكثر برودة.
كما أضاف أن زيادة الحرارة تؤدي إلى تسريع عمليات التمثيل الغذائي، مما يزيد من استهلاك الأوكسجين ويؤثر سلباً على الحياة البحرية.
أثر برس