الاخبار

من وجهة نظر تركية.. هل أردوغان جاد بالمصالحة مع سوريا؟

في كل ظهور إعلامي، لا يفوّت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فرصة توجيه دعوة إلى الرئيس السوري بشار الأسد لعقد قمة وتطبيع العلاقات السورية-التركية، التي شهدت توترًا على مدى أكثر من عشر سنوات بسبب سياسات أردوغان ودعمه للمعارضة السورية والجماعات المسلحة واحتلال الجيش التركي لمناطق واسعة في شمال حلب وإدلب.

ورغم أن دعوات أردوغان المتكررة تعكس إلحاحًا ورغبة تركية لتسوية الخلافات مع دمشق، فإنها بالنسبة للحكومة السورية تُعتبر مجرد حملة إعلامية للاستفادة داخليًا، ما لم تترافق مع التزام واضح ومعلن بجدولة انسحاب الجيش التركي من الأراضي السورية، ووقف الدعم الذي تقدمه أنقرة للتنظيمات المسلحة في إدلب، وعلى رأسها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا).
أردوغان جاد في التطبيع؟

يرى الكاتب والمحلل السياسي التركي بركات قار أن أردوغان جاد هذه المرة في تطبيع العلاقات مع سوريا، خصوصًا أن هذا التوجه يأتي ضمن “تحول سياسي” يقوده الرئيس التركي، بعدما أنهى خصومته مع عدد من الدول العربية. وفي حديث مع “هاشتاغ”، أوضح قار: “هذه المرة أردوغان جاد في دعوته للقاء الرئيس الأسد، وجاءت هذه الدعوات في سياق تغييره لمواقفه وتراجعه عن الشتائم التي وجهها في السابق للسعودية والإمارات ومصر، وإعادة العلاقات معها، والآن حان وقت التطبيع مع سوريا”.
قضية اللاجئين والضغوط الاقتصادية

بحسب المحلل السياسي قار، فإن التحول التركي تجاه سوريا يعود لأسباب داخلية وأخرى إقليمية مترابطة. من أبرز الأسباب الداخلية “قضية اللاجئين السوريين”، التي أصبحت تمثل عبئًا كبيرًا على أردوغان، خاصةً في ظل تزايد الحملات العدائية التي تشنها المعارضة القومية المتطرفة ضد اللاجئين. ومن جهة أخرى، يعود التحول إلى تراجع الوضع الاقتصادي في تركيا، وعدم رضا الشعب التركي عن السياسات الحالية، مما دفع أردوغان للبحث عن حلول، بما في ذلك فتح الطريق التجاري عبر سوريا الذي يربط تركيا بدول الخليج، لما له من مردود اقتصادي كبير.

أما الأسباب الإقليمية فهي، كما يشير قار، تأتي في سياق تطبيع العلاقات مع الدول العربية، إلى جانب المخاوف المرتبطة بالتنظيمات المسلحة التي تدعمها المعارضة السورية والمتواجدة على الحدود التركية-السورية.
التنظيمات المسلحة: مصدر قلق لتركيا

يعتقد الكاتب بركات قار أن أردوغان يواجه مشكلة “التنظيمات السورية المتطرفة” المرتبطة بالمعارضة، والتي تتواجد على الحدود السورية، مشيرًا إلى أن الدعم لتلك التنظيمات يقتصر على تركيا وقطر. وبرأيه، هذا الدعم أصبح عبئًا ماليًا كبيرًا، وهناك تخوف من أن تتحول هذه الفصائل إلى تهديد مباشر على تركيا، لذا يسعى أردوغان لحل هذه المشكلة بالتعاون مع دول الخليج.

وأشار قار إلى أن تركيا تتعرض لضغوط خارجية متزايدة، خاصة في ظل “تغيير بعض الدول الأوروبية سياساتها تجاه سوريا”، إلى جانب ضغوط من روسيا وإيران لحل أزمة إدلب. لكنه يرى أن أردوغان لا يتجاوب مع هذه الضغوط فقط، بل يسعى لتحقيق مكاسب لتركيا في عمليات إعادة إعمار سوريا في المستقبل.
لا مصالحة دون انسحاب

يتفق بركات قار مع الموقف السوري بأن المصالحة والتطبيع الحقيقي للعلاقات لن يتحقق دون انسحاب تركيا من الأراضي السورية. وقال: “أنا شخصيًا أدعم هذا التطبيع، لكن دون أي شروط تُفرض على سوريا، فالجيش التركي هو الذي يحتل الآن الأراضي السورية، وبدون انسحاب هذه القوات لن يكون هناك تطبيع حقيقي”.
اللقاء سيحدث مهما طال الزمن

وأضاف أن “الشعب التركي، بمختلف فئاته ومنظماته، يدعو إلى تطبيع العلاقات مع سوريا، مع احترام سيادتها ووحدة أراضيها”. وأكد أن السياسات العدائية التي انتهجها أردوغان خلال السنوات الماضية لم تحقق أي فائدة، مشيرًا إلى أن اللقاء بين الجانبين سيحدث في نهاية المطاف، مهما استغرق الأمر من وقت. ولكنه أشار أيضًا إلى ضرورة معالجة بعض القضايا، مثل تحديث اتفاقية أضنة ومشكلة الحكم الذاتي للأكراد، التي يعتبرها أردوغان مشكلة كبيرة.

هاشتاغ سوريا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى