الاخبار

خريطة النفوذ في السلطة: أصابع كثيرة في انتظار النعي

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

بعد تأثير طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، أصبحت الأنظار تتجه نحو دور السلطة الفلسطينية ومشاركتها في المشهد الفلسطيني بقوة، كانت السلطة قد أصبحت قبل ذلك في موقف ضعيف، تدير بلديات في الضفة الغربية بدون سلطة حقيقية، مما جعلها تلعب دوراً محدوداً في الشؤون السياسية.

 

ومع مرور شهرين فقط على الطوفان، بدأت السلطة تظهر بشكل أكثر قوة من خلال متحدثين بارزين مثل حسين الشيخ ومحمد اشتية وجبريل الرجوب، هذا الحضور القوي لتلك الشخصيات أعاد الانتباه إلى دور السلطة، خاصة مع غياب الرئيس محمود عباس عن الأضواء، هذا الغياب أثار تساؤلات حول من سيخلفه في قيادة السلطة.

 

منذ توليه الرئاسة في عام 2005، تمكن محمود عباس من تعزيز قبضته على السلطة الفلسطينية، حيث شغل مناصب متعددة بما في ذلك رئاسة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، وعلى الرغم من التكهنات بشأن من سيخلفه، يعتقد البعض أن أي مرشح منفرد لن يستطيع ملء الفراغ الذي سيتركه عباس، وقد يؤدي إلى صراعات داخلية في فتح والسلطة الفلسطينية.

 

في الوقت الحالي، تدور هذه النقاشات دون إجراء أي انتخابات، حيث منع الفلسطينيون من ممارسة حقهم في الانتخابات لمدة تقارب عشرين عامًا، يشير البعض إلى أن الانتخابات المبكرة قد تكون الحل، ولكن عباس رفض إجراءها في القدس تحت ذريعة رفض الاحتلال.

 

تقارير دولية توجهت نحو “معركة خلافة عباس”، وتقدمت بثلاثة سيناريوهات محتملة لما بعد عباس، متوقعة أن تؤدي هذه المعركة إلى انهيار السلطة الفلسطينية في أسوأ الحالات، هذه السيناريوهات تتضمن إجراء انتخابات رئاسية فلسطينية، اختيار خليفة لعباس، أو حدوث فوضى شاملة في الضفة الغربية.

 

يستمر الصراع على السلطة ومستقبلها في إثارة الانقسامات داخل فتح والسلطة الفلسطينية، وقد يؤدي إلى تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة، تمت ملاحظة تزايد استهداف عدد من الشخصيات الفلسطينية البارزة مؤخرًا، ومن بينهم ناصر القدوة، الذي يعتبر ابن شقيقة الرئيس الراحل ياسر عرفات وكان ممثلاً سابقًا لفلسطين في الأمم المتحدة، تم فصله من حركة فتح في مارس 2021 بعد تقديمه لقائمة مرشحين مستقلين للانتخابات التشريعية، ولكن تم إلغاء هذه الانتخابات التي كانت مقررة في مايو 2021 بقرار من الرئيس عباس.

 

كما شهد قادة آخرون من حركة فتح استهدافًا، بمن فيهم توفيق الطيراوي، الذي أقيل من رئاسة مجلس أمناء كلية الاستقلال الأمنية والعسكرية في أغسطس 2022، وتم سحب الحراسات الشخصية عنه بعد تسريب تسجيل صوتي يهاجم فيه حسين الشيخ.

 

في أغسطس 2023، أصدر الرئيس الفلسطيني مرسومًا بإقالة 12 محافظًا في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن بين المستهدفين جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، وتوفيق الطيراوي، كان الهدف من هذه الإقالات تقليص نفوذ بعض المحافظين الذين كانوا ضباطًا سابقين في جهاز الأمن الوقائي.

 

على الرغم من السيطرة التي تمارسها شخصيات مثل حسين الشيخ وماجد فرج في صنع القرارات ومرافقة الرئيس عباس، إلا أن هناك ملاحظات بأن بقاءهم في موقع القيادة معرض لتقلبات مزاج الرئيس.

 

في مقابلة صحفية، أشار ناصر القدوة إلى أن الرئيس الفلسطيني يمكن أن يتخلص من حسين الشيخ بسهولة إذا لم يكن محبوبًا، هذا يفتح الباب للتساؤل عن مستقبل السلطة ومن سيخلف عباس في الرئاسة ويتولى تمثيل حركة فتح، ومع وجود عدة أسماء بارزة في الساحة الفلسطينية، فإن توزيع القوى والشعبية يجعل الأمور غير واضحة بالكامل حيال الخلافة المحتملة لعباس.

محمد اشتية، السياسي الفلسطيني البارز والذي شغل منصب رئيس الوزراء سابقًا في السلطة الفلسطينية، وهو أيضًا عضو في اللجنة المركزية لحركة فتح، حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد، وقد شغل مناصب وزارية وأكاديمية في مسيرته المهنية، كما قاد المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار وشارك في وفد المفاوضات الفلسطيني في مؤتمر مدريد، على الرغم من تقديره لدى بعض الجهات الدولية، إلا أن سياسات حكومته الاقتصادية والتحديات التي واجهتها جعلت شعبيته ضمن قواعد حركة فتح تتراجع، خاصة مع تفشي جائحة كورونا وإجراءات الإغلاق التي تبعتها، ورغم ذلك، يظل تدوير نموذج “التكنوقراط” الذي مثله سلام فياض في رئاسة الحكومة الفلسطينية يعتبر احتمالًا واردًا، وذلك نظرًا للضغوط الدولية المستمرة لإصلاح السلطة الفلسطينية.

 

محمود العالول، نائب رئيس حركة فتح، يتمتع بشعبية كبيرة داخل حركة فتح، ويعتبر من القادة العسكريين المرموقين، شغل منصب محافظ مدينة نابلس ويُصف بأنه محط إجماع داخل الحركة، يمثل الخط الوطني في الحركة والسلطة الفلسطينية ولا يظهر بشكل كبير في وسائل الإعلام، لم يعلن عن أي طموحات لتولي منصب رئاسة السلطة الفلسطينية.

 

توفيق الطيراوي، عضو في اللجنة المركزية لحركة فتح ومؤسس جهاز المخابرات العامة في الضفة الغربية، تولى القيادة لفترة قصيرة قبل أن يُقال من منصبه بضغوط أمريكية، يُرتبط اسمه بتشكيل عدة مجموعات مسلحة في الضفة الغربية ويُحسب على التيار المضاد لبعض القادة الحاليين في السلطة الفلسطينية.

 

المؤتمر الثامن لحركة فتح تم عقده في ديسمبر 2023 بعد مرور سبع سنوات على المؤتمر السابق، تحدثت صحيفة الأخبار اللبنانية عن محاولات حسين الشيخ لتأمين موقع متقدم في الحركة، وقد شملت هذه المحاولات سعيه لإقالة بعض الشخصيات المقربة من منافسيه داخل الحركة وتعيين شخصيات موالية له وفقاً للجزيرة نت.

 

مع اندلاع معركة طوفان الأقصى، تغير مسار النقاشات والترتيبات السياسية في فلسطين والمنطقة، وأصبح تحديد ما بعد هذه المعركة هو الأمر المحوري، حيث يُركز الجميع على بحث السيناريوهات المحتملة وتأثيراتها المحتملة على المشهد السياسي والإقليمي.

كان الحديث عن فترة ما بعد محمود عباس قبل اندلاع المعركة، يتناول بديلًا محتملًا في واشنطن وتل أبيب، ومع ذلك، الآن ومع اندلاع المعركة، وجد الجميع أنفسهم أمام تحديات جديدة تتعلق بمن سيخلف عباس، هل سيكون الخيار شخصية مدنية تكنوقراطية، قادرة على الحصول على دعم دولي وإجماع فلسطيني لبدء مرحلة جديدة؟ أم سيكون الخيار شخصية أمنية تميل لصالح فلسطين، قادرة على السيطرة على الأوضاع في الضفة الغربية وكبح التصعيد وتجنب اندلاع انتفاضة جديدة؟ أم سيكون الخيار شخصية فتحاوية شعبية، قادرة على كسب التوافق داخل فلسطين؟

 

كثيرٌ من الأسئلة تسبق شروق الشمس في صباح يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وستظل هناك مئات الأسئلة تتفجر مع كل مستجد في المعركة، فتقوم بتشكيل واقعٍ سياسيٍ جديد ليس فقط في فلسطين بل في الإقليم والعالم أيضًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى