الاخبار

توتّرات الحدود السورية – الأردنية: أبعد من قصة تهريب

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

شهدت الحدود السورية-الأردنية في الفترة الأخيرة تصاعدًا عسكريًا مستمرًا، وذلك في إطار جهود الأردن لتأمين الحدود والقضاء على عمليات تهريب المخدرات التي تتجه نحو الأردن وتصل في بعض الحالات إلى دول الخليج، في سياق هذا التصاعد، قامت القوات الجوية بشن غارات على بعض المواقع في درعا والسويداء، حيث استهدفت بلدتي عرمان وملح جنوبي السويداء، مما أدى إلى مقتل نحو 10 أشخاص، أغلبهم من النساء والأطفال، وتسببت في أضرار جسيمة للمنازل المجاورة، وأكدت مصادر محلية أن الضحايا لا يرتبطون بملف التهريب بأي شكل من الأشكال، مما أثار رفضًا شعبيًا في السويداء لاستهداف أهداف غير دقيقة.

تعود أسباب التصعيد العسكري الأردني الأخير إلى اجتماع أمني سوري-أردني عُقد في يوليو الماضي، وذلك وفقًا للترتيبات المتعلقة بالمبادرة العربية الرباعية التي عقدت في عمان في مايو 2023، بمشاركة وزراء خارجية سوريا والأردن والسعودية والعراق ومصر، كانت هذه المبادرة قد فتحت الباب أمام عودة العلاقات السورية-العربية واستعادة سوريا عضويتها في الجامعة العربية، وشملت التعاون الأمني للقضاء على شبكات تهريب المخدرات.

ومع ذلك، يعتقد مراقبون أن التصعيد الحالي على الحدود السورية-الأردنية يرتبط بالتطورات في قطاع غزة والضفة الغربية، حيث يستعد الأردن لاحتمال استخدام منافذ التهريب كممرات لنقل الأسلحة والمعدات العسكرية، قد تستفيد منها الأطراف التي تحاول دعم المقاومة في المناطق المحتلة، وتعمل الحكومة الأردنية جاهدة لمنع انعكاسات هذه الحالة الأمنية على أراضيها.

منذ عام 2011، تحولت الحدود السورية-الأردنية إلى إحدى المشاهد الرئيسية للحرب السورية، حيث كانت الممر الرئيسي لنقل السلاح إلى الفصائل المسلحة، وفقًا لما عُرف بـ “غرفة الموك” المدعومة من الولايات المتحدة، ومع استعادة الجيش السوري للمبادرة، وبدعم روسي، شهدت المنطقة عملية عسكرية واسعة في الجنوب في عام 2018، وأدت اتفاقيات المصالحة إلى خروج المسلحين وسحب الأسلحة الثقيلة، ورغم ذلك، استمرت التحديات الأمنية مع انتشار خلايا نائمة تابعة لتنظيمات مختلفة، مما يجعل بيئة الفراغ الأمني مستمرة، وتشكل منطلقًا لأنشطة شبكات التهريب.

في فترة تركزت فيها الجهود على استعادة الحياة الطبيعية في مدينة درعا، خرجت محافظة السويداء إلى الواجهة بعد اندلاع تظاهرات ومحاولات من الفصائل المحلية لتحقيق تحولات في التوازنات الموجودة هناك، استفادت هذه الفصائل من التصعيد العسكري الأردني الأخير، الذي رأوا فيه فرصة لتكرار نموذج النجاح الكردي في شمال شرق سوريا، أظهر بيان صادر عن فصيل “رجال الكرامة”، الناشط في السويداء، رفضًا للعمليات العسكرية ودعوة للتعاون الأمني مع الفصائل لمكافحة شبكات تهريب المخدرات، انتقد البيان الأضرار الجسيمة التي تسبب فيها القصف الأخير للمدنيين وممتلكاتهم، وحمّل الحكومة السورية مسؤولية تلك الأحداث، معتبرًا أن هناك تخلّيًا مقصودًا عن أداء المهام.

على الرغم من عدم صدور تعليقات رسمية من الحكومتين السورية والأردنية حول الغارات الأخيرة، تشير البيانات الرسمية السابقة إلى استمرار الفراغ الأمني السوري في المناطق الحدودية بسبب تلك العمليات، وفي الوقت نفسه، يتهم مسؤولون أردنيون بين الحين والآخر فصائل تدعمها إيران بالتورط في هذه الشبكات، متناغمين بوضوح مع الحملة الأمريكية المستمرة ضد سوريا وإيران، يظهر ذلك في سلسلة من العقوبات المعروفة بقوانين “كبتاغون 1 و 2” التي استهدفت قطاع الأدوية في سوريا، والذي كان أحد القطاعات الرئيسية التي استمرت في نشاطها خلال فترة الحرب، وبهذا السياق، تسعى الولايات المتحدة إلى خلق ذرائع جديدة لوجودها غير الشرعي في سوريا، والذي اعتمد في السابق على “محاربة الإرهاب” وفقاً لصحيفة الأخبار اللبنانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى