اقتصاد

الانهيار مستمر.. هل أهدر اقتصاد لبنان جميع فرصه بالنجاة؟

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

دخلت لبنان الآن في السنة الرابعة على التوالي من الأزمة الاقتصادية الخانقة، وتتسارع المخاوف من احتمالية اندلاع صراع واسع النطاق مع إسرائيل، وهو ما يهدد بتفاقم الأثر الكارثي للاهتمام الاقتصادي التاريخي الذي يعيشه لبنان منذ أكتوبر 2019.
ورغم التعقيدات الكبيرة والمشهد الكئيب، فإن القوى السياسية اللبنانية لم تحقق أي تقدم ملموس حتى الآن في تنفيذ الإصلاحات التي من شأنها تحسين الوضع والمساهمة في استعادة الاقتصاد إلى مسار النمو.
بحلول نهاية أكتوبر 2023، فقد لبنان عاماً آخرًا في سبيل بدء مسار التعافي، الذي يتطلب تنفيذ إصلاحات هيكلية كخطوة أساسية لوقف تدهور الاقتصاد وتفكيك مؤسسات الدولة.
تعاني لبنان منذ أربع سنوات من أزمة شاملة تشمل القطاع المصرفي، والجانب المالي، والوضع الاقتصادي، والمشهد السياسي.
بدأت هذه الأزمة في خريف 2019 مع إغلاق البنوك وتعليق سحب الودائع، وفرض قيود صارمة على السحوبات بالدولار، في وقت كان يعد القطاع المصرفي هو العمود الفقري للاقتصاد اللبناني.
تفاقمت الأزمة مع انهيار العملة الوطنية بشكل مدمر، حيث فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 95٪ من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي.
تراجعت من 1500 ليرة لبنانية للدولار في أكتوبر 2019 إلى حوالي 90 ألف ليرة للدولار حاليًا.
تسبب هذا التراجع في تدمير القوة الشرائية للمواطنين، مع ارتفاع أسعار الاستهلاك بنسبة تجاوزت 6000٪ منذ ديسمبر 2019 حتى عام 2023.
شهدت الأزمة الاقتصادية استنزاف معظم احتياطات لبنان من العملات الأجنبية، حيث انخرطت سياسة دعم الأسعار في تقليل قيمة الاحتياطيات الأجنبية في مصرف لبنان من 34.73 مليار دولار في منتصف أكتوبر 2019 إلى 8.7 مليار دولار في منتصف أكتوبر 2023.
هذا النقص دفع حاكم المصرف بالإنابة، وسيم منصوري، إلى إعلان توقف المصرف عن دعم الحكومة بالعملات الأجنبية.
من الناحية السياسية، فإن لبنان يعيش شللاً حكوميًا منذ أربع سنوات، حيث فشلت الأطراف السياسية في التوصل إلى اتفاق لمواجهة التحديات المالية والاجتماعية.
هذا الخلاف أدى إلى شغور رئاسة الجمهورية منذ أكتوبر 2022، مما أدى إلى تعثر المؤسسات الدستورية، بما في ذلك مجلسي الوزراء والنواب، وعدم القدرة على تعيين حاكم لمصرف لبنان بعد انتهاء ولاية الحاكم السابق رياض سلامة في يوليو 2023.
يظهر ذلك بوضوح أن مستقبل لبنان الاقتصادي ملبد بالغموض، وأن الوضع يتجه نحو المزيد من التعقيدات.
في خطوة غير مسبوقة وحذرة تجاه الأوضاع الاقتصادية، بدأت لبنان في شهر مارس 2023 تنفيذ قرار التسعير بالدولار الأميركي في المحال التجارية.
يهدف هذا الإجراء إلى مكافحة المضاربات والتلاعب في الأسعار في الأسواق، وإحلال الاستقرار في سعر صرف العملة.
منذ خريف 2019، شهدت العملة اللبنانية انهيارات متتالية، حيث وصلت إلى مستوى 140 ألف ليرة للدولار في نهاية مارس 2023، ثم استقرت قرب مستوى 90 ألف ليرة للدولار منذ أبريل 2023.
وفي ظل تلك التحديات الاقتصادية، يستعرض اللبنانيون بحذر الوضع، خاصة مع تصاعد الأحداث القتالية على الحدود مع إسرائيل، مما يثير مخاوف من اندلاع حرب واسعة النطاق تؤثر سلباً على الاقتصاد اللبناني.
يتطلع اللبنانيون بحذر إلى إمكانية تمديد رقعة الأعمال القتالية، مع تفاقم الأزمات المتشابكة التي تعاني منها البلاد منذ عام 2019.
يشير المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة في لبنان، الدكتور محمد أبو حيدر، إلى أن لبنان لم يتمكن، خلال أربع سنوات من الأزمة، من تنفيذ الإصلاحات اللازمة، مما يؤدي إلى استنزاف الدولة وفقدان الثقة بها.
يرى أبو حيدر أن الخروج من الأزمة يتطلب تنفيذ الإصلاحات المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي، مشيراً إلى أن تحقيق هذه الإصلاحات يمكن أن يعيد لبنان إلى مسار النمو ويستعيد الثقة المفقودة.
وفي هذا السياق، يرى الصحافي والمحلل الاقتصادي ألفونس ديب أن النزاع السياسي المستمر هو السبب الرئيسي وراء المشاكل الاقتصادية في لبنان.
يشدد على ضرورة حل الوضع السياسي لتحقيق أي تقدم في معالجة الأوضاع الاقتصادية، مشيراً إلى أن القطاع العام يتآكل، في حين يستمر القطاع الخاص في المقاومة بفضل المرونة التي يتمتع بها.
ويختتم ديب بتحذير من أن التحسن في الوضع الاقتصادي يتطلب إدارة فعالة ومركزية للسياسات والإجراءات.
يشير إلى أهمية إعادة هيكلة القطاع العام وإنقاذه، مع التأكيد على أن الاستقرار الحالي في سعر صرف العملة اللبنانية يعود إلى قرارات مصرف لبنان وتوافر الدولار بعد موسم سياحي ناجح.
سكاي نيوز عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى