الاخبار

4 جبهات من الحرب أشعلها الجنوب

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

رانا أبي جمعة

منذ سنوات، وتحديداً منذ عامين، تزاحم الأزمات القديمة الجديدة بعضها بعضاً لتتصدر أخبار العالم. نبدأ من الحرب الروسية الأوكرانية التي دقت أول مسمار في نعش الأحادية العالمية.

وقفت روسيا في وجه الغرب الذي لم يتوقف يوماً عن تهديد أمنها القومي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عبر تمدد حلف الناتو شرقاً. خاضت، ولا تزال، حرباً معه على الأراضي الأوكرانية. ألم يسمح بذلك الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي؟ أليس هو الذي استدعى الغرب وترسانته لمحاربة موسكو غير مكترث إلى ما آلت إليه كييف والأوكرانيون؟

في هذه الحرب، عاد وجه الغرب الحقيقي ليتكشف من جديد. وبعيداً من السياسة والعسكر، لا يمكن لأحد أن ينسى تجنيد دوله للإعلام والرياضة والثقافة لمحاربة موسكو وعزلها عن العالم حتى وصلت عنصريتهم وعقوباتهم إلى القطط الروسية.

لا ينسى أحد كيف خرج أحد مراسلي القنوات الأوروبية يستهجن رؤية لاجئين ذوي بشرة بيضاء وعيون زرقاء، فهو وأبناء جلدته لم يعتادوا إلا رؤية شعوبنا في الجنوب لاجئين وفي حالٍ يرثى لها.

الجبهة الثانية كانت في أميركا اللاتينية. على سبيل المثال، كان الانتصار التاريخي لليسار في كولومبيا عبر وصول غوستافو بيترو -رئيس بلدية العاصمة بوغوتا سابقاً- إلى الرئاسة، فأصبح أول رئيس يساري في تاريخ هذا البلد الذي يعدّ من حلفاء الولايات المتحدة التاريخيين، إلى درجة أن عدداً من الباحثين سمّاه “إسرائيل أميركا اللاتينية”.

ولم تقتصر المفاجأة على فوز بيترو، إنما في مواقفه، وتحديداً من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. بوضوح، رأى الرئيس الكولومبي أن ما تقوم به “تل أبيب” هو إبادة جماعية ممنهجة لسكان القطاع.

الجبهة الثالثة فُتحت من القارة الأفريقية. هزَّت مالي عرش فرنسا في القارة السمراء، فالتقطت بوركينا فاسو اللحظة التاريخية لتكون الركلة الأقوى لها من قبل النيجر.

ثلاثي عرف كيف يخرج السارق الفرنسي لخيراته وموارده من أرضه رغم كل الصعوبات والتحديات الأمنية، والنظرة إلى شعوب هذه القارة لا تقل بشاعة عن نظرة “إسرائيل” إلى الفلسطينيين، فأفريقيا بالنسبة إلى الغرب هي شعوب بدائية ساذجة بلا حضارة، فلا بأس في سرقة الثروات وتثبيت الطغاة كحكام وإعطاء مساعدات إنسانية بربع قيمة ما سرقوه.

اليوم، نحن في زمن طوفان الأقصى، إذ قررت كتائب القسام الرد على جرائم “إسرائيل” التي لا تعد ولا تحصى، بدءاً بالاحتلال، ومروراً بحصار القطاع، وليس انتهاء بالاستفزازات والانتهاكات المتواصلة في الضفة الغربية والقدس وفي المسجد الأقصى ومخطط هدمه لبناء الهيكل المزعوم.

رغم كلّ الدمار الذي تلحقه “إسرائيل” بالقطاع بشراً وحجراً، فإن ذلك لن يمحو الذل الذي لحق بها في السابع من أكتوبر. هذا الانكشاف الأمني وضع قادة الاحتلال في حالة من الجنون، وجنونهم وصل بهم إلى محاولة استغلال العملية للسير في مخطط إفراغ القطاع من أهله عبر مجازر لا تتوقف على مرأى كل العالم.

لا يمكن لأحد أن يستشرف مآلات المرحلة، ولكن التاريخ دوّن السابع من أكتوبر في سجله، وخلاصة التدوين هو أن القطاع المحاصر انتقل من مرحلة المفعول به إلى مرحلة الفاعل، والسبحة ستكر بلا شك. فمن التالي؟ من سيتسلم دفة هزّ أسس هذا العالم الأحادي القطب لتخليص الشعوب من القتل على الهوية؟

من روسيا إلى أميركا اللاتينية وأفريقيا، وصولاً إلى “قلب العالم” في غزة، الحرب تبدأ من الجنوب هذه المرة.
الميادين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى