الاخبار

كمال خلف: الصين وروسيا والسقوط في امتحان الشرق الأوسط

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

بعد بدء عملية طوفان الأقصى ردا على الجرائم الإسرائيلية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني وحصار قطاع غزة الخانق، اندفعت الولايات المتحدة نحو الشرق الأوسط وقامت بالتالي مباشرة : أولا منح تفويض لنتنياهو بتدمير قطاع غزة والقتل وارتكاب المجازر والقضاء على المقاومة الفلسطينية. ولضمان ان يكون قادة الاجرام في إسرائيل مرتاحين وهم يرتكبون الفظائع حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن علنا كل قادة ودول المنطقة من التدخل او الضغط على إسرائيل. ولم يكتف بالتحذير الشفوي بل ارسل حاملتي طائرات الى البحر المتوسط لاظهار جدية واشنطن في دعم إسرائيل وتأمين غطاء لجرائم الحرب والابادة الجماعية التي ترتكبها الة الحرب الإسرائيلية. ثم ارسل على الفور وزير خارجيته “انتوني بلينكن” مرتين الى المنطقة الذي افتتح زيارته بالقول ” انا قادم لكم كيهودي “. سبق بلينكن شحنات أسلحة وذخائر وزيارة لوزير الدفاع الأمريكي ” لويد اوستن ” الذي هدد وتوعد بدوره.

واذا كانت الحركة الامريكية العسكرية والسياسية في الواجهة بشكل فاقع، الا ان الدول الغربية في حلف الأطلسي كلهم انقضوا على غزة، لتواجه هذه البقعة الجغرافية الصغيرة، والمقاومة محدودة الإمكانات فيها المنظومة الغربية كلها.

أعلنت بريطانيا دعم إسرائيل، وكذلك فرنسا التي اوفدت وزيرة خارجيتها الى إسرائيل والمنطقة، المستشار الألماني اوف شولتس يصل اليوم الى إسرائيل.

ووفقاً للإعلامي الفلسطيني كمال خلف فقد ظهرت بشكل مباشر كل أوراق اللعب في الشرق الأوسط بيد الولايات المتحدة وشركائها الغربيين، بينما غابت الصين وروسيا تماما عن المشهد العربي وصورة ما يجري في غزة. وظهر ان ليس لهم أي تأثير فعلي فيما يجري. وهذا ضرب في مقتل كل نظريات تصاعد تأثير هذه الدول الكبرى في المنطقة العربية، والتقديرات التي كانت تقول ان الولايات المتحدة تراجع دورها ونفوذها في المنطقة لصالح تصاعد اداور لكلا من بكين وموسكو.

في أرسلت الصين موفدا قالت انه للدفع نحو وقف اطلاق النار في غزة، لكن لم يسمع به احد ولم يكترث لهذا الإعلان احد، ولا حتى وسائل الاعلام العربية. تصريحات بوتين كانت بارزة ومهمة، ولكن اطلقها وهو يجلس على كرسيه في الكرملين دون أي تحرك دبلوماسي يذكر الا عبر الهاتف. كل الساحة في الشرق الأوسط بدت فارغة الا من الحضور الأمريكي والاوروبي المنحاز بالكامل لإسرائيل. كل أوراق اللعب في الشرق الأوسط ظهرت بيد واشنطن والاطلسي، مع وجود حالة مقاومة لهذا الهجوم الغربي الشامل من عدد قليل جدا من دول المنطقة وهي بدورها تتعرض للضغط والتهديد والابتزاز الأمريكي والغربي.

هذا الغياب التام للتأثير من روسيا والصين وقد نُظر اليهما في المنطقة العربية سواء على المستوى الرسمي او الشعبي بان حضورهم سيشكل حالة من التغير الاستراتيجي المعول عليه في احداث توازن و تحول في البيئة السياسية العربية، وتخلص شعوب المنطقة من تفرد الهيمنة الامريكية وفرضها اجندتها القذرة عنوة على دول المنطقة، وان العالم وفق ذلك بدأ في حالة المخاض الموصلة الى تغيير جذري في بنية النظام الدولي يدفع دول المنطقة لمراجعة تموضعها.

هذا الغياب سيكون له اثار سلبية كبيرة على الصين وروسيا بعد انتهاء المذبحة في غزة. لن تجرؤ أي حكومة عربية على تجاهل التحذيرات الامريكية من التعاون مع الصين، وقد اختبرت الاندفاعة الامريكية نحو المنطقة بجدية لحماية إسرائيل وتثبيتها. سيتلاشى هامش حركة بعض الدول العربية التي عولت على موازنة النفوذ الأمريكي في المنطقة.

لا نعني بالتأكيد ان تقوم بكين او موسكو بارسال أسلحة وذخائر للمقاومة في غزة او جنوب لبنان، او تهديد الولايات المتحدة وإسرائيل واجبارهم على وقف المجازر، او ارسال حاملات طائرات للتلويح بها كما تفعل الولايات المتحدة وشركاؤها، لسنا بهذه السذاجة ولا يجب ان يفهم احد المسألة على هذا النحو المبسط. ما نعنيه ونشير اليه، هو غياب دور الدبلوماسية لكلا البلدين، وغياب الحضور المباشر، و غياب مقاربات دولية للصورة في غزة مختلفة عن السردية الامريكية والغربية التي تغطي جرائم الحرب، وخرق القانون الدولي والإنساني. ما يحصل في غزة إبادة جماعية عرقية وجريمة حرب موصوفة، وبحماية وتشجيع من المنظومة الغربية التي ما زالت حتى الان تقود النظام الدولي العالمي. في الليل والنهار لا يسمع المواطن العربي غير سيل التصريحات العنصرية الفاشية من قادة الدول الغربية ضد أبناء غزة وهم تحت الركام، في تحدي لمشاعره، لا يرى عبر الشاشات الا صورة بايدن ووزير خارجيته المنحط ووزير دفاعه وهم يتحركون بين العواصم فارضين بالقوة ارادتهم.

كل نظريات القوى الصاعدة والموازنة، والمتمردة على النظام الدولي القابع تحت الجزمة الامريكية سقطت اقله في نموذج ما يجري الان في الشرق الأوسط. وغياب الصين وروسيا عن احداث بفداحة وحراجة ما يجري الان في غزة، مع امتداده الإقليمي والدولي، سيلحق الدمار بدور القوتين في الشرق الأوسط اكثر مما الحقت الة القتل الإسرائيلية الدمار في غزة.

حتى الان يمكن القول بصوت عال وواضح ان روسيا والصين كقوتين عالمتين تطمحان لتشكيل عالم متعدد الأقطاب ومتوازن، سقطتا في امتحان الشرق الأوسط اليوم، وان الولايات المتحدة امسكت كل الأوراق بيدها ونحت أي دور او تأثير لأي قوة دولية أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى