الاخبار

هل ستفلح موسكو بتحريك الملف السوري التركي

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

يثير التوجود الأميركي على طول الحدود العراقية –السورية الكثير من التساؤلات ، سيما بعد أن فشلت سياسة واشنطن في التقريب بين حلفائها، لكن يجمع المراقبون على أن الضغوط الاقتصادية التي يمارسها الأميركي عبر بوابة شرق الفرات إلى جانب الوجود التركي في شمال غرب سوريا يساهمان في إضعاف قبضة الدولة السورية على البلاد، ويجعلها عرضة لانتفاضات شعبية معيشية.

وقد شهدت مناطق شمال غرب سوريا خلال سنوات الحرب تحوّلاً كبيراً، إذ أصبحت المعابر الحدودية مع تركيا البوابة الأساسية إلى الخارج، لحركة الأشخاص ووصول المساعدات الإنسانية والسلع التجارية وأصبح جنوب تركيا، ولا سيما غازي عنتاب، وجهة أساسية لمجتمع الأعمال السوري. فقد نقل عدد كبير من السوريين أعمالهم إلى تركيا، لكنهم واصلوا تزويد الأسواق نفسها، مثل العراق ودول الخليج، من مركزهم الجديد.

ووفقاً لمال منشور في موقع الميادين فقد أصبح السوريون الذين نقلوا أعمالهم إلى جنوب تركيا جزءاً من الاقتصاد التركي وجزءاً من اقتصاد المناطق الخاضعة لسيطرة المسلحين في شمال غرب سوريا، إضافةً إلى بروز اقتصاد عابر للحدود مقرّه تركيا. تنامى دور أنقرة باعتبارها نقطة انطلاق، وازداد دورها على مدى السنوات الماضية، وفتحت معابر جديدة.

بينما يترقب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ويتريث ريثما تتضح معالم التحولات في السياسة الأميركية وتحركاتها في سوريا، والاستفزازات بينها وبين روسيا عبر الطلعات الجوية. كان قد قرر قبل قمة العشرين البدء بعملية الحوار مع الرئيس الأسد، في إثر الانتخابات الرئاسية التي انتهت في حزيران/يونيو.

وتطرح اليوم تساؤلات بشأن تفاهمات تركية-أميركية وعروض جديدة يمكن أن تكون واشنطن قد قدمتها إلى تركيا للتراجع عن فكرة الحوار والتفاوض مع الأسد. لا شك أن مسار الأستانة شكل بداية في تمكين النظام وتركيا، بالتنسيق مع روسيا، من إعادة رسم خريطة الشمال الغربي. وكانت تركيا ترى في مسار أستانة إطاراً أفضل من مفاوضات جنيف لمعالجة التحديات الأمنية عند حدودها الجنوبية، بيد أن الموقف التركي المتردد طرح تساؤلات إيرانية وروسية ما إذا كان الرئيس التركي يعوّل على متغيرات يعدّها الأميركي عبر سيناريوهات جديدة تحصل خلالها أنقرة على منطقة آمنة، بعد أن بدأ الحديث عن توسيعها لتضم حلب المدينة وتخلي تركيا عن مشروع روسيا وإيران.

لكن خروج الخطة التركية التي أطلق عليها “نموذج حلب” أثار تساؤلات بشأن طبيعة المساعي التي تبذلها أنقرة من أجل تشجيع عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم عبر إحياء مناطق الشمال السوري، تضمنت إشارة إلى احتمال التفاوض على مصير مدينة حلب، ثاني كبرى المدن السورية وعاصمتها الاقتصادية.

وفي مبادرة طرحت العديد من التساؤلات، أوردت صحيفة “صباح” نبأ إصدار الرئيس رجب طيب إردوغان تعليمات تقضي بتشكيل آلية ثلاثية بين كلّ من وزارة الداخلية وحزب “العدالة والتنمية” وكتلته النيابية في البرلمان، لوضع خطة تفضي إلى إحياء الحياة الاقتصادية في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا، وضم مدينة حلب -الخاضعة لسيطرة الدولة السورية ومحاولة إقناع الروس والإيرانيين بمد السيطرة التركية القائمة في الشمال السوري إلى حلب وجعلها منطقة آمنة ذات إدارة مشتركة، تركية- روسية- إيرانية، أو أن تكون الإدارة المشتركة للمدينة مع الرئيس بشار الأسد، بيد أنها أوردت أن هذا المقترح الأخير دونه صعوبات بالنسبة إلى اللاجئين.

أتى الطرح بعد رهان تركيا على التحوّلات في مواقف العديد من العواصم العربية، وبعد عدم استجابة سوريا لخطة الخطوة خطوة التي تم التوافق عليها في عمان، والرفض السوري لمسار الانتقال السياسي بحسب القرار 2254. أتى الرد السوري على لسان وزير الدفاع بدعوة تركيا إلى الانسحاب من الأراضي السورية، فيما أكدت تركيا على لسان وزير دفاعها يشار غولر أنها لن تغادر سوريا من دون ضمان أمن الحدود التركية، وصوغ دستور جديد لسوريا واعتماده.

ردّة فعل التركي سببها لائحة المقترحات والتوصيات العربية المقدّمة إلى وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، والتي تمسّكت بها المجموعة العربية كبداية جديدة لمسار سياسي مختلف في التعامل مع ملفّ الأزمة السورية يشمل العلاقة مع إيران وضبط تهريب المخدرات.

أما في إطار العلاقة المتدهورة يمكن اعتبار القصف الروسي الأخير على مواقع لـ”هيئة تحرير الشام” في إدلب، التي تتضمّن الشقّ التركي رسالة روسية إلى تركيا بأنها مستعدة هي أيضاً لقلب الطاولة وضرب فكرة إعادة اللاجئين السوريين بالشكل الذي تطرحه أنقرة، وتفجير الوضع العام في إدلب وإثارة موجات لجوء جديدة في اتجاه الأراضي التركية؛ رداً على إخلال أنقرة بتفاهمات إدلب، وموضوع “هيئة تحرير الشام” الذي بات يعدّ تقاطعاً أميركياً- تركياً.

أصبح الانسداد الحاصل في إثر قمة العشرين في ليتوانيا واضحاً، كذلك تراجع فرصة الانفراج السياسي بين ودمشق أنقرة، التي ما زالت تردد أنها تريد اتفاقاً وضمانات أمنية للخروج، وأنها لا تريد البقاء. وترى أن الكرة في ملعب إيران وروسيا، كذلك إعادة اللاجئين وهو موضوع حيوي بالنسبة إليها.

ويراهن الرئيس التركي على لقاء الرئيس الروسي بوتين، فبينهما قضايا كبرى تبدأ بالتعاون التجاري وبمجال الطاقة، وبشكل أساسي، استئناف اتفاقية الممر الآمن للحبوب في البحر الأسود، والحرب في أوكرانيا، أما الموضوع السوري فهو جزء من العلاقة التي جمعت روسيا بتركيا.. ضمن هذا الإطار، يزور وزير الخارجية التركي هاكان فيدان موسكو، خلال الأيام القليلة المقبلة، تحضيراً لزيارة الرئيس رجب طيب إردوغان سيلتقي خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي المطلة على البحر الأسود لكن، من دون تحديد موعد مؤكد لذلك، قد يكون قبل 8 أيلول/سبتمبر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى