لماذا يرتدي القضاة في عدد من الدول الغربية شعرا مستعارا أبيض اللون؟
وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com
عندما ترصد صورة أو مشهداً من دورة محاكمة في بعض الدول الغربية، تجذب انتباهك تفاصيل مشتركة في ملابس القضاة، حيث يتبادر إلى الذهن ارتداؤهم للعباءات السوداء والشعر المستعار الأبيض. ولكن ما السر وراء هذا الزي المميز؟
يعود استخدام الشعر المستعار الأبيض للقضاة إلى العصور الوسطى في أوروبا، حيث كان يرمز إلى الحكمة والمكانة العليا في تلك الحقبة. يُعَد اللون الأبيض رمزًا للشيخوخة والحكمة والاحترام في المجتمعات الغربية. وكان يُعتقد أن ارتداء الشعر المستعار الأبيض يمنح القضاة مظهرًا أكثر جدية واحترامًا.
على مر العصور، استمر هذا التقليد وانتشرت تلك العادة في النظام القضائي حتى أصبحت اليوم جزءًا من الزي الرسمي للقضاة في بعض الدول والمحاكم حول العالم. يُعتقد أن هذا الزي يرمز إلى الاستقلالية والنزاهة والعدل في القضاء.
وفيما يخص العباءات السوداء والشعر المستعار الأبيض التي يرتديها قضاة المحاكم في المملكة المتحدة، توضح جامعة القانون البريطانية أنهما تُعَدان رموزًا أيقونية للقانون. تاريخيًا، كان الشرط الوحيد للمحامين هو قص الشعر واللحية بدقة. ثم جاءت فكرة الشعر المستعار، التي انتقلت من أوروبا إلى المملكة المتحدة، حيث أصبحت جزءًا من موضة القرن السابع عشر خلال عهد الملك تشارلز الثاني.
كان الشعر المستعار يُنظر إليه على أنه رمز للسلطة والمكانة. كان المحامون والقضاة يرتديانه لإظهار مكانتهم في قاعة المحكمة وخارجها. ورغم تراجع شعبيته مع مرور الوقت، إلا أنه بقي جزءًا من الزي الرسمي للمحامين والقضاة في المملكة المتحدة.
تحمل صيحة الشعر المستعار في القانون دلالات أخرى أيضًا. يُعتبر المحامون شخصيات مستقلة، يعملون من أجل مصلحة موكليهم، ولا يتدخلون بمصالحهم الشخصية في القضايا التي يتولونها. ويرى بعض المحامين أن وجود الشعر المستعار يُخفي هويتهم ويُؤكد استقلاليتهم والابتعاد عن القضايا بجانب أي تأثير شخصي.
مع تطور العصور، شهدت صناعة الشعر المستعار بعض التغييرات. تقلّص طول الشعر المستعار وأصبح أكثر اعتدالًا. يتميز بتفاصيل جذابة تجعله يتناسب مع الظروف المختلفة. تُصنع بعض أنواع الشعر المستعار يدويًا من شعر الخيل، وتتفاوت تكلفتها وفقًا لكثافة وطول الشعر.
في النهاية، يبقى الشعر المستعار والزي الرسمي للقضاة رمزًا للسلطة والاحترام، ويستمر في تجسيد القيم والمبادئ التي يجسدها القضاء في المجتمعات الغربية.
إذاً، في خضم النظرات الباهرة إلى مشاهد المحاكمات، تظهر لنا تلك العناصر البارزة في زي القضاة والشعر المستعار، تاريخها المتجذر يعكس عمق الرموز والقيم التي تحملها. إن تقليد ارتداء الشعر المستعار الأبيض يمثل رمزًا تاريخيًا للحكمة والاحترام في القضاء، بينما تعكف العباءات السوداء على تعزيز الرسمية والجدية.
من خلال هذه العادات والزي الخاص بالقضاة، تُجسد القضاء قيم الاستقلالية والعدالة والمصداقية. إن اعتماد تلك الرموز والزي الرسمي في القضاء يشي بعمق تاريخي وثقافي، يعزز من سمعة القضاء وثقة المجتمع في نظامه القانوني. هذا التقليد القديم لارتداء الشعر المستعار والعباءات السوداء يعكس التزام القضاة بمبادئهم ودورهم الحيوي في نشر العدالة وحفظ القانون.
لذلك، يبقى هذا الزي الرسمي والرموز المتداولة في القضاء عنصرًا مهمًا من هوية القضاة ومكانتهم في المجتمع. تظل تلك العادات تشكّل جزءًا لا يتجزأ من الثقافة القانونية في العديد من الدول، حيث تسهم في تعزيز النزاهة والاحترام في ميدان القضاء وتؤكد على دورهم الحاسم في تحقيق العدالة وحفظ حقوق الأفراد.
الجزيرة
