الاخبار

لماذا أمريكا غاضبة من زيارة رئيسي إلى سورية؟

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

لم تخف الإدارة الأمريكية غضبها الشديد من سورية خلال الأيام الأخيرة، ليس بسبب الإنفتاح العربي على دمشق فقط التي تستطيع أن تؤثر في مساره عن طريق الضغط المباشرة، وإنما بسبب ملفين إثنين غير قادرة على التأثير فيهما ولا بحسمهما لصالحها رغم الحصار والعقوبات!

الملف الأول هو مصير ثلاثة أمريكيين من بينهم الصحفي “أوستن تايس” الذين اختفوا خلال الحرب الإرهابية العالمية على سورية، وعلى ذمة صحيفة (وول ستريت جورنال) فإن الإدارة الأمريكية جددت منذ أيام المحادثات المباشرة مع مسؤولي الحكومة السورية لتحديد مصير الأمريكيين المختفين!

والإدارة الأمريكية غاضبة من سورية لأنها لم تتعاون في هذا الملف “فالمحادثات فشلت حتى الآن في تحقيق أي اختراقات بينما يحرز الرئيس السوري بشار الأسد تقدماً في جهوده للخروج من عقد من العزلة على الرغم من وعد أمريكا للحكومة السورية بأن حل القضية يمكن أن يساعد في إنهاء العزلة الدولية للبلاد”.

أما الملف الثاني والأهم الذي أثار غضب الإدارة الأمريكية على سورية في الأيام القليلة الماضية فهو زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى دمشق، وسبب الغضب هذه المرة ليست لأن هذه الزيارة هي الأولى من نوعها منذ عام 2010، وإنما بسبب ماأسفرت عنه من اتفاقات ستحرّر البلدين من العقوبات في السنوات القليلة القادمة، وكأنّها لم تكن!

نعم، زيارة رئيسي إلى دمشق أغضبت الإدارة الأمريكية لأنها لم تقتصر على الجانب السياسي فقط، وإنما طغى عليها الجانب الاقتصادي، تجسد بالوفد الذي صحب الرئيس الإيراني وضم وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، ووزير الطرق وبناء المدن مهرداد بذرباش، ووزير الدفاع محمد رضا آشتياني، ووزير النفط جواد أوجي، ووزير الاتصالات عيسى زارع بور.

وبدا واضحا جدا إن الإتفاقات التي وقعها الحليفان عنوانها الوحيد: إعادة إعمار سورية بعد دحرها للمشروع الصهيوأمريكي في المنطقة.

ماذا يعني المباشرة الإيرانية بإعادة إعمار سورية من وجهة النظر الأمريكية التي تسببت بغضبها؟
لقد وصل هذا الغضب إلى ذروته من خلال العدوان الإسرائيلي على حلب قبل ساعات من وصول رئيسي إلى دمشق، ماعكس حالة الهستيريا التي انتابت الأمريكي والصهيوني من التطور النوعي في العلاقات الاقتصادية السورية الإيرانية لتصل إلى مستوى الحلف الإستراتيجي بين البلدين، وما يعنيه ذلك من تحررهما من العقوبات الأمريكية.

وإذا كان الشغل الشاغل للأمريكي تطويق سورية بسلسلة من العقوبات كان آخرها قانون الكبتاغون، فإن الإتفاقيات الاقتصادية التي شملت القطاعات الاقتصادية والتجارية كافة، مع آليات فعالة لإزالة المعوقات والعراقيل من أمامها لتنفيذها بسرعة، تصب جميعها في خدمة إعادة إعمار سورية، وهو ماترفضه أمريكا، وتمنع دول العالم كافة من خلال الضغط والعقوبات المشاركة في إعمار سورية.

وإذا أخذنا اتفاقية الخطوط الحديدية كمثال على سبب الغضب الأمريكي من زيارة الرئيس رئيسي إلى دمشق، فإنها تعني إقامة شبكة سككية ستشمل إيران والعراق وسورية ولبنان، والأردن، وصولا إلى دول الخليج، والمسألة هنا لاتتعلق بسورية وإيران، وإنما بالصين أيضا صاحبة مشروع طريق الحرير الجديد، أي أن الصين التي تربطها إتفاقيات طويلة المدى مع إيران ستستثمر إمكاناتها الهائلة ليكون نهاية طريق الحرير في سورية، التي تشكل عقدة أساسية لطرق إمدادات النفط والغاز في المنطقة عبر البحر الأبيض المتوسط.

نعم، الاحتلال الأمريكي في سورية هدفه غير المعلن منع التواصل السككي بين دول إيران والعراق وسورية، أي منع الصين من تنفيذ الشبكة الأهم في طريق الحرير، وأي اتفاق يتيح تنفيذ هذا التواصل من خلال سورية سيثير الغضب الأمريكي لأنه سيحررها من عقوباتها الحالية والقادمة!

وما سيساعد سورية على التحرر من العقوبات أيضا وبسرعة، إقامة مصرف مشترك مع إيران يتيح التبادل التجاري بالعملات المحلية أو بالمقايضة، بالإضافة إلى فتح خط ائتماني جديد لتزويد سورية باحتياجاتها من المحروقات، ويرافق كل ذلك إعادة تأهيل محطات التوليد وإقامة محطات جديدة لتأمين التغذية الكهربائية للسوريين وحل أزمة الطاقة خلال فترة زمنية قصيرة.

ومايميز زيارة الرئيس الإيراني إلى دمشق، والتي أغضبت الأمريكيين من سورية انها شكلت محطّة محورية في مسار العلاقات بين البلدَين، ونقلتها إلى مستويات أرفع من الشراكة الاقتصادية، ومهدت الطريق لإقامة مشاريع مشتركة أكبر لإعادة إعمارها، في حين لايمكن للأمريكان انتزاع أي أمر يمس سيادة سورية سوى كلمة “لا” كبيرة حاسمة وجازمة.

الخلاصة:عندما تعتبر وزارة الخارجية الأميركية أن “توثيق العلاقات بين إيران وسوريا ينبغي أن يكون مبعث قلق للعالم“، فهذا يؤكد ان الإدارة الأمريكية ليست غاضبة فقط من سورية لترجمة حلفها الإستراتيجي مع إيران في عمليات إعادة الإعمار ، وإنما أيضا، وهو الأهم، لدخول الصين على خط التشبيك بين دول المنطقة والتي تعد سورية فيه النهاية الحتمية لطريق الحرير ومنها إلى العالم.

علي عبود ـ غلوبال

اقرأ المزيد: خطة سورية – ايرانية شاملة من ٨ بنود.. ما هي؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى