اخبار ساخنة

المثول أمام 42 قاضياً قبل الوصول إلى الجنة الموعودة.. ماذا تعرف عن “محكمة الموتى” عند المصريين القدماء؟

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

آمن المصريون القدماء بالثواب والعقاب بعد الموت، كما آمنوا بوجود حياة آخرة ينتقل إليها الناس بعد الموت، وآمنوا أيضاً بوجود مرحلة انتقالية ما بين الحياة الدنيا والعالم الآخر، وتتمثل هذه المرحلة بما يسمى “محكمة الموتى”، حيث يمثل الموتى أمام محكمة حقيقية فيها عدد من القضاة، الذين يقررون مصير الميت، فإما أن يتوجه إلى جنة الخلود أو أن يتم التهامه من قبل وحش كاسر يدعى “أمت”.

محكمة الموتى عند المصريين القدماء

تعرفنا على أسرار “محكمة الموتى” من خلال أوراق البردي الجنائزية، التي وثقت ما يحدث في تلك المحكمة، وفقاً لاعتقاد المصريين القدماء.

تم توثيق الحكايات عن محكمة الموتى وما يحدث في العالم السفلي في أواخر عهد المملكة المصرية القديمة، وتروي لنا النقوش الهيروغليفية على القبور ملامح الأشياء التي اعتقد المصريون أنها تحدث بعد الموت.

يمكن أيضاً ملاحظة الإشارة إلى محكمة الموتى في الأدبيات الجنائزية المبكرة في المملكة الوسطى، والتي تسمى نصوص التابوت، فما هي تلك المحكمة تحديداً؟

محكمة الموتى هي عقيدة آمن بها المصريون القدماء، واعتقدوا من خلالها أن الموت هو طريق الخلود، وأن الروح قبل أن تتوجه إلى جنة الخلود يجب أن تمر على “محكمة الموتى”، حيث يتم هناك محاكمتها أمام 42 قاضياً، وفقاً لما ورد في موقع touregypt.

في البداية، عندما ترتفع الروح من الجسد ستكون مرتبكة، ولا تعرف طريقها، لكن النصوص المرسومة على جدران المقابر ستساعد في إرشاد الروح وتهدئتها.

وبعد ارتفاع الروح يأتي أنوبيس “إله الموت” فيسير معها من القبر إلى طابور تصطف فيه الأرواح انتظاراً لدخول “قاعة الحقيقة”، وأثناء الانتظار ستقدم الآلهة الماء البارد للأرواح في محاولة تهدئتها وطمأنتها، وفقاً لما ورد في موقع World History.

في قاعة الحقيقة، (وهي منزل الإله أوزوريس) ستكون الروح في مواجهة مع 42 قاضياً من الآلهة الواقفين إلى جانب موازين العدل بصحبة أوزوريس وتحوت وماعت، كذلك ستواجه الروح الوحش المرعب المعروف باسم “أمت”، وهو وحش خليط ما بين الأسد وفرس النهر والتمساح، ومهمته أكل قلوب الموتى الظالمين.

iStock\ محكمة الموتى

يقوم الميت بسرد أعماله الحسنة، فيما يتبرأ من أعماله السيئة مثل السرقة والقتل، لكنه يتعرض للاختبار قبل أن تُصدر المحكمة حكمها.

إذ يقدم الميت قلبه ليوضع على إحدى كفتي ميزان العدل، بينما توضع على الكفة الأخرى ريشة بيضاء من جسد “ماعت” (إلهة الحق والعدل والنظام)، وتعد هذه الريشة تجسيداً للحقيقة، فإذا كان القلب أخف من الريشة فهذا دليل على أن الميت شخص صالح يستحق العبور إلى الجنة.

أما إذا كان قلبه أثقل من الريشة فهذا يعني أنه إنسان مثقل بالذنوب والخطايا ولا يستحق الخلود في النعيم، فيُرمى قلبه إلى “أمت” ليلتهمه. وبذلك يموت المرء ميتة ثانية، ويختفي تماماً من العالم، بينما تظل روحه قابعة في العذاب إلى الأبد.

لماذا يوزن القلب في محكمة الموتى؟

اعتقد المصريون القدماء أن القلب يتحكم بالإحساس والتفكير وحركة الجسم، وأنه بيت العقل والروح ومركز الجسد بأكمله، حتى إن الفلاسفة اليونانيين مثل أرسطو وديوكليس تبنَّوا لاحقاً المعتقدات المصرية حول القلب.

ومن هذا المنطلق حرص المصريون القدماء على تحنيط قلب المتوفَّى وإبقائه سليماً في مكانه، كي يكون بالإمكان وزنه في محكمة الموتى.

وفي المقابل، وبما أن القلب كان مركز التفكير والعاطفة في آن واحد لم يكن للدماغ أي وظيفة تذكر من وجهة نظر المصريين القدماء، فضلاً عن ذلك لا يوجد أي نفع للدماغ في الدار الآخرة، وبالتالي كان لا بأس من التخلص منه أثناء عملية التحنيط.

فكان المصريون القدماء يعدون الموتى لحياة مريحة في الدار الآخرة؛ لذلك استأصلوا من أجسادهم الأعضاء “الزائدة”، والتي كان الدماغ على رأسها، بالإضافة إلى الأحشاء، وأبقوا على القلب في مكانه، كما ذكرنا مسبقاً، أما الكبد والرئتان والمعدة والأمعاء فكان يتم تجفيفها بعد استئصالها ووضعها في أوانٍ خاصة تحفظ مع المومياء في مقبرة الميت.

iStock\ محكمة الموتى

حقل القصب.. جنة المصريين الموعودة

كما سبق وذكرنا، لم يكن الموت في مصر القديمة سوى انتقال أو عبور إلى جزء آخر من رحلة المرء الأبدية، فبعد المحاكمة التي تجريها له الآلهة في محكمة الموتى، إذا كان الميت محظوظاً فسينتهي به المطاف في الجنة، التي تخيلها المصريون على أنها حقل واسع من القصب أطلقوا عليه اسم “آرو”.

آرو، أو حقل القصب هو تصور مثالي عن الحياة في العالم الآخر، حيث يستعيد المرء كل ما فقده في حياته الدنيا، ولا يوجد أي شكل من أشكال الألم أو الحزن أو العذاب أو الفراق، ولا يوجد تهديد بالموت، إذ يعيش المرء حياة أبدية في حقل القصب.

وحسبما تخيّل المصريون، يقع حقل القصب في الشرق البعيد، إذ كانوا يعتقدون أنه في مكان ما حيث تشرق الشمس، ويبدو حقل القصب ذاك شبيهاً إلى حد بعيد بدلتا النيل، وكما يوحي اسمه فهو يحتوي على حقول هائلة من القصب تمتد على مرأى البصر إلى ما لا نهاية.

بدأ المصريون بالإيمان بجنتهم الموعودة تلك منذ القدم، لكن الفكرة تبلورت تماماً في عصر الدولة الوسطى، أي ما بين 2040-1782 قبل الميلاد، وتطور التصور الكامل لحقل القصب في عصر الدولة الحديثة، أي ما بين 1570-1069 قبل الميلاد.

ورغم الاعتقاد الشائع بأن المصريين القدماء كانوا مهووسين بفكرة الموت، لدرجة أنهم أعدوا الكثير من التحضيرات لاستقباله، فإن العكس هو الصحيح، فقد أدرك المصريون القدماء جمال الحياة وسحرها، ولم يرغبوا أن تنتهي أبداً، لذلك تصوروا عالماً مماثلاً للحياة التي أحبوها وأطلقوا عليه اسم “حقل القصب”.

اقرأ أيضا: حركات بهلوانية على الطريق.. “سيلفي” ينهي حياة مصري وزوجته

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى