هل تستمر دول الخليج على “الحياد” إذا طالت الحرب بين إيران وإسرائيل؟

فرضت العمليات العسكرية المتصاعدة بين إيران وإسرائيل واقعًا جديدًا على منطقة الخليج العربي، التي تضم عددًا من القواعد العسكرية الأمريكية، مما يضع دول الخليج في موقف صعب رغم تصريحاتها الرسمية بالحياد وإدانة العدوان الإسرائيلي والدعوة إلى التهدئة ووقف إطلاق النار.
هل تفرض هذه المواجهات على دول الخليج التخلي عن حيادها التقليدي والانحياز إلى أحد طرفي النزاع، مما يجعلها طرفًا في الصراع، أم أنها ستظل متمسكة بمواقفها الثابتة لتجنب الانجرار إلى أزمات جديدة؟
في هذا السياق، يرى الخبير العسكري السعودي اللواء عبد الله غانم القحطاني أن دول مجلس التعاون الخليجي تتبنى موقفًا “حياديًا إيجابيًا” يدعو إلى التهدئة وتفادي المزيد من التصعيد. وأوضح أن دول الخليج تحافظ على علاقات متوازنة مع إيران والدول الكبرى، لكنها لا تعتبر إسرائيل حليفًا أو صديقًا بالمستوى الذي يؤثر على مصالحها.
وأشار القحطاني في حديثه لـ”سبوتنيك” إلى أن الضغوط الخارجية لن تجبر دول الخليج على اتخاذ مواقف تتعارض مع مصالحها الوطنية، مشددًا على أن وحدة الشعوب الخليجية مع قياداتها تمنع انقسامها في هذه القضايا الحساسة.
وأكد أن مواقف دول المجلس والمملكة العربية السعودية واضحة وثابتة، حيث تدعو إلى وقف الحرب وتدين الهجمات على إيران، مع التأكيد على أن الصراع يظل بين طهران وتل أبيب، وأن مواقف الخليج من الملف النووي الإيراني معلنة سلفًا ولن تتغير.
واستعرض الخبير العسكري تحديات تقدير المواقف من طرفي النزاع، معتبرًا أن إسرائيل تملك دعمًا دوليًا قويًا يساعدها على تقييم الأوضاع بشكل دقيق، بينما يرى أن إيران تواجه صعوبة في قراءة تطورات الصراع بشكل صحيح، مستعرضًا تجارب بعض الفصائل الإقليمية التي تكبدت خسائر كبيرة نتيجة مواقفها.
في السياق نفسه، حذر الدكتور مختار غباشي، الأمين العام لمركز الفارابي للدراسات السياسية، من أن وجود قواعد عسكرية أمريكية في دول الخليج يجعلها هدفًا محتملاً للصواريخ الإيرانية في حال تصاعد الصراع، خاصة إذا قررت واشنطن الدخول المباشر في المعركة.
وأشار إلى أن إيران تمتلك خططًا واضحة لضرب هذه القواعد، التي تضم آلاف الجنود، مشيرًا إلى أن أي ضربات قد تؤدي إلى تداعيات سلبية كبيرة على دول الخليج، بالإضافة إلى خطر إغلاق مضيق هرمز، وهو ممر حيوي لتجارة النفط والغاز العالمي.
واختتم غباشي تحليله بالتأكيد على أن الوضع في المنطقة مرشح للتدهور في ظل تصاعد سياسة الردع الإيرانية ضد إسرائيل، والتي أصبحت تلحق أضرارًا متزايدة على الأراضي الإسرائيلية.
من جهته، أعلن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي، عن تفعيل مركز إدارة الطوارئ في المجلس لمتابعة تطورات المواجهات بعد تعرض منشآت نووية إيرانية لهجمات إسرائيلية، مؤكدًا أهمية اتخاذ إجراءات وقائية دقيقة للحفاظ على الأمن البيئي والإشعاعي في المنطقة.
وشدد البديوي على أن دول المجلس ترفض التصعيد العسكري وتدعو إلى الحوار ووقف إطلاق النار، محذرًا من أن استمرار التصعيد قد يؤدي إلى عواقب خطيرة على البنية التحتية الحيوية وسلاسل الإمداد والتجارة في المنطقة.
تأتي هذه التطورات بعد أن شنت إسرائيل، فجر الجمعة الماضية، ضربات جوية استهدفت منشآت عسكرية ونووية إيرانية، أسفرت عن مقتل عدد من كبار القادة والعلماء الإيرانيين، فيما ردت إيران بإطلاق مئات الصواريخ على أهداف داخل الأراضي الإسرائيلية في إطار عملية أطلقت عليها اسم “الوعد الصادق 3”.
هذه المواجهات المتصاعدة تضع المنطقة أمام تحديات جسيمة تتطلب جهودًا دولية وإقليمية لاحتواء التصعيد وحماية استقرار الخليج والشرق الأوسط.
سبوتنيك عربي