الاخبار

ملفّ المقاتلين الأجانب يتصدّر: دمشق لا تجد حلّاً

يُعد ملف المقاتلين الأجانب في سوريا أحد أكثر التحديات تعقيدًا التي تواجه الحكومة الجديدة بقيادة أحمد الشرع. ففي الوقت الذي تسعى فيه الإدارة إلى دمج هؤلاء المقاتلين ضمن مؤسسات الدولة، تزداد الضغوط الدولية، وخاصة من الجانب الأميركي، للمطالبة بإقصائهم عن المشهد السياسي والعسكري، بل وترحيلهم كأحد شروط تخفيف العقوبات المفروضة على دمشق.
مخاوف محلية ودولية تتصاعد

أثار الحديث عن احتمال منح هؤلاء المقاتلين الجنسية السورية، وتعيين بعضهم في مناصب عسكرية عليا، حالة من القلق داخل المجتمع السوري، خصوصاً بعد تقارير تحدثت عن تورط بعضهم في مجازر الساحل. وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية دقيقة، تشير التقديرات إلى أن عددهم يتراوح بين 3,000 و5,000 مقاتل، معظمهم متمركزون في المناطق الجبلية الساحلية، بعد دخولهم إلى سوريا ابتداءً من عام 2015 للمشاركة في إسقاط نظام بشار الأسد.
الحكومة تتجاهل الانتقادات

رغم الانتقادات الموجهة إلى الحكومة، لم تتخذ خطوات واضحة لمعالجة هذا الملف الحساس. تصريحات الرئيس الشرع السابقة حول “استحقاق المقاتلين الأجانب للمكافأة” أثارت جدلاً واسعًا، خصوصًا بعد تلميحه إلى إمكانية إدماجهم في الجيش الجديد أو منحهم الجنسية السورية.

وفي الوقت الذي تحاول فيه الحكومة التقليل من شأن تأثيرهم، بالإشارة إلى أن عددهم قليل ولا يشكل تهديداً داخلياً أو على الدول الصديقة، يرى مراقبون أن القضية قد تتحول إلى قنبلة موقوتة في حال استمرار تجاهلها.
محللون: المقاتلون الأجانب عقبة في طريق الاستقرار

المحلل السياسي علي ثابت جديد وصف في حديث لصحيفة الأخبار هذا الملف بأنه من “أعقد الملفات التي تظهر بعد انتهاء الحروب الأهلية”، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي، وبخاصة الولايات المتحدة، يعتبر المقاتلين الأجانب تهديدًا طويل الأمد للأمن الإقليمي والدولي، وهو ما أكده أكثر من مسؤول أمريكي.

وأضاف جديد أن المخاوف المشروعة تجاه هؤلاء المقاتلين تعززت بعد منحهم رتبًا ومواقع متقدمة داخل المؤسسة العسكرية، في وقت تعاني فيه البلاد من هشاشة أمنية واضحة، ما يجعل السيطرة عليهم أمراً بالغ الصعوبة بالنسبة للقيادة العسكرية الجديدة.
تداعيات إقليمية وخيارات ضاغطة

ورأى جديد أن الموقف الأمريكي في هذا الملف صارم، ويتجلى في رفض واشنطن المتكرر لانضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد الإرهاب، رغم محاولات الوساطة المختلفة.

من جهة أخرى، أشار إلى أن إسرائيل تتابع الوضع في سوريا من منظور جيوسياسي بحت، وقد استخدم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في أكثر من مناسبة الملف السوري كذريعة لإعادة رسم خريطة المنطقة. وأضاف أن تل أبيب قد تستغل ملف المقاتلين الأجانب كأداة ضغط لتبرير تدخلاتها وتحقيق مصالحها على الأرض، متجاوزة أي حوار سياسي أو تفاوضي.

خلاصة المشهد

مع تصاعد الجدل الداخلي وتزايد الضغوط الدولية، يبدو أن الحكومة السورية أمام خيارين لا ثالث لهما: إما حسم ملف المقاتلين الأجانب بطريقة شفافة تلبي مطالب الداخل والخارج، أو المجازفة باستمرار حالة اللااستقرار التي قد تعرقل أي جهود لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها.

التيار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى