الاخبار

في مواجهة “ثاد” كيف تخطط إيران لاختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية؟

أعلنت الولايات المتحدة عن نشر وحدات من نظام الدفاع الصاروخي “ثاد” في إسرائيل، مع إرسال قوات أميركية للمساعدة في تشغيله. يأتي هذا القرار في إطار جهود واشنطن لتعزيز الدفاعات الجوية الإسرائيلية بعد الهجمات الصاروخية الإيرانية التي وقعت في أوائل أكتوبر/تشرين الأول الجاري. ووصف المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) هذه الخطوة بأنها جزء من التعديلات التي أجراها الجيش الأميركي مؤخراً لدعم إسرائيل.

هذا ليس أول انتشار لنظام “ثاد” في الشرق الأوسط، إذ سبق أن تم نشره في إسرائيل عام 2019 كجزء من تدريبات مشتركة. لكن توقيت هذا الانتشار الآن يأتي في ظل توتر متزايد حول الرد الإسرائيلي المحتمل على الضربة الإيرانية، وهو ما قد يدفع إيران للتصعيد بشن ضربات أقوى، ما يضيف ضغوطًا على أنظمة الدفاع الإسرائيلية.

تعزيز الدفاعات الإسرائيلية
نظام “ثاد” (Terminal High Altitude Area Defense) هو منظومة دفاع صاروخي أميركية مصممة لاعتراض الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى خلال المرحلة النهائية من مسارها، بمدى يصل إلى 200 كيلومتر وارتفاع يبلغ 150 كيلومتراً. يعتمد هذا النظام على تقنية “الضرب للقتل”، حيث يدمر الصاروخ المستهدف عبر الاصطدام به باستخدام الطاقة الحركية، دون الحاجة إلى رأس حربي متفجر. كما يتضمن راداراً متطوراً يُمكّن من اكتشاف وتتبع الصواريخ الباليستية بسرعة وبدقة.

ورغم أن نظام “ثاد” ليس جزءاً أساسياً من منظومة الدفاع الإسرائيلية الحالية، فإن إسرائيل تمتلك شبكة دفاع جوي متعددة الطبقات، حيث كل طبقة مسؤولة عن اعتراض تهديدات معينة على ارتفاعات ومسافات مختلفة. من بين هذه الأنظمة “القبة الحديدية” التي تتعامل مع التهديدات قصيرة المدى، و”مقلاع داود” للصواريخ متوسطة المدى، و”سهم” (أرو) لاعتراض الصواريخ الباليستية خارج الغلاف الجوي.

نشر “ثاد” في إسرائيل يساعد على توسيع نطاق الحماية ضد التهديدات الباليستية الإيرانية، التي شهدت تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، لا سيما في دقتها وقوتها التدميرية. تشير تقارير إلى أن الهجوم الإيراني الأخير تضمن استخدام صواريخ استطاعت التغلب على الدفاعات الإسرائيلية في بعض المناطق، وهو ما يبرر الحاجة لدعم إضافي مثل “ثاد”.

الصواريخ الإيرانية
تعتبر الصواريخ الباليستية إحدى الركائز الأساسية في ترسانة إيران العسكرية، وهي مصممة للسير في مسار باليستي يبدأ بمحرك يدفعها إلى الغلاف الجوي ثم تنحرف نحو هدفها بدقة. ورغم عدم وجود إحصاءات دقيقة حول أعداد الصواريخ الباليستية الإيرانية، تشير تقديرات إلى أن إيران تمتلك أكثر من 3,000 صاروخ، بعضها مزود بأنظمة توجيه متقدمة مثل “فاتح-313″ و”قيام-1”.

لقد ركزت إيران بشكل كبير على تحسين دقة وفعالية صواريخها، بالإضافة إلى تطوير تقنيات الإطلاق السريع باستخدام الوقود الصلب، مما يمنحها مرونة أكبر في العمليات العسكرية السريعة. كما عملت إيران على تطوير صواريخ كروز والطائرات المسيرة الهجومية، ما يعزز من قدراتها على تنفيذ ضربات معقدة تتحدى أنظمة الدفاع الجوي.

تكتيكات الهجوم الإيرانية
تعتمد إيران في مواجهتها لأنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية على تكتيك “الإغراق”، أي إطلاق عدد كبير من الصواريخ دفعة واحدة لتشتيت الدفاعات. فحتى أنظمة متقدمة مثل “القبة الحديدية” و”مقلاع داود” لها حدود في قدرتها على التصدي لأعداد كبيرة من الصواريخ في وقت قصير.

تشير التقديرات إلى أن حزب الله يمكنه إطلاق آلاف الصواريخ يوميًا في حال اندلاع حرب شاملة، ما يضع أنظمة الدفاع الإسرائيلية تحت ضغط هائل. وفي هجمات أصغر، كما حدث مؤخرًا، تمكنت إيران من إغراق بعض المناطق بالدفاعات الصاروخية، ما استدعى تدخلاً أميركياً لتعزيز تلك الدفاعات.

المستقبل والتحديات
مع تطور قدرات إيران في مجال الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، إلى جانب تكنولوجيا الطائرات المسيرة، تواجه إسرائيل تحديات متزايدة في تأمين دفاعاتها الجوية. تطوير إيران لصواريخ فرط صوتية، مثل “فتاح”، يضيف بعدًا جديدًا إلى هذه المواجهة، حيث تستطيع هذه الصواريخ تجاوز سرعة الصوت بخمس مرات والتسلل عبر أنظمة الرادار بسهولة، ما يترك وقتًا قصيرًا جداً للتصدي لها.

في حال تصاعد التوترات، قد تختبر إيران منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية عبر هجمات متزامنة باستخدام أنواع مختلفة من الصواريخ والطائرات المسيرة، مما يشكل اختبارًا حقيقيًا لقدرة هذه المنظومات على التصدي لمثل هذه التهديدات المتطورة.

الجزيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى