اقتصاد

هل يعكس الموسم السياحي الممتاز تعافي الأوضاع الاقتصادية للسوريين؟

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

انتشرت في الآونة الأخيرة، على وسائل التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو تُظهر الإشغال الكبير في المطاعم والشاليهات في سورية، وتزامنت هذه المشاهد مع تصريحات حكومية تفيد بموسم سياحي ممتاز، وارتفاع نسب إشغالات الفنادق والمطاعم بشكل كبير.
هذه المعطيات أثارت تساؤلات لدى الكثيرين حول ما إذا كانت هذه الظواهر تشير إلى تحسن في أوضاع المواطنين الاقتصادية، خاصة في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار والفقر المتزايد.
فما الحقيقة وراء هذه الإشغالات، وهل هي فعلاً مؤشر على تعافي جيوب السوريين؟
إشغالات الفنادق والمطاعم
يعتقد الدكتور شفيق عربش، الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، أن نسب إشغالات الفنادق لا تعكس بالضرورة رفاهية السوريين.
وأوضح أن المقيمين في سورية لا يلجؤون إلى الفنادق إلا عند السفر إلى محافظات أخرى لبضعة أيام.
أما بالنسبة للمطاعم، فإن إشغال جميع الكراسي ثلاث مرات في اليوم من قبل أشخاص مختلفين يُقدر عدد مرتادي المطاعم بنحو 750 ألف شخص يومياً، وهو ما يشكل حوالي 6% من إجمالي سكان سورية. وهذا يعني أن نحو 6% فقط من السوريين يتمتعون بأمان غذائي، بينما 94% منهم إما مهددون بفقدانه أو فاقدون له بالفعل.
الأماكن الشعبية والمطاعم الفاخرة
وأشار عربش إلى أن هناك العديد من أماكن الإطعام الشعبية التي تصنفها وزارة السياحة ضمن المطاعم، والتي يرتادها عادة الأشخاص ذوو الدخل المحدود أو القادمون من المحافظات الأخرى لأغراض مؤقتة مثل الطبابة.
في المقابل، توجد مطاعم باهظة الثمن تصل تكلفة تناول الطعام فيها إلى 300 ألف ليرة للشخص الواحد، وهي تكلفة تفوق قدرة أي موظف حكومي عادي، مما يشير إلى أن مرتادي هذه المطاعم هم غالباً من أصحاب النفوذ أو الفاسدين، ولا يمثلون الغالبية العظمى من السوريين.
الواقع السياحي ومشاكل التكلفة
يرى عربش أن الحديث عن موسم سياحي ممتاز يقتصر على خيال المسؤولين عن قطاع السياحة.
وأوضح أن انتقال أي عائلة سورية من دمشق إلى المناطق الساحلية يكلف حوالي مليون ليرة، بالإضافة إلى أن أجرة الغرفة في بعض الفنادق خلال فترة العيد بلغت مليون ليرة لليلة الواحدة، مما يجعلها غير ميسورة التكلفة لمعظم السوريين.
واعتبر أن النظرة إلى أوضاع السوريين من منظور إيجابي ضيقة للغاية ولا تعكس الواقع بشكل شامل.
تأثير القادمين من الخارج
وفيما يتعلق بتأثير السوريين العائدين خلال عطلة عيد الأضحى على حركة الأسواق، أكد عربش أن التأثير كان ضئيلاً، حيث انخفض عدد الأضاحي في دمشق إلى 100 ألف مقارنة بـ500 ألف في العام الماضي، كما انخفض سعر الخروف الحي من 90 ألف ليرة إلى 73 ألف ليرة خلال فترة العيد.
كذلك، شهدت الحلويات انخفاضاً في الطلب بنسبة 30% مقارنة بفترة عيد الفطر، مع ارتفاع أسعارها إلى حوالي 550 ألف ليرة للكيلوغرام الواحد.
وتزامن ذلك مع خلو أسواق دمشق من الزبائن خلال عطلة العيد، مما يعكس التراجع الاقتصادي وتأثير الأوضاع المعيشية الصعبة على السكان.
خلاصة
تظهر الإشغالات العالية في الفنادق والمطاعم في سورية صورة مضللة عن الواقع الاقتصادي للسكان.
فعلى الرغم من المؤشرات التي قد تبدو إيجابية، إلا أن نسبة صغيرة فقط من السوريين تستفيد من هذه الظروف، بينما يعاني الغالبية العظمى من تدهور الأوضاع المعيشية.
لذا، فإن الحديث عن تعافي جيوب السوريين من خلال موسم سياحي ممتاز ليس سوى نظرة ضيقة لا تعكس الواقع الحقيقي.
سينسيريا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى