اخبار ساخنة

من ملفات حكم العدالة: الزوجة الخائنة تنتقم من زوجها القاتل بعد.. موتها!

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

الجريمة الكاملة هي الجريمة المستحيلة ، إذ ما من جريمة يستطيع الفاعل أن يخفي وراءه كل معالمها مهما خطط لها وحبك خيوطها بحنكة ودراية وذكاء لا لشيء إلا لأن العدالة هي الأقوى والأذكى ، وعلّ في قصة هذا الملف الذي تعود أحداثه إلى نهاية التسعينات ما يؤكد هذه المقولة.
قصد مكتب المحامي وفق موعد مسبق.. وحين اجتمع إليه استأذنه أن يغلق باب الغرفة بإحكام لخصوصية الموضوع وسريته ، ثم بدأ حكايته منذ أن تعرف عليها وأحبها وأعجب بها.. ثم كيف تقدم إلى خطبتها وتزوجها ومضى على زواجهما قرابة العشر سنوات ، وكيف أنه بدأ يلاحظ عليها في الفترة الأخيرة انصرافها عنه ولا سيما في تفاصيل العلاقة الحميمية ، الأمر الذي حفزه إلى مراقبة سلوكها ، فأخذ يراقب تحركاتها واتصالاتها بدقة أكثر ووضع جهاز تسجيل متطوراً للتنصت على جهاز الهاتف ، لا يمكن أن يلحظه إلا الذي وضعه بالذات وكانت الكارثة الحقيقة ، حين حملت له أشرطة التسجيل أكثر مما كان يبحث عنه ، أحاديث صريحة ومفضوحة بينها وبين أصدقائه الحميمين تكشف ليس عن علاقة عاطفية فحسب ، بل وجنسية أيضاً ترجع إلى ما قبل سنتين ومن خلال لقاءات تتم في منزله لا بل وعلى فراش الزوجية..!
ولما سأله المحامي بلهفة وفضول.. وماذا كانت ردة فعلها..؟ أجاب: إنها لا تعرف إنني أعرف.. فهي لا تزال تمثل دور الزوجة الوفية.. وأنا في المقابل أمثل دور الزوج المخدوع..ثم استدرك وقال: ولكني خبئت الأشرطة خارج المنزل كي لا تصل يدها إليها.
عاد وسأله المحامي: وماذا تنوي فعله الآن… الطلاق..؟
وهنا انتفض الرجل وصرخ : طلاق…؟ هل تريدني أن أطلقها حتى تصبح حرّة في ما تفعل ..إنني أريد أن أجرها إلى المحاكم.. أريد أن أفضحها وأفضح أهلها.. وأفضح شريكها بالجرم.. بالمختصر أريد أن أمسح بهما الأرض. أخذ المحامي يهدأ من روعه ويفهمه أن الفضيحة التي يسعى إليها.. تسيء إليه بقدر ما ستسيء إليها وإلى شريكها.. وأن العاقل من كتم إهانة نفسه وليأخذ حُسبة الله ، ثم الأهم أين الدليل على ما تقول..؟
عندها فغر الرجل فاه دهشة وعجباً وقال : في حوزتي أشرطة التسجيل.. ألم أقل لك ذلك قبل قليل..؟ هز المحامي رأسه بأسى.. وأجابه: ياصاحبي القضاء لا يقبل في أدلة الإثبات التسجيل الصوتي.. وبالتالي فإن دعواك التي تفكر بإقامتها ستكون خاسرة حتماً.
بعد فترة دخلت مكتب المحامي سيدة حسناء ترافقها والدتها تريد توكيله في دعوى طلب التفريق من زوجها ولم تترك الزوجة وأمها أية صفة سيئة إلا ألصقتها بالزوج ، وبشيء من الإستيضاح أدرك المحامي أن هذه الامرأة هي زوجة ذاك الرجل الذي جاءه منذ فترة ( صاحب أشرطة التسجيل ) وقد حدثته نفسه كثيراً أن يخبر الزوجة بما يعرف.. ولكن سر المهنة منعه وانصرفت الامرأتان على أن تعودا في وقت لاحق ومعهما الأوراق الثبوتية التي طلبها المحامي لضرورات الدعوى.
بعد أسابيع قليلة عادت أم الزوجة إلى مكتب المحامي ولكن بمفردها هذه المرة وقد اتشحت بالسواد حداداً واتضح أن المتوفى إبنتها التي قُتلت…! وجاءته تشكو ببطء السير بالتحقيق الذي لم يتوصل بعد إلى معرفة الفاعل.
( الجريمة الغامضة )
في صباح اليوم التالي كان المحامي يزور رئيس النيابة في مكتبه ويخبره أنه وكيل جهة الادعاء الشخصي ويريد أن يطلع على آخر ما وصل إليه التحقيق .. ودُهش حين عرف أن الزوجة القتيلة لم تكن وحدها بل كان معها قتيل آخر والذي زاد في دهشة المحامي أن جهة الادعاء الشخصي كانت ممثلة في الدعوة في شخص الزوج..!
ومن خلال أوراق التحقيق ، علم المحامي أن أم الزوجة حضرت إلى ابنتها.. ولما إستغربت ألا تفتح لها إبنتها الباب وهي تعلم أنها لم تغادر المنزل قصدت الجيران تستوضح منهم إن تركت لها ابنتها خبراً عندهم.. ولكن الجيران أخبروها أنهم لم يروها .. وأن بائع الحليب جاء قبل ساعتين تقريباً ولم تفتح ، الأمر الذي دعاه أن يترك الحليب عندهم ليغلوه كي لا يفسد بانتظار عودتها.. وبينما هم في هذا الحوار أمام باب الدار وإذ بصوت استغاثة خافت يصدر من داخل بيت ابنتها… صوت واهن يكاد لا يسمع وفجأة توقف الصوت فتم استدعاء الشرطة التي اكتشفت الجريمة.
حين حضر طاقم التحقيق وجد في الدار جثة الزوجة وقد وصلت في زحفها إلى وراء باب الدار كما وجدوا في الداخل جثة رجل غارق في لجّة من الدم ، وتبين أن الرجل مصاب بطلق ناري في جبهته ومن مسافة متر واحد تقريباً.. والزوجة بطلق آخر جاء في صدرها أصاب الشريان الأبهر ما أدى إلى نزيف صاعق لم يمهلها كثيراً.. كما وجد طاقم التحقيق المسدس مرمياً على مسافة قريبة من جثة الرجل.
جاء تقرير المخبر الجنائي يؤكد وجود بصمات كل من القتيلين الرجل والزوجة على قبضة المسدس وعلى نحو يتفق مع الإمساك به، الأمر الذي دفع برجال التحقيق إلى الظن والتخمين أن يكون كل منهما أطلق النار على الثاني من مسدس واحد ، وأنه هو أطلق النار أولاً.. فارتمت وترنحت وانتزعت المسدس من يده بعد عراك وهي تنزف وأطلقت عليه النار.. فأصابته في جبهته ، ولكن بقي السؤال الذي يُبحث له عن إجابة ما هي أسباب هذه الجريمة ..؟. ثم من هو هذا القتيل ..؟ ما هي صفته..؟
جاء في إفادة الزوج أن القتيل هو واحد ممن يعرفهم سابقاً.. وقد فاجأه أن يداهم منزله ولا توجد أية عداوة أو خصومة سابقة معه ويُرجح أنه دخل داره لأحد احتمالين إما للسرقة وإما للاعتداء على زوجته وإنه لم يسبق له أن شك في سلوك زوجته يوماً.
ولما سئُل الزوج أين كان وقت زمن وقوع الجريمة..؟ أفاد أنه سافر صباح ذاك اليوم إلى حلب بالطائرة وأوصله إلى المطار صهره زوج اخته الذي أكد الرواية بكل حذافيرها.
الاحتمال الذي وصل إليه طاقم التحقيق من أن كلاً من الزوجة والرجل أطلق النار على الآخر كان الأقرب إلى المنطق وسيكون هذا الاحتمال أساساً في طي ملف التحقيق لولا أن المحامي طلب التريث بانتظار الأيام القليلة القادمة التي تحمل أخباراً جديدة تغير مجرى التحقيق ، وكانت المفاجأة أن الزوج جاء إلى مكتب المحامي ليوكله في هذه الدعوى كطرف منضم إلى جانب حماته في الادعاء ظناً منه أن المحامي سيبادر متحمساً إلى قبول هذا التكليف سيما وأن الزوج أخرج من جيبه حزمة من الأوراق النقدية وضعها على الطاولة كدفعة أولى.
وكم كانت خيبته كبيرة حين اعتذر المحامي عن قبول التوكيل.
أدرك الزوج أن اعتذار المحامي عن قبول الوكالة يخفي وراءه مالا يسر الخاطر.. كما أدرك المحامي أن مبادرة الزوج إلى توكيله ليست لقناعته بكفاءته بقدر ما هي لأمر آخر ستظهر الأيام القريبة سره.
قصد المحامي مكتب شركة الطيران وسأل عن أسماء المسافرين إلى حلب على الشركة السورية للطيران بتاريخ الجريمة نفسه ، فلم يجد اسم الزوج على قائمة المسافرين على الرغم من أنه سبق واشترى بطاقة سفر ذهاباً و إياباً.
( الإعتراف المفاجأة)
حمل المحامي الأوراق من الشركة تؤكد هذه الحقيقة وأسرع إلى رئيس النيابة ، وما إن دخل مكتبه حتى فاجأه رئيس النيابة بقوله لقد حضر الزوج منذ قليل واعترف وجاء اعترافه على النحو التالي:
كنت مزمعاً السفر إلى حلب فعلاً ، ولكن ولسبب ما عدلت عن السفر وعدت إلى منزلي على غير توقع لأشاهد زوجتي وعشقيها على فراش الزوجية ، الأمر الذي أفقدني عقلي وتراني فلم أجد نفسي إلا وقد أمسكت المسدس وأطلقت النار عليهما… ومن ثم تراءى لي أن أطمس معالم ما فعلت.
هذه الحكاية جاءت تفصيلاً على قياس نص المادة 548 من قانون العقوبات ( قبل إلغاءها ) والتي كانت تنص حينها على أن :
(( يستفيد من العذر المحل من فاجأ زوجه أو أحد أصوله…الخ فأقدم على قتله أو إيذاءه بغير عمد… )) وبالتالي وفي حال ثبوت تفاصيل هذا الاعتراف فالزوج سيستفيد من العذر المحل من العقوبة ويخلى سبيله فوراً… وأيقن المحامي أن الزوج استشار محامياً آخر بعد خروجه من مكتبه وقد رتب هذا الاعتراف بعد أن شعر أن أمره سيفتضح ، وخصوصاً أن القتيل ليس كما ادعى الزوج بأنه يعرفه معرفة عابرة ، بل هو صديق حميم له.
ويؤكد كل ذلك الصور الفوتوغرافية التي تحتفظ بها أم الزوجة ، وكان السبب إخفائها لهذه الصور أن تبعد الشبهة غير الأخلاقية عن ابنتها ولم تدر أنها تخفي الدليل على جريمة صهرها.
( دليل ناقص وآخر كامل)
حمل المحامي الصور الفوتوغرافية وكلها مأخوذة في مطاعم وفنادق الدرجة الأولى وفي كثير منها تظهر الزوجة وهي تراقص عشيقها وفي تشابك وارتماء متبادل غير مألوف يكشف عن حميمية العلاقة ولكن هل الصور كافية لقلب المعادلة وكشف كذب الزوج…؟
لم يقتنع رئيس النيابة بما حملته الصور وقال: الصور وحدها لا تكفي لاسيما أن هذه الصور كانت مخبوءة في منزل أم الزوجة الأمر الذي يؤكد عدم علم الزوج المخدوع بهذه الصور.
عاد المحامي إلى مكتبه محبطاً يقلب في أوراق الملف ويستعيد في ذهنه الحوارات التي دارت بينه وبين الزوج وتذكر ما سبق وقاله له: إنني أخفيت تلك الأشرطة الصوتية من المنزل ، فهذه الأشرطة تكشف علم الزوج بعلاقة القتيلين والجريمة، وضمن نطاق هذا التصور، وهي نوع القتل العمد الذي يسبقه تصميم والعقوبة فيه الإعدام والفارق بين العذر المحل والإعدام كبير.
في اليوم التالي كان المحامي يلحّ على رئيس النيابة أن يبادر إلى اتخاذ قرار بتفتيش مكتب الزوج وتحت وطأة الإلحاح، قرر الأخير تفتيش مكتب الزوج الذي استحضره من سجن عدرا ليتم أمامه وبحضوره.
وخلال التفتيش الدقيق عثر رئيس النيابة وفي مكان خفي على مجموعة أشرطة كاسيت محتواها لا يدع مجالاً للشك أن الزوج كان يعلم بعلاقة زوجته ومنذ زمن بعيد الأمر الذي يؤكد النية المبيتة وينسف حكاية المفاجأة ، وأمام سماع هذه الأشرطة انهار الزوج على الفور واعترف بجريمته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى