اخبار ساخنة

هل يعود ملوك وأثرياء العالم لارتداء “البروكار الدمشقي” من جديد؟

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

تشهد سوريا عودة متسارعة لتربية دودة القز المنتجة لخيوط الحرير، بعد أن تضررت هذه الصناعة بشكل كبير بسبب الحرب والهجرة والظروف الاقتصادية الصعبة.

تُشتهر دمشق تاريخيًا بصناعة البروكار الدمشقي المصنوع من خيوط الحرير والذهب والفضة. وكان ملوك وأغنياء العالم يرتدون البروكار في المناسبات كرمز للفخامة والمكانة الرفيعة.

تعود صناعة الحرير في سوريا إلى القرن الأول الميلادي، وازدهرت بشكل خاص في عهد الملكة زنوبيا في تدمر. مع مرور الوقت، أصبحت سوريا رائدة عالميًا في إنتاج وصناعة الحرير.

من المعروف أن الملكة البريطانية إليزابيث الثانية كانت من عشاق البروكار الدمشقي، وطلبت القصر الملكي الحصول على هذا القماش من السفارة السورية في لندن لتصميم ثوب زفافها. عندما ارتدت الثوب في حفل زفافها عام 1947، لفتت الأنظار بجماله المطرز.

عودة صناعة الحرير

تعرضت صناعة الحرير في سوريا لعدة تحديات أدت إلى تراجعها، منها الحروب المحلية والعالمية، الأزمات الاقتصادية، واحتكار الحكومة للصناعة منذ عام 1963، بالإضافة إلى ظهور الحرير الصناعي.

ورغم شبه انقراض دودة القز السورية، تعمل الحكومة اليوم على استيراد البيوض من الهند وتشجيع المربين عبر القروض المالية، بهدف إعادة الحرير المحلي إلى السوق العالمية.

يقول رئيس غرفة زراعة دمشق، محمد جنن، لـ”إرم نيوز”: “استوردنا 100 علبة بيض من دودة الحرير، وقدمناها بسعر رمزي وتشجيعي للمربين، وتحوي كل علبة 30 ألف بيضة”.

وأضاف أن المواسم المقبلة ستشهد زيادة في استيراد السلالات المحسنة من دودة القز بهدف إنتاج الحرير الأبيض والأصفر.

ورغم وجود العديد من الصعوبات أمام إعادة الحرير السوري إلى واجهة الأسواق العالمية، فإن تجذر هذه الصناعة في الأرياف وخبرات العائلات المتوارثة قد يساعد في انتعاشها خلال فترة قصيرة.

تتوزع مراكز تربية دودة القز في مدن حمص، حماة، اللاذقية، وطرطوس. وتعمل وزارة الزراعة على تقديم الاستشارات والخبرات للمربين الجدد، مع الأمل في استرجاع مجد الحرير السوري كقماش مفضل للملوك والأثرياء.

نظرة تاريخية

تقول الكاتبة مايا الشامي في كتابها “الحرير السوري.. صورة لإرث ثقافي حي”: “أُصبتُ بالذهول عندما تعرفت إلى عائلةٍ في جبال سوريا الغربية لا تزال تبدع شالاتٍ جميلة من الحرير منذ أكثر من أربعة أجيال حتى اليوم.

إنها صناعة تراثية يجب الحفاظ عليها”.

وأضافت الشامي: “صناعة الحرير تنقسم إلى عدة حرف، فالشرانق تحتاج لصنع الخيط الحريري، ويحتاج الخيط لنسج القماش. يبيع النساجون الأقمشة مباشرة أو يرسلونها للصباغة، وأحيانًا تُصبغ الخيوط أولاً.

هذه العمليات منفصلة، ولكل منها حرفيون متخصصون”.

قبل الأزمة في سوريا، كانت 16 قرية سورية تربي دود القز، وكان حجم الإنتاج طنين من الشرانق مقارنةً بـ 360 طنًا في عام 1970. تعمل الأسرة بكاملها في العمل الموسمي المكثف، حيث تتأثر الديدان الحساسة بالمبيدات.

تقول الشامي: “بالتوازي مع أنشطة تربية دودة القز في القرى، يُنتج الحرفيون في المدن كدمشق أقمشة البروكار الفريدة باستخدام الخيوط المعدنية وخيوط الحرير، معتمدين على تصاميم عمرها قرون”.

وتتميز كل مدينة سورية بميزة فريدة في صناعة الحرير. تضيف مايا: “يبتكر صباغو حلب مربعات حريرية مزركشة بأشكال متناظرة بالأبيض والأحمر والأسود.

في حمص وحماة، يبدع النساجون الأقمشة المخططة التقليدية. تُنتج الحرفيات فساتين تُصبغ بطريقة الضم والربط المدعوة بالـ’مصَرْصَرْ’.”

في “باب شرقي” بدمشق، يمكن رؤية لافتات تاريخية تشير إلى المصانع القديمة، مثل “معمل نسيج أنطون إلياس مزنر، تأسس عام 1890″، مما يعكس تاريخًا طويلًا من نسج الحرير في الشام القديمة.

صناعة الحرير.. تقاوم!

تُعد مدينة الدريكيش من المدن السورية الشهيرة بصناعة الحرير، لكن معملها الشهير توقف عن العمل منذ عام 2009، رغم إعلان الحكومة في عام 2017 عن خطة من ثلاث مراحل لإعادته للإنتاج.

بدأ التدهور الأخير في صناعة الحرير في بداية التسعينيات بسبب انخفاض الجدوى الاقتصادية وارتفاع تكاليف تربية دود القز، إلى جانب الاتجاه لاستيراد الحرير الصناعي.

يقول المهندس الزراعي علي إسماعيل لـ”إرم نيوز”: “صعوبات تربية دود القز تتلخص في توفير أوراق التوت في الوقت المناسب، والمعاناة في سرعة التسويق، حيث يجب أن يتم البيع خلال 10 أيام قبل أن يتلف الإنتاج”.

أعلنت وزارة الزراعة عن توزيع أكثر من 150 ألف غرسة من أشجار التوت بسعر رمزي على المربين، إلى جانب تقديم الدعم بالخبرات والمعدات بشكل مجاني تقريبًا. من المتوقع أن تسهم هذه الجهود في إعادة الحرير السوري إلى الواجهة العالمية قريبًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى