الاخبار

هدايا أمريكية مجانية.. كيف استفاد بوتين من الحرب الإسرائيلية على غزة؟

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

عكست الحرب على غزة الصورة، وباتت الولايات المتحدة هي الدولة التي تساهم في قتل المدنيين واختراق القانون الدولي عبر مساعدتها لإسرائيل، وهي نفس الاتهامات التي كانت توجه لبوتين منذ بداية الحرب الأوكرانية في 24 فبراير/شباط 2022 ،وبالنسبة لروسيا فإن الحرب الإسرائيلية على غزة لها فوائد عدة بعضها سياسي واستراتيجي وبعضها أخلاقي ودعائي وبعضها عسكري صرف, حسب ورد في تقرير لموقع NPR.

يشكل الشرق الأوسط منطقة ذات أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا، وبعد الحرب الأوكرانية عززت علاقتها بإيران أكثر من ذي قبل، كما أنها عززت علاقتها خلال السنوات الماضية منذ نهاية الربيع العربي بدول الخليج ومصر بشكل غير مسبوق منذ عقود، إضافة لعلاقتها الوثيقة التقليدية مع الجزائر وسوريا.

كما أن موسكو لديها علاقة طويلة مع حماس, وزارت وفود حماس موسكو العام الماضي وهذا العام.

حتى إن بعض الأصوات في الغرب أبدت شكوكاً في أن يكون الكرملين قد لعب دوراً في الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وقال سفير إسرائيل لدى موسكو، ألكسندر بن تسفي، لصحيفة كوميرسانت هذا الأسبوع: “لا نعتقد أن روسيا متورطة بأي شكل من الأشكال”، مضيفاً أنه “محض هراء”، حسبما ورد في تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية “BBC”.

على الرغم من أن الأنظمة الروسية الصنع شقت طريقها إلى قطاع غزة، ربما عبر سيناء المصرية وبمساعدة إيرانية”، إلا أننا “لم نرَ أي دليل على دعم روسي مباشر لحماس وهذا الهجوم – لناحية التخطيط والأسلحة والتنفيذ، حسبما تقول هانا نوت، المحللة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS، وهو مركز أبحاث في واشنطن”.

وأضافت “لنكن واضحين: المساعدة الروسية لم تكن ضرورية”، حسبما نقل عنها تقرير لموقع فرانس 24.

ووفقاً لعربي بوست فقد حافظت روسيا وإسرائيل على علاقة وثيقة رغم اختلاف تحالفاتهما، فعلى سبيل لم تعترض روسيا يوماً طريق الطائرات الإسرائيلية وهي تقصف الأهداف في سوريا.

في المقابل، إسرائيل حرصت على عدم إغضاب روسيا وتجنبت للانضمام للحملة الغربية ضدها في ظل علاقة شخصية قوية بين بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وحرص الطرفين على التنسيق العسكري في سوريا.

ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا، لم تسلم المصانع العسكرية الإسرائيلية أي أسلحة لقوات كييف، رغم ضعوط واشنطن، وكانت أوكرانيا تتطلع بشكل خاصة للقبة الحديدية الإسرائيلية.

ويقول ديمتري مينيك، من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية: “لقد نجح الكرملين حتى الآن في إبقاء (إسرائيل) خارج الحرب في أوكرانيا، ويود ألا تكون هذه الدولة القوية عسكرياً داعماً إضافياً لأوكرانيا”.

في المقابل، يبدو أن إسرائيل بدورها رغم غضبها من موقف بوتين، لا تريد فقدان العلاقة القوية مع روسيا، حيث قيل إنها رفضت طلباً من الرئيس الأوكراني لزيارتها لإبداء ما وصفه بالتضامن معها ضد المقاومة الفلسطينية.

ولكن بوتين لم يصف هجمات حماس بالإرهابية, وهذا الموقف “يدل على التغيير في أولوياته السياسية”، وحقيقة أنه يخاطب الآن الرأي العام المؤيد للفلسطينيين في الشرق الأوسط ونصف الكرة الجنوبي، على ما تؤكد هانا نوت، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

وهذا قد يكون له تأثير كبير في المستقبل على العلاقة بين روسيا وإسرائيل.

منذ بداية الاحاث, صورت روسيا أمريكا باعتبارها المذنب الرئيسي في الشرق الأوسط هو طريقة الكرملين لتعزيز مكانة روسيا في المنطقة على حساب واشنطن.

وبينما تحظى روسيا تاريخياً بشعبية أكبر بكثير من الولايات المتحدة والغرب في المنطقة.

حجم الذي خلفته الغارات العنيفة التي تشنها إسرائيل ضد غزة خلال أيام معدودة يبدو أكبر من الدمار الذي تسببه الغارات الروسية ضد أوكرانيا، وهذا يظهر أن الغرب وحشيته أكبر من تلك التي يتهم بها موسكو، وكانت هذه الوحشية المزعومة محور للدعاية الغربية المحرضة ضد بوتين والداعمة لأوكرانيا، وهذا يحطم السردية الغربية عن التزامه بحقوق الإنسان والقانون الدولي مقابل انتهاك روسيا لهما.

تعيد روسيا بفضل هذه الحرب تقديم نفسها كنصير لحركات الاستقلال والقوى النامية المستضعفة ضد الدول الاستعمارية الغربية ،وتظهر الحرب ازدواجية المعايير الغربية حتى لو حاول الغرب إنكار ذلك.

إذ يحاول الغرب بشكل مثير للسخرية تشبيه حماس بروسيا وإسرائيل بأوكرانيا، وهذا ما قاله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ولكن المغالطة واضحة، فإسرائيل تحتل الأراضي الفلسطينية، وهذا ما قاله دبلوماسيون فلسطينيون لوسائل إعلام غربية هل من حق الأوكرانيون الدفاع عن أنفسهم وتحرير أراضيهم وليس من حق الفلسطينيين.

ويقول نائب مدير المرصد الفرنسي الروسي، إيغور دولانويه:  يشير إيغور دولانويه إلى أن “الانتقام الإسرائيلي من غزة يتسم بسيل من النيران، ما سيسلط الضوء بلا شك على ما يمكن اعتباره معايير مزدوجة في رد الفعل الغربي على استخدام القوة”.

كما أن الممارسات القمعية بحق العرب والمسلمين المتعاطفين مع فلسطين، بما في ذلك منع التظاهر وتجريم رفع علم فلسطين، تمثل ضربة قاصمة لسردية الديمقراطية الغربية تجعله لا يبدو مختلفاً كثيراً عن الاستبداد الروسي.

تحاول روسيا تعزيز دورها في الشرق الأوسط من خلال تصوير نفسها كصانع سلام محتمل، و لقد قامت بهذا الدور من قبل، وانضمت إلى الجهود الدولية السابقة لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي في المنطقة.

وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس بوتين: “يمكن لروسيا أن تلعب دوراً في حل الصراع وستفعل ذلك”. “نحن نحافظ على اتصالات مع أطراف الصراع.”

وفي زيارة لموسكو هذا الأسبوع، دعا رئيس الوزراء العراقي الرئيس بوتين إلى “الإعلان عن مبادرة لوقف حقيقي لإطلاق النار” في المنطقة.

مع تصاعد أعمال العنف في الشرق الأوسط التي تهيمن على أجندة الأخبار الدولية، تعول موسكو على العناوين الرئيسية المثيرة القادمة من إسرائيل لتحويل الانتباه عن الحرب الروسية في أوكرانيا، حسبما ورد في تقرير هيئة الإذاعة البريطانية “BBC”.

ويقول نائب مدير المرصد الفرنسي الروسي، إيغور دولانويه: “إن هجوم حماس يساهم بفعل العواقب المترتبة عنه، في استنزاف الاهتمام الغربي العام بأوكرانيا”.

ويوضح ألكسندر غابويف، من مركز كارنيغي الأمريكي، أن “هذا الصراع يعد بمثابة نعمة لروسيا، لأنه يصرف الكثير من الاهتمام الموجه من قبل الولايات المتحدة والغرب لأزمة أوكرانيا”، مشدداً على أن الإدارة الأمريكية تعتزم تخصيص الكثير من الوقت للأزمة الحالية في الشرق الأوسط، أقله حتى الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

وانتصار الجمهوريين من شأنه أن يخدم مصالح بوتين، لأن بعضهم يسعى لإعادة النظر في المساعدات الأمريكية لكييف.

كما أن الموضوع الإسرائيلي حساس للغاية في أوساط اليمين الأمريكي؛ مما يجعل ذلك الدعم المقدم لإسرائيل أولوية عن أوكرانيا.

عبرت وزيرة خارجية لاتفيا وغيرها من مسؤولي دول أوروبا الشرقية عن القلق من احتمال من أن الولايات المتحدة تفقد اهتمامها بأزمة أوكرانيا.

ويسعى الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى تهدئة هذه المخاوف. وقال مؤخراً إن القيادة الأمريكية تجمع العالم معاً.

وتلمح جوليان ليندلي فرينش التي تترأس شبكة غير رسمية من خبراء السياسة الخارجية إلى أنه إذا قررت أمريكا تشجيع التصعيد على الجبهتين فإن الثمن الذي ستدفعه سيكون باهظاً للغاية بالفعل.

لكن الأمر لا يتعلق فقط بتغيير ترتتيب نشرات الأخبار، إذ تأمل السلطات الروسية أيضاً أنه نتيجة للوضع في الشرق الأوسط، ستتم إعادة توجيه بعض إمدادات الأسلحة الغربية من أوكرانيا إلى إسرائيل، وهذا ما بدأ بالفعل.

ذلك أن الدعم الغربي لأوكرانيا سوف يتراجع، وفقاً لمعهد دراسة الحرب الأمريكي.

وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن خلال اجتماع لوزراء دفاع حلف شمال الأطلسي: “يمكننا أن نقف إلى جانب إسرائيل وسنقف إلى جانبها، حتى كما نقف إلى جانب أوكرانيا”.

ولكن الصراع المطول في الشرق الأوسط سوف يختبر قدرة أمريكا على دعم حليفين في حربين منفصلتين في وقت واحد.

وقال الدبلوماسي الروسي كونستانتين جافريلوف لصحيفة إزفستيا: “أعتقد أن هذه الأزمة ستؤثر بشكل مباشر على مسار العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا”.

“سوف يتشتت رعاة أوكرانيا الغربيين بسبب الصراع في إسرائيل. وهذا لا يعني أن الغرب سوف يتخلى عن الأوكرانيين.

لكن حجم المساعدات العسكرية سوف ينخفض، وقد يتحول مسار العملية بشكل حاد لصالح روسيا، حسب قول الدبلوماسي الروسي”.

وبالتأكيد قد يتأثر تزويد أوكرانيا بالأسلحة والذخائر الأمريكية في ظل الدعم المفتوح لإسرائيل، ولكن سيكون تأثيراً محدوداً إلى متوسط، ولكن سيتحول إلى مشكلة بالنسبة لكييف في حال توسع الصراع ليشمل حزب الله أو انضم إليه قوى مثل الحشد الشعبي العراق والحوثيون في اليمن، وسيزداد الأمر سوءاً بالنسبة لأوكرانيا إذا تورط أمريكا في الصراع بشكل مباشر، حيث ستصبح الأولوية الكاملة في الذخائر والأسلحة للحرب في الشرق الأوسط.

وطلب الرئيس الأمريكي جو بايدن مبلغاً إضافياً قدره 61 مليار دولار لأوكرانيا و14 مليار دولار لإسرائيل، على الرغم من أن الحصول على موافقة الكونغرس سيكون صعباً خاصة بالنسبة لأوكرانيا.

يمكن أن تستخدم إيران وروسيا الحرب بين إسرائيل وحماس لتعزيز واحد أو أكثر من أهدافهما الاستراتيجية، بما في ذلك تطوير صناعة الدفاع السورية، ونقل الأسلحة إلى سوريا ومحاولة طرد الولايات المتحدة من هناك، وهو هدف ألمحت إليه البلدان مراراً.

ويقول معهد دراسات  الحرب الأمريكي- إنه يمكن أن تعزز طهران أيضاً برنامجها النووي ، وتسارعت الشراكة بين إيران وروسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، وشراء روسيا لأسلحة إيرانية، لاستخدامها في الحرب ضد كييف.

بينما قد تستفيد روسيا من حدوث توتر او صراع بين حلفاء وإيران والولايات المتحدة، لإشغال الأخيرة عن دعم أوكرانيا، ولكن دخول إيران الصراع وتعرضها لهزيمة قد يكون خسارة كبيرة لموسكو، خاصة أنه في ظل تورطها في حرب طويلة مع أوكرانيا تبدو غير قادرة على تزويد طهران بأسلحة متطورة.

اليوم كسبت روسيا والصين موضعاً في القلوب العربية، في المنطقة الأهم في العالم التي تتحكم في المواصلات والطاقة وتشرف على أهم ثلاثة مضائق في العالم وهي هرمز وباب المندب وجبل طارق ومعهم قناة السويس، المنطقة التي تجاور أوروبا، وتشاركها في المتوسط، والتي تمثل خاصرة الاتحاد الأوروبي الرخوة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى