الاخبار

لماذا أصرّت تركيا على انتخاب هادي البحرة رئيساً للائتلاف وما علاقة الروس؟

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

منذ أن تم  تأجيل الانتخابات للائتلاف المعارض، والتي كان يفترض أن تجري في تموز/يوليو، لاختيار رئيس جديد للمؤسسات مع ثلاثة نواب وأمين عام، بالإضافة إلى أعضاء الهيئة السياسية ،بدأ الترويج لتسليم هادي البحرة منصب رئيس الائتلاف خلفاً لسالم المسلط المنتهية ولايته، بعد أن كانت التوقعات تشير إلى رغبة أنقرة بترشح اللواء سليم إدريس لهذا المنصب.

لكن المروّجين لهادي البحرة، وهم كتلة ما يُعرف بالـ (جي- فور) بالإضافة لكتلتي المجلس التركماني ومجلس العشائر، وكذلك كتلة المجلس المحلية، وجميعها يهيمن عليها رئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى، كثفوا من التمهيد للبحرة، باعتباره (خياراً تركياً) في هذه المرحلة.

وحسب وكالات الأنباء فطيلة الشهرين الماضيين التزمت أنقرة الصمت كعادتها حيال الترتيبات الانتخابية في مؤسسات المعارضة، ولم يصدر عن أي مسؤول تركي تصريح بهذا الخصوص، بينما كانت تجري اتصالات بين المسؤولين عن الملف السوري في وزارة الخارجية وجهاز الاستخبارات التركية، وبين الشخصيات الرئيسية في الائتلاف.

و مهّدت الاتصالات الأرضية بالفعل لخيار تنصيب البحرة، لكن رغبة المعارضين لهيمنة الـ (جي- فور) وعبد الرحمن مصطفى بعرقلة ذلك، أحدثت بعض الاضطراب، حيث وحّد كل من (نصر الحريري الرئيس الأسبق للائتلاف، وربا حبوش نائبة الرئيس المنتهية ولايتها، وهيثم رحمة الأمين العام، بالإضافة لنذير الحكيم وعبد الإله الفهد)، جهودهم بمواجهة كل من بدر جاموس، وهادي البحرة، وعبد الأحد اصطيفو، وأنس العبدة، الذين يشكلون كتلة (جي- فور) المتحالفة مع عبد الرحمن مصطفى، من أجل إفشال وصول البحرة لرئاسة الائتلاف.

ثلاثة أسلحة استخدمها فريق المعارضة لتحقيق هذا الهدف، أولها إرسال مجموعة إيميلات إلى البريد الرسمي للهيئة العامة للائتلاف، من أجل حشد أكبر عدد من الأعضاء ضد البحرة، مع تسريب هذه الرسائل إلى وسائل الإعلام، بهدف لفت انتباه الرأي العام، على أمل إثارة ضجة شعبية وإعلامية تمنع ذلك.

الوسيلة الثانية التي لجأ إليها المعارضون، تمثلت بحشد شخصيات بارزة في المعارضة السورية، على علاقة بتركيا وقطر والولايات المتحدة، من أجل دعم موقفهم في عرقلة وصول هادي البحرة لمنصب الرئيس مجدداً، لكن كان من الواضح أن استقرار الرأي في أنقرة على هذا الخيار حدّ من أثر هذه الوسيلة أيضاً.

وعليه لم يبقَ أمام هؤلاء سوى استخدام السلاح الأخير الممكن، حيث تمّ التوافق فيما بينهم على ترشيح هيثم رحمة بمواجهة هادي البحرة، على أمل أن تسهم العلاقات القديمة التي تجمع رحمة بالمسؤولين الأتراك، وتحديداً وزير الخارجية الحالي هاكان فيدان، في وضع حد للمسار الذي كان يقترب من نهايته.

وبالفعل أثبت هذا السلاح فاعليته بخلط الأوراق، حيث كانت الحكومة التركية تريد إظهار الائتلاف بأنه مجمع على اختيار البحرة، بينما أبلغ رحمة ممثلين عن الحكومة والاستخبارات، خلال لقاء وفد الائتلاف بهم في أنقرة يوم الخميس قبل الماضي، نيته الترشّح للرئاسة.

في حين تكشف مصادر من الائتلاف أن المسؤولين الأتراك بدوا متفاجئين من موقف رحمة، وخاصة أن كل التقارير لديهم كانت تؤكد التوافق على البحرة كمرشح وحيد، لكنهم مع ذلك لم يظهروا انزعاجاً كبيراً، وطلبوا من الوفد العمل على التوافق.

إلا أنه وعلى مدار اليومين الأخيرين اللذين سبقا الانتخابات التي جرت يوم الإثنين الماضي، كثف مسؤولون من الخارجية والمخابرات التركية لقاءاتهما مع أعضاء الائتلاف، بمقرّه في إسطنبول، من أجل ثني هيثم رحمة عن قرار ترشحه، وإقناع الجميع بالموافقة على وصول هادي البحرة لمنصب الرئيس بالتزكية.

وبالفعل، تراجع رحمة في اللحظات الأخيرة عن ترشحه لمنافسة هادي البحرة، مقابل احتفاظه بمنصبه كأمين عام للائتلاف، بينما أعلن المرشّح لمنصب نائب الرئيس حافظ قرقوط عن استقالته قبل ساعات من الانتخابات، قبل أن يتبعه اللواء سليم إدريس بقرار الاستقالة بعد الانتخابات بساعات.

اللواء المنشق إدريس كان، وحتى اللحظات الأخيرة التي سبقت إطلاق مسار التطبيع بين تركيا ودمشق، في أيلول/سبتمبر الماضي 2022 الخيار الأول بالنسبة لأنقرة من أجل خلافة سالم المسلط في رئاسة الائتلاف، لكن منذ ذلك الحين بدأ البحث عن مرشح آخر، حيث حاول عبد الرحمن مصطفى الاستفادة من تغيّر التوجّه التركي، لفرض مرشح تابع له هو جهاد مرعي، رئيس مجلس العشائر السوري.

لكن يبدو أن هادي البحرة أصبح الخيار الذي لم يكن له منافس لدى أنقرة بالفعل، حيث تكشف مصادر عدة من داخل الائتلاف أن الأتراك أبلغوا العديد من أعضاء وقادة المؤسسات أنهم يريدون البحرة من أجل هذه المرحلة.

سؤال كبير يرجّح البعض أن تكون مرحلة المصالحة بين مؤسسات المعارضة الرسمية مع الحكومة السورية، وخاصة أن كل المعترضين على تسلم البحرة حقيبة رئاسة الائتلاف، حاولوا إقناع الجانب التركي بأن وضعه في هذا المنصب يمكن أن يفجّر الأمور داخل المؤسسات وفي أوساط الرأي العام، لكن مع ذلك أصرّت أنقرة عليه، كما فعلت عندما أصرت على أن يبقى بدر جاموس رئيساً لهيئة التفاوض.

ويتوقع هؤلاء أن تكون تركيا قد تعهدت للجانب الروسي بتهيئة هذه المؤسسات من أجل الوصول لاتفاقية المصالحة، وأنها بعد التمديد لجاموس في رئاسة هيئة التفاوض، كان لا بد لها من تعيين هادي البحرة في رئاسة الائتلاف.

بينما لا يوجد أي ضرورة لإحداث تغيير فيما يخص رئاسة الحكومة المؤقتة، ليكون الرؤساء الثلاثة موافق عليهم من قبل الروس، الذين يضعون فيتو على الكثير من الشخصيات المعارضة في هذه المؤسسات وخارجها، ويرفضون أي إشراك أو حضور لهم في المفاوضات مع دمشق، باعتبارهم من “الصقور” كما ترى موسكو، بينما تنظر بعين الرضا إلى رؤساء المؤسسات الثلاث الحاليين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى