الاخبار

طريق إردوغان ممهد… السلطة إلى الأبد

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

بدأ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استعداداته للانتخابات البلدية التي ستجرى العام القادم ، وذلك باستنفار كل إمكانيات الدولة والإعلام الموالي له لتكرار انتصار أيار/مايو، عبر الفوز في البلديات الكبرى التي فاز فيها حزب “الشعب الجمهوري” في انتخابات 2019 وأهمها إسطنبول وأنقرة اللتان حكمهما حزب “العدالة والتنمية” لمدة 25 عاماً.

وقد ساعدت زعيمة الحزب “الجيد” ميرال أكشينار الرئيس التركية عبر قرارها عدم التحالف مع “الشعب الجمهوري” في الانتخابات المقبلة، ليساعد ، حيث يستعد إردوغان لهدف أكبر ألا وهو تغيير الدستور، وهذا ما أعلن عنه قبل أيام.

إذ تتحدث المعلومات عن احتمالات تأييد أكشينار لمشروع إردوغان الجديد في إطار صفقة سياسية، وهو ما فعله مع الأحزاب التي كسبها إلى جانبه في الانتخابات الماضية، ما دامت جميعها “يمينية ومحافظة ومتدينة وقومية وأحياناً عنصرية”. وكان زعماؤها في السابق من ألدّ أعداء إردوغان حالهم حال أكشينار التي سبق لإردوغان أن هددها وتوعدها في أكثر من مناسبة.

ويتوقع البعض تكرار مثل هذا الصفقة إن تحققت بين إردوغان وكل من علي باباجان وأحمد داود أوغلو اللذين سبق لهما أن انشقا عن “العدالة والتنمية”، وتمردا ضد إردوغان وقال كل واحد ضد الآخر ما لا يقال في علم السياسة والاجتماع والنفس.

وفي جميع الحالات، سواء تحققت هذه الصفقات أو لم تتحقق، فإن ما يسعى إليه إردوغان هو تغيير الدستور برمّته وصوغه من جديد وفق مزاجه الخاص، كما هي الحال في معظم دول الشرق الأوسط والعالم الإسلامي بحيث تخدم أجهزة الدولة أجندات الزعيم وأهدافه فقط.

ووفقاً لموقع الميادين نت فقد استغل الرئيس إردوغان محاولة الانقلاب الفاشل في 15 تموز /يوليو 2016 بعد أن طرد مئات الآلاف من اتباع الداعية فتح الله غولن وأنصاره من جميع مؤسسات الدولة وأجهزتها، ثم أحال سلسلة من التعديلات الدستورية إلى الاستفتاء الشعبي في ظروف طارئة، ما ساعده على تمرير هذه التعديلات التي غيّرت النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي ليصبح الحاكم المطلق للبلاد بلا منافس ومنازع.

كما لم تبالِ المفوضية العليا للانتخابات باعتراض أحزاب المعارضة على عملية الفرز والعدّ، بعد أن اعتمدت اللجان الانتخابية نحو 2.5 مليون بطاقة اقتراع غير مختومة بختم المفوضية، وكانت جميعها لصالح التعديل الذي حظي بتأييد 52،5% من أصوات المواطنين.

ورفضت المفوضية أيضاً اعتراض المعارضة على موافقتها للرئيس إردوغان لترشيح نفسه للمرة الثالثة في الانتخابات الأخيرة، وهو ما يمنعه الدستور الذي يحدد الفترة الرئاسية بمرتين فقط. ومن دون أن تبالي المفوضية أيضاً باعتراض المعارضة والمواطنين على انتخاب إردوغان رئيساً للجمهورية باعتباره لا يحمل شهادة جامعية وهو ما يشترطه الدستور أيضاً.

كل هذه المعطيات والتطورات يبدو أنها تشجع الرئيس إردوغان في مشروعه الأكبر والأهم لتغيير الدستور بأكمله؛ ليضمن له هذه المرة البقاء في السلطة إلى الأبد ما دام على قيد الحياة. وتشير المعارضة إلى مساعي الرئيس إردوغان للمصالحة مع عدوه اللدود السيسي، وعلاقته الشخصية بالرئيس بوتين، وتقول إنه يسعى للاستفادة من تجاربهما في تغيير الدستور وهو ما فعله السيسي وبوتين للبقاء في السلطة حتى العام 2034 و2036.

وتضيف المعارضة أن ما يسعى إليه إردوغان هو إعادة انتخابه من جديد في انتخابات 2028 لولايتين جديدتين كل منهما خمس سنوات على ان لا تحسب الفترات الثلاث السابقة ليبقى في السلطة حتى العام 2038 وحينها سيكون عمره 84 عاماً، هذا بالطبع إن سمحت الظروف الصحية له بذلك، إذ سبق أن أصيب بداء السرطان في القولون.

ومع استمرار هذه الأحاديث على الصعيدين السياسي والشعبي، لا يهمل بعض الأوساط الرهان على اسم المرشح لخلافة إردوغان، وقد يكون صهره سلجوك بيرقدار، زوج ابنته سمية، التي يرشحها البعض لخلافة والدها. ومن دون أن يعني كل ذلك أن البقاء في السلطة هو هدف الرئيس إردوغان الوحيد، بل هناك أجندات أخرى في حساباته، وأهمها التخلص من الفكر العقائدي للجمهورية العلمانية التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك والتي تستعد للاحتفال بذكرى ميلادها المئوية في 29 تشرين الأول/أكتوبر المقبل.

وجاءت أحاديث الأوساط الدينية المقربة والموالية لإردوغان يومياً عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل عن ضرورة إقامة نظام ديني يعتمد على الشريعة الإسلامية لتمهد الطريق أمام الرئيس إردوغان لطرح أفكاره للنقاش خلال الإعداد للدستور الجديد، على أن يتخلص من بنوده الأربعة الأولى وأهمها تلك التي تؤكد علمانية الدولة التركية.

وهو ما يتناقض مع سياسات إردوغان في الخارج، إذ وعد السعودية ومصر والإمارات بالابتعاد عن الحركات الإسلامية العربية وغير العربية (وهو ما لم يفعله في سوريا وليبيا) في الوقت الذي أطلق فيه العنان للمشايخ والتكايا والزوايا الدينية لدعمه في مساعيه لأسلمة الأمة والدولة الدينية، ومن دون إهمال الجانب القومي التركي لهذه المساعي، وذلك لشحن الشعور القومي لأنصاره وأتباعه في كل انتخابات، أو خلال أي أزمة داخلية وخارجية، كما فعل ذلك في الانتخابات الأخيرة.

ويبقى الرهان على موقف الشعب التركي الذي لا يدري أحد هل وكيف (لم يشهد التاريخ التركي والعثماني برمّته أي ثورة شعبية) سيتصدى لمشاريع إردوغان ليس فقط للبقاء في السلطة بل التخلص من النظام العلماني. ويعرف الجميع أنه من دون هذا النظام ستجد تركيا نفسها في صراع سياسي واجتماعي وفكري وعقائدي وقومي وديني سيخلق لها الكثير من المشكلات العويصة، التي ستكون من دون شك لصالح إردوغان في غياب المعارضة السياسية والشعبية، بعد أن أحكم إردوغان سيطرته على جميع مؤسسات الدولة ومرافقها وأجهزتها، وأهمها الجيش الذي كان سلاح العلمانيين وهو الآن في خدمة إردوغان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى