الاخبار

“الناتو” يحشد قواته حول مدينة كالينينغراد الروسية: هل اقتربت اللحظة الحاسمة؟

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

يتناول المراقب السياسي في صحيفة “كومسومولسكايا برافدا” المسكوفية يفغيني أومرينكوف مسألة بدء حشد حلف شمال الأطلسي (الناتو) قواته في دول البلطيق بالقرب من مقاطعة كالينينغراد الروسية.

وأعلن وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، الاثنين الماضي، خلال زيارة إلى فيلنيوس، أنّ ألمانيا ستنشر 4000 جندي إضافي في ليتوانيا على المدى الطويل من أجل تعزيز الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي.

المعلقون الغربيون يصفون هذه الخطوة بأنّها “مسيرة بطيئة نحو حربٍ مُباشرة مستقبلية مُحتملة بين الناتو وروسيا”.

على الحدود مع كالينينغراد الروسية، يُعزز الغرب باستمرار إمكاناته العسكرية في جمهوريات البلطيق المنضوية منذ مدّة طويلة حلف (الناتو). فما هي سمات التعزيزات الجديدة؟

وقال الخبير السياسي المتخصص بمنطقة البلقان ألكسندر نوسوفيتش إنني “لا أعتقد أنّ أربعة آلاف جندي ألماني إضافي على أراضي ليتوانيا سيزيدون نوعاً ما التهديد على كالينينغراد، لكن هذه مجرّد خطوة أخرى نحو صراعٍ عسكريٍ خطير منتظر في دول البلطيق”.

وأضاف نوسوفيتش إنّ ذلك يتزامن مع نشر منظومات صواريخ “هيرماس” بالقرب من غدانسك. هي خطوات متتابعة واحدة تلو الأخرى، وفي النهاية يجب أن يكون هناك نوع من لحظة حاسمة، وبعدها ستبدأ إما عملية التقليص العكسي أو الصدام العسكري المباشر.

وأردف بقوله: “لا أرى أيّ خياراتٍ أخرى، لأنّ كل من بولندا وليتوانيا لا تتوقفان، بل تزيدان تدريجياً الضغط على حدود منطقة كالينينغراد، فهناك ينتشر الأميركيون، والآن الألمان، والفرنسيون سبقوهم كذلك. هذا التركيز للقوات على جانبي الحدود، يجب أن ينتهي بشكلٍ سيء للغاية”.

– لكن ذلك بالطبع ليس توجهاً مباشراً لبولندا وليتوانيا، أليستا مجرّد أداة لتنفيذ خطط كبار الشركاء؟

– المبادرة مبادرتهما. لكن كان يمكن أن تتبخر مقترحاتهما في الهواء، وألا يهتم حلفاؤهما بها. لكن مع ترحيب الدول الرائدة في (الناتو) بهذه المبادرة، فمن الواضح أن هذه ليست سوى ذريعة لمتابعة سياسة الحلف العسكرية في منطقة بحر البلطيق، وهي فرصة جيدة لتبرير مجيء الأميركيين من بلادهم الواقعة ما وراء البحار إلى المنطقة ليفعلوا ما يفعلونه.

من الصعب الاختلاف مع ألكسندر نوسوفيتش في أن التعزيز المستمر للقدرات العسكرية على الحدود مع كالينينغراد محفوف بصدام عسكري مباشر.

إنّ خيار حدوث نوع من الوفاق في المستقبل المنظور غير مرئي على الإطلاق. إنّ ثبات الولايات المتحدة، كقائد رئيس لحلف الناتو، في مسألة خلق إمكانات عسكرية على الحدود مع روسيا للعدوان عليها هو ببساطة أمر مذهل.

كم هو عجيبٌ النفاق الذي يمارسه الأميركيون على حدودنا منذ عشرين عاماً حتى الآن. ذكر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ذات مرة أنه في عام 2004، عند قبول انضمام دول البلطيق في الناتو، أكد لنا الغربيون أنه عبر الانضمام إلى الحلف، سيشعرون “بالحماية” من روسيا و”الهدوء”.

لكن كان الأمر واضحاً منذ مدّة طويلة، فالسبب ليس من أجل “هدوء” الأنظمة الإثنوقراطية في البلطيق، فقد قبلت في التحالف الغربي، لتحويلها إلى بؤرة مواجهة مع روسيا. قبل بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة كان الغرب يتذمر فقط من أن دول البلطيق بحاجة إلى “الحماية” من “عدوان موسكو”، لأن الحرب العالمية الثالثة، كما يدعون، ستبدأ مع الغزو الروسي لـ “ديمقراطية البلطيق”.

كما أنّهم عززوا نسبة رهاب روسيا لدى سكان البلطيق والبولنديين حتى اختمر، كما نرى، قد انتشر في أوروبا بشكلٍ كثيف. في هذه المرحلة، لا يحتاج الأميركيون حقاً إلى قول أيّ شيء، فقط أطلقوا سراح كارهي روسيا البلطيقيين المحقونين بالشرور، على الرغم من أنّهم بالكامل تقريباً كانوا في يوم من الأيام كانوا نشطاء في الأحزاب الشيوعية المحلية أو في منظمات الشبيبة اللينينية.

صحيح، يمكن للمرء أن يُفسّر “مبادرة” نشر آلاف الجنود الألمان في ليتوانيا والمخاوف التي تمّ التعبير عنها بالفعل في الغرب. فالآن، قسم من قوات “فاغنر” يغادر إلى بيلاروسيا، وهذا يُشكّل تهديداً لليتوانيين أنفسهم وللبولنديين. حسناً، فلندعهم يخافون. الخوف، كما أظهر استقلال دول البلطيق، هو الشغف السياسي الرئيس لدى الليتوانيين واللاتفيين، ما يسمح لهم بتقديم أنفسهم لشركائهم الكبار كضحية حتمية لـ “المعتدين الروس”، مُتوسلين المساعدة والدعم بشكلٍ دائم.

هنا، للمناسبة، يمكن فهم هاجس ساسة دول البلطيق. فهم، مثل رفاقهم الأكبر سناً، قلقون للغاية بشأن “ممر سوالسكي”، وهو ممرٌ بري افتراضي يصل طوله إلى نحو مئة كيلومتر، يمكنه أن يربط أراضي بيلاروسيا بمقاطعة كالينينغراد.

إذا سيطرت روسيا وبيلاروسيا على هذا “الممر”، وهو أمر ممكن تماماً من وجهة نظر عسكرية، فإن منطقة البلطيق بأكملها ستكون في “مرمى النيران”. لذا، فلندع الألمان، الذين أحضروا جنودهم إلى ليتوانيا، يفكرون في الأمر أيضاً. ومع ذلك، إذا كان حلف (الناتو) “يسير ببطء نحو حرب مباشرة مع روسيا”، فلن يوقفهم ذلك.
الميادين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى